تقارير

المُطِلَّة في فلسطين.. القرية الأجمل في جنين وأخرى مهجرة

المستوطنة التي أقيمت على أرض المطلة شمال فلسطين وجنوبي لبنان..
قريتان في فلسطين حملتا اسم المُطِلَّة، أحدهما قرية مهجرة ومزالة منذ بدايات الوجود الصهيوني على أرض فلسطين، وهي أقرب ما تكون إلى جنوب لبنان، والأخرى تقع في موقع جغرافي متميز يطل على غور الأردن من جهة، وعلى سهل مرج ابن عامر من ناحية أخرى، جنوب شرقي مدينة جنين.

المُطِلَّة ـ قضاء جنين

تمتاز قرية المطلة بموقع جغرافي متميز وحساس، وذلك لمجموعة من الأسباب من بينها: مرور الخط الأخضر، خط الهدنة عام 1949، من أراضيها وما يحمله هذا الموقع من خطورة وحساسية في آن معا، وما يجعلها عرضة للاعتداء من قبل جيش الاحتلال بشكل يومي.

وأيضا موقعها المرتفع الذي يصل إلى 500م عن مستوى سطح البحر ما يجعلها مشرفة من ناحية على مناطق وأراضي غور الأردن من ناحية، وعلى أراضي وقرى مرج ابن عامر من ناحية أخرى، بالإضافة إلى مرور جدار الفصل العنصري في أراضيها والذي قضم منذ عام 2003 حوالي 970 دونما من أراضيها.


                                                   قرية المطلة وسط جمال الطبيعة

ويعود سبب تسميتها بهذا الاسم  لوجودها في منطقة مرتفعة تطل على غور الأردن وتشرف على سهول مرج ابن عامر من ناحية أخرى.

قدر عدد سكان قرية المطلة عام 1997 بنحو 196 نسمة، ويبلغ حاليا وفق إحصاء عام 2023 نحو 359 نسمة، وجميع أهل القرية من عائلة البزور وتعود أصولهم إلى قرية الرابا المجاورة..

منذ إقامة القرية وسكانها يعتمدون في مصادر رزقهم على العمل في الزراعة بمنطقة الأغوار لكسب لقمة العيش، ومع إقامة جدار الفصل العنصري تحول اعتمادهم من الزراعة إلى كابوس يطاردهم طيلة الوقت ليلجأوا إلى العمل هنا وهناك من أجل الحفاظ على أدنى دخل أسري، وقد ساهم ذلك في زيادة إصرار أبناء القرية على إكمال دراستهم الجامعية للعمل في المؤسسات الحكومية أو الخاصة كل حسب تخصصه لزيادة الدخل الأسري، كما أنهم يعتمدون في رزقهم على تربية المواشي وبيع الألبان للقرى المجاورة.

كانت القرية حتى عشرينيات القرن العشرين مجرد خربة أثرية تحمل طابع الأزمنة التي مرت عليها، والتي تؤكد أنها كانت قرية عامرة في ما سلف من الأزمنة، ولكنها في العصر الحديث لم تكن مأهولة بالسكان.

في عشرينيات القرن الماضي بدأت مجموعة أسر من عائلة البزور بالوفود إلى أراضي الخربة والاستقرار فيها كونها منطقة زراعية خصبة جدا بالإضافة إلى كونها مرعى جيد للماشية، وبذلك بدأ استقرارهم في القرية بشكل دائم.

على الرغم من كون القرية باتت منذ عام 1949 تقع على خط الهدنة الدائم مع كيان الاحتلال وتعرض أهلها لمضايقات مستمرة من قبل جيش الاحتلال، إلا أنهم بقوا صامدين فيها ولم يغادروها. وهي اليوم واحدة من أصغر قرى جنين وأجملها.

