شاهدُ عيان يروي أنه شاهد
النائب العام حيا يترجل من سيارته عقب انفجار السيارة الملغومة، في حين أظهرت مشاهد أخرى لصور حيَّة من مكان الحادث جثة الرجل على مقربة من مكان التفجيرات وهو مسجى على الأرض يسيل الدم من وجهه وبطنه فقط، بينما خرج مصدر أمنيّ لم يصرح باسمه ليقول إن النائب العام خرج من التفجيرات سليما إلا أنه -وبناء على توجيهات من حرسه الخاص- نزل من السيارة التي يستقلها عائدا إلى بيته فداهمته سيارةُ نقل كانت محملة بالأسمنت.
كل تلك الروايات المتناقضة تلقي بظلال كثيفة من الشك حول مكان وزمان وكيفية
اغتيال نائب عام الانقلاب، كما تشير بأصابع الاتهام إلى تورط الجهات التي تدفع بتلك المتناقضات إلى الرأي العام، والتي تدل - بطريق اللزوم - على كذب مروجيها وتلفيقهم، وإلا فما هي مصلحتهم في الكذب على الناس وتضليلهم بهذا الشكل المتناقض الفج؟
ارتباك شديد وتخبط أشد أدى إلى إطلاق صور للواقعة أشبه بحكايات " أبو لمعة " الشهيرة التي كانت تحوي قدرا هائلا من الفانتازيا المضحكة، فكيف -وفقا لرواية المصدر الأمني المجهول- أن تتفق الصورة التي ساقها للواقعة مع ما التُقِط للجثة من صور في مكان الحادث ؛ حيث ظهرت الجثة سليمة إلا من آثار لقليل من الدماء على الرأس والبطن بحيث لا يمكن أن تكون تلك الإصابات وليدة اصطدام سيارةِ النقل بالمتوفى وإلا لتخلف عن الحادث تشوه وتمزق للجثة بالكامل وخروج للأحشاء من البطن، وغير ذلك مما يمكن تصوره عقلا نتيجة لتلك الصورة المدعاة، ثم أين هي تلك السيارة؟ وكيف عرف المصدر أنها كانت محملة بالأسمنت؟ ولماذا الأسمنت بالذات؟ لماذا لم تكن محملة بالمانجو مثلا؟ وكيف يترك الحرس النائب العام ليترجل وحده عائدا إلى بيته في ظل تلك الظروف ويبقى أفراده في أماكنهم، بالطبع فإن هذا غير مطروح ما لم يكن هناك تواطؤ على قتله.
ومن ناحية أخرى تضاربت التصريحات حول تحديد الإصابات ما بين كسور بالأنف والكتف - وكأن العبوة الناسفة أخرجت لكمات وركلات بدلا من الشظايا - إلى نزيف داخلي حادّ نتيجة دخول عدد من الشظايا إثر الانفجار إلى كبد المتوفى مما أودى بحياته، وتلك النتيجة الأخيرة تتناقض مع رواية شاهد العيان ومع رواية المصدر الأمني؛ حيث تُظهِر أن الرجل لقي حتفه نتيجة تعرضه للشظايا التي نجمت عن انفجار العبوة الناسفة وليس لسبب آخر من الأسباب التي طُرِحَت، فكيف وأين ومتى مات الرجل؟ ومن قتله؟ لا أحد يعلم إلا من قتله؟ فلماذا لا يتصل اللواء عباس بالقاتل ليسأله كيف قتل أم تراه نسي؟