إذا أُعدِم الرئيسُ - لا قدَّر الله - فإنه لن يكون من بين الذين تركوه يُقتَل بالبطء لمدة سنتين مضتا بديلٌ عنه ، إنهم شركاء في قتله بأخطاء ترقى إلى مرتبة العمد مَثَلُهم كمثل من قتله بالفعل ، فلا براءة لهؤلاء ولا لهؤلاء ، الجميع في الإثم سواء غير أن الساكتين أشد إثما بنقضهم العهد و هدمهم البيعة .
بدأ البعض - بالفعل - الإعداد من الآن لمرحلة ما بعد
مرسي و شرعوا في تقسيم تركته وحصر أسماء ورثة عرشه لاستخراج إعلام وراثة شرعي بدفنه حيّا ، وها هي الأسماء تُطرحُ طلبا للبيعةِ خلفا له، بل تُعرضُ على مرسي ذاته في محبسه للموافقة عليها، لكن البطل يأبى أن يُورَّث حيّا .
إن مبرر هؤلاء يتحصل في أنه بقتل مرسي ستنهمر الدموع التي تحجرت في عيون الناس أسفا عليه، وسيخلق ذلك - في قلوبهم - تعاطفا ومودة وقربى مع الذين ينادون بأنفسهم أنهم من شيعته، وفي الحقيقة هم من أسلموه إلى قتلته لاسترداد عرشه بدعوى إرث، كتبوا صحيفتها وأودعوها قلم كتاب محكمة الاستهبال العليا، إنهم يذكرونني بالأحمق الذي قتل أباه ليحلف برحمته .
إلى هؤلاء أقول : إنكم إذ تجعلون دم مرسي حجتكم للمطالبة بعرشه المسلوب، فإنكم بذلك تشتركون في قتله؛ ذلك أن تخليكم عن نجدته ومن معه - وهي فرض عينٍ عليكم تقدرون عليه - بحجة توقي تكرار التجربة السورية يدخل بكم في نطاق المؤاخذة، باعتبار أن ذلك من الجرائم السلبية المؤثمة شرعا وقانونا، و من ثمّ لا يحل لكم - من بعد ذلك - المطالبة بإرثه أبدا؛ إذ القتل في
الشريعة - عمدا كان أم خطأً - لدى جمهور الفقهاء، هو أحد موانع الإرث ويستوي فيه أن يكون القاتل فاعلا أم شريكا .
الخلاصة من ذلك : إنه لا يحل لكم - أيها الراقدون تحت ثرى التخاذل والخنوع - أن تطالبوا بإرث مرسي والمرشد ، فلستم - بحكم الشرع - أهلا لوراثتهما وذلك على تفصيل ما سلف ، وإن كان ذلك النظر ينطبق على ورثتهما الشرعيين فإنه - من باب أولى - ينطبق على غيرهم .
إن ورثة مرسي الحقيقيين الجديرين بإرثه - حقّا - هم من يقفون في الميادين، بعيدا عن قاعات الفنادق الفارهة وطاولات الطعام الفاخر المعدة لرواد مؤتمرات المواءمات السياسية ، هم من جاؤوا من كل صوب وحدب شُعثا غُبرا ضاحين يدافعون عنه بأرواحهم وحرياتهم و أموالهم، فأجبروا الجلادين أن يؤجلوا تنفيذ قرار اغتياله حتى هذه اللحظة، أولئك هم أهله وشيعته وورثته بعد عمرٍ مديد إن شاء الله .