المُطِلَّة ـ  صفد

المُطِلَّة قرية عربية مزالة ومهجرة، في أقصى الشمال الفلسطيني وأقصى الجنوب اللبناني، شمال شرقي مدينة صفد، وكانت القرية من أوائل القرى العربية التي تعرضت للاستيطان الصهيوني المبكر، من قبل يهود مهاجرين من روسيا وبعض دول أوروبا الشرقية، فقد تم بناء مستوطنة "مطولاه" في عام 1896 وتم طرد سكانها العرب منها بشكل تدريجي.

للمطلة موقع جغرافي استراتيجي هام، فهي تقع في أقصى الشمال الفلسطيني، وأقصى الجنوب اللبناني، وبالتالي هي من القرى الحدودية وتمتلك من المميزات الاستراتيجية ما تملكه أي منطقة أو قرية حدودية أخرى.

كانت المطلة تتوسط القرى والبلدات الفلسطينية واللبنانية، وذكرت وثيقة الإحصاء الرسمي لعدد سكان فلسطين عام 1931 أن عدد سكان المطلة كان نحو 205 نسمات، منهم 10 أشخاص عرب فقط، والباقي يهود من أصول روسية ومن دول أوروبا الشرقية. أما في إحصائيات عام 1945 فقد سجل عدد سكان المطلة بنحو 220 نسمة جميعهم من اليهود.


                                                         مشهد لقرية المطلة

لم يتم احتلال القرية كما أنه تم احتلال القرى الفلسطينية الأخرى، بالقتل والترهيب والاحتلال، فقد تم احتلالها عن طريق الإحلال الاستيطاني، حيث غادرها أهلها العرب، تدريجيا على مدى سنوات عدة، خصوصا مع زيادة عدد المستوطنين في القرية على حساب الوجود العربي فيها.

هذه القرية كانت من أعمال مرجعيون زمن العثمانيين، وعند ترسيم الحدود اللبنانية الفلسطينية بين البريطانيين والفرنسيين عام 1923 فإنه تم إلحاقها بالأراضي الفلسطينية.

وكانت القرية حتى عام 1896 قرية عربية خالصة، سكانها من العرب الدروز، وقد استولى البارون روتشليد على أراضي القرية بشكل أو بآخر، ولا تغير آلية الحصول على أراضي القرية من حقيقة كونه استيلاء واستيطانا، خصوصا أن سكان القرية العرب تم طردهم من قريتهم بشكل تدريجي، حتى إنه في إحصائيات عام 1931 كان في القرية حوالي 10 أشخاص عرب مقابل 195 يهودي، ولا يوجد أي ذكر للوجود العربي في القرية بعد ذلك التاريخ.

لا يوجد أي أثر عربي في القرية، خصوصا أن القرية تم احتلالها منذ زمن بعيد، واليوم تقوم مكانها مستعمرة "مطولاه" التي يعتبرها الاحتلال مكانا سياحيا ومصيفا.

لا توجد معلومات دقيقة حول وجهة أبناء القرية عقب استيطان قريتهم واحتلالها، ولكن واستنادا لموقع القرية فعلى الأرجح أنهم توجهوا نحو الأراضي اللبنانية، واستقروا فيها حتى اليوم.

المصادر:

ـ "قرية المطلة أعلى بقعة ومعقل لثوار جنين"، تقرير لتلفزيون فلسطين، 7/2/2022 .
ـ "خربة المطلة ـ قضاء جنين"، موقع فلسطين في الذاكرة.
ـ موسوعة القرى الفلسطينية.
ـ مصطفى الدباغ، "بلادنا فلسطين، الجزء الأول- القسم الأول"،  الجزء السادس ـ القسم الثاني".
ـ أنيس صايغ، "بلدانية فلسطين المحتلة 1948- 1967"، منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت. 1968.
- نعيم نسيب بدر أبو الشيخ، "قرية المطلة الحدودية وسكانها الدروز في الماضي"، مجلة العمامة، العدد53 ، 2020.