نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا لمراسلتها بيل ترو، تتحدث فيه عن زيادة استخدام الناس في
مصر، حتى الطبقة المتوسطة، لبنوك الطعام، التي توزع المواد الأساسية للطبقات المتوسطة من المصريين وموظفي الخدمة المدنية.
وتقول ترو إن الصناديق تحتوي على المواد الأساسية، من الأرز والمعكرونة والسكر والعدس، وربما بعض اللحوم المعلبة، مستدركة بأن هذه الرزم مميزة؛ لأنها لا تحمل علامة بنوك الطعام؛ لتجنب إحراج المتلقين لها، ولأنها موجهة لطبقة لم تكن تحلم يوما بأن تتجه إلى بنوك الطعام، وتوزع أحيانا بسرية.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن عمال الإغاثة والمساعدات، قولهم إن عشرات الآلاف من العائلات المصرية، الميسورة الحال سابقا، تكافح اليوم لتأمين لقمة العيش، مشيرا إلى أن هذه العائلات لا تضم أشخاصا كانوا يعملون في السابق في السياحة فقط، لكن عمال خدمة مدنية أيضا، كانت رواتبهم عالية، ولم تعد اليوم كافية لتأمين لقمة العيش.
وتورد الصحيفة نقلا عن منظمة
بنك الطعام المصرية، وهي أكبر المنظمات التي توفر صناديق الطعام للجوعى، قولها إنها زادت من نسبة المساعدات، وأعلنت عن برنامج لإطعام عائلات من الطبقة المتوسطة، التي هبطت إلى خط الفقر، وأضافت أنها وزعت 760 ألف صندوق للعائلات كل شهر، لافتة إلى أن من بين هذه الصناديق 100 ألف صندوق دون علامة، وأحيانا توزع بطريقة سرية.
وتنقل الكاتبة عن رضا سكر، الذي يدير بنك الطعام، قوله إن "هناك نسبة 10% من الطبقة المتوسطة تتحول إلى طبقة دنيا، وهي بحاجة لدعمنا"، وأضاف: "نقوم الآن بتوزيع الطعام لهم في صناديق غير معلمة؛ حتى لا يشعروا بالعار لقبول الصدقات داخل مجتمعاتهم"، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تهدف لحفظ ماء الوجه لتستطيع إطعام عائلاتها، دون أن تستبعد من المساعدات.
ويعلق التقرير قائلا إنه "بعد خمسة أعوام من الاضطرابات، بالإضافة إلى عدد من الهجمات الإرهابية، فإن مصر تكافح من أجل الحفاظ على الاستثمار الخارجي، وفي محاولة منها للحفاظ على قيمة الجنيه المصري، فإنها أنفقت نصف احتياطيها من العملة الأجنبية قبل الثورة، ما أدى إلى نقص الدولار في الأسواق، بالإضافة إلى حدوث أزمة
اقتصادية".
وتلفت الصحيفة إلى أن المصرف المركزي تخلى الأسبوع الماضي عن سعر الصرف الرسمي 8.8 جنيهات للدولار؛ من أجل فتح المجال أمام تدفق رأس المال، وإغلاق السوق السوداء، بالإضافة إلى أن مصر قررت تخفيض الدعم عن الوقود، الذي يعتمد عليه الجميع، وهو ما قاد إلى زيادة سعر البترول بنسبة 40%، مشيرة إلى أن قيمة الجنيه هبطت يوم أمس إلى 17 جنيها مقابل الدولار.
وتنوه ترو إلى أن المحللين الاقتصاديين يرون أن هذه الخطوة ضرورية، حيث من المتوقع أن ترفