نظرًا للسياسات الصهيونية التي تستهدف الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني، ومحو كل ما يثبت حق الشعب الفلسطيني بوطنه؛ تبرز أهمية ودور المتحف الفلسطيني؛ لجمع كل ما يمكن أن يشي إلى الحق الفلسطيني، ويبطل مزاعم ورواية الصهيونية حول احتلال فلسطين على أنها أرض قفراء؛ في سبيل طمس الحقيقة.
لهذا كله كان لا بد من المحافظة على التراث بكل تفاصيله من خلال إنشاء المتاحف التي تسلط الضوء على الحقائق التاريخية المتجذرة لفلسطين، فتوثق الأحداث والثورات وتظهر الجوانب الحقيقية لنشاط وكد الشعب الفلسطيني، وتحفظ تراثه وموروثه وهويته الوطنية والثقافية؛ فهي مكان يحفظ بين ثناياه تاريخ وطن وهوية وطنية من نتاجات شعب له جذور راسخة في وطنه ، وليروي المتحف قصة حضارة لكل قطعة أثرية موجودة فيه.
وفي هذا السياق أنشأ الفلسطيني بشارة نصار عام 2019 متحف فلسطين في قلب العاصمة الأمريكية واشنطن كدالة جوهرية على الهوية الوطنية الفلسطينية لآلاف الزوار.
ماذا عن المتحف؟
يحاكي المتحف من خلال مقتنياته المختلفة محطات وتاريخ نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي من قلب العاصمة الأمريكية واشنطن. وقد أسس المتحف الفلسطيني بشارة نصار عام 2019، وهو يضم خريطة تعريفية للأراضي المحتلة وأهلها قبل وعد بلفور، كما يحتوي على صور من وثائق عُلقت على جدرانه لمعاناة الفلسطينيين وتهجيرهم بقوة المجازر الصهيونية خلال عام 1948 وبعده. إحدى اللوحات المعروضة في متحف النكبة لسيدة فلسطينية تحتفظ بمفتاح منزلها أملا في العودة.
وقد أسس المتحف الفلسطيني بشارة نصار عام 2019، وهو يضم خريطة تعريفية للأراضي المحتلة وأهلها قبل وعد بلفور، كما يحتوي على صور من وثائق عُلقت على جدرانه لمعاناة الفلسطينيين وتهجيرهم بعد النكبة. كما تروي محتويات المتحف جزءا من نضال الفلسطينيين بعد احتلال باقي الوطن الفلسطيني في الخامس من حزيران / يونيو 1967، حيث يستقبل المتحف آلاف الزوار سنويا العرب والأجانب المهتمين بالتعرف على تاريخ فلسطين وثقافتها وهويتها الوطنية التي كانت نتاجاً للشعب الفلسطيني في كافة مجالات الحياة.
صور من متحف الشعب الفلسطيني في واشنطن
ولم تقتصر اهتمامات المتحف على القضية الفلسطينية فقط، بل يهتم أيضا بقضايا النضال حول العالم. وكان نصار صرح لوسائل إعلام فلسطينية، أنه يفكر في إقامة متحف متنقل في جميع أنحاء الولايات المتحدة، موضحا أن هدفه هو "تعبئة المجتمع الفلسطيني، لأن الدعم يجب أن يأتي من الداخل".
وقال مؤسس المتحف: إن الزوار يتفاعلون بشكل إيجابي مع المعروضات والمقتنيات العديدة، وأن العديد منهم يطرحون الأسئلة ويغيرون نظرتهم حول الصراع.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) تبنت خلال عام 2016 قرارًا تقدمت به فلسطين ودول عربية أخرى ينفي وجود علاقة بين اليهودية والمسجد الأقصى. وجاء اعتماد القرار بشكل نهائي إثر مصادقة المجلس التنفيذي لليونسكو الذي يضم 58 عضواً، بعد اعتماده من قبل اللجنة الإدارية في المنظمة.
وتمّ تقسيم المتحف إلى قسمين؛ الأول معرض دائم يسلط الضوء من خلاله على الآثار التاريخية والثقافية في فلسطين، والقسم الثاني يعرض أعمال الفنانين الفلسطينيين، عندما يدخل الزائر لأول مرة سيشاهد أوان زجاجية وفخارية من محافظة خليل الرحمن، التي تشتهر بزراعة العنب، وكذلك بأعمال الخزف والزجاج، كما يُعرض إناء فخاري يعود عمره لأكثر من 2000 سنة خلت على جدار الشهرة، الذي يلقي الضوء على الشخصيات الفلسطينية الرئيسية خلال القرن العشرين المنصرم، وثمة عدد من القطع الفنية المعروضة على سبيل الإعارة.
وتؤكد بعض العناصر على الهوية الفلسطينية قبل تأسيس دولة الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، مثل منشور مجلة ناشونال جيوغرافيك الذي يعرض الحدود العثمانية للدولة الفلسطينية عام 1914، وكذلك الثوب التقليدي والطوابع التي تعود إلى وقت الاحتلال البريطاني لفلسطين، كانت تلك الطوابع متداولة منذ عام 1920 وحتى عام 1948. وقد جمعت مقتنيات المتحف من فلسطينيين كتبرعات، وساهم بجمعها ونشرها ثلة من الفنانين والمهتمين الفلسطينيين من داخل مناطق فلسطين التاريخية والمهاجر القريبة والبعيدة.
بشارة نصار
ولد الشاب الفلسطيني بشارة نصار عام 1988 في قرية النحالين قضاء مدينة بيت لحم، ونشأ وترعرع فيها كما درس في مدارسها؛ وكان يعمل في مزرعة الأسرة، حاول نصار معظم حياته العثور على طرق لنشر الثقافة الوطنية الفلسطينية، وعندما كان في الضفة الغربية ساعد في "خيمة الأمم" وهي مبادرة تعليمية بمزرعة الأسرة، يقول عنها: "كان الناس يأتون من دول مختلفة ويجتمعون معًا للتعلم والمشاركة وبناء جسور الأمل والوفاق".
وبغرض استكمال تحصيله العلمي سافر بشارة إلى الولايات المتحدة للدراسة في جامعة مينونايت الشرقية في فرجينيا؛ وفي عام 2015 شارك في تأسيس مشروع متحف النكبة، وهو معرض متنقل زار أكثر من 50 مكانًا في الولايات المتحدة بما في ذلك نيويورك وواشنطن وكاليفورنيا. وكان يهدف من المتحف إلى أن يكون مكانًا يشارك فيه الفلسطينيين قصصهم عبر قطع صنعها الفنانون خصيصًا للمشروع، كان هدفه عرض الحياة الفلسطينية من خلال الأعمال الفنية وغيرها من أشكال رواية القصص، وقد تبرع بعض الأفراد بأعمالهم في المشروع للمتحف وتبرعت كذلك بعض المؤسسات مثل ناشونال جيوغرافيك ومعهد الدراسات الفلسطينية، كما أن العديد من زملاء نصار في المشروع أصبحوا في مجلس إدارة المتحف الآن. ليؤسس في عام 2019 متحفاً دائما للشعب الفلسطيني في العاصمة الأمريكية واشنطن وبمشاركة العديد من الفنانين والمهتمين الفلسطينيين من خلال عرضهم لمقتنيات دالة على الهوية الوطنية المتجذرة للشعب الفلسطيني.
*كاتب فلسطيني مقيم في هولندا
مقام النبي شعيب يقدسه الدروز في قرية حطين رغم تعدد الأماكن
كنيسة المهد.. من أقدم الكنائس وملجأ الناس وقت الحروب
مدينة الفحم والأخشاب ومهرجان "الأقصى في خطر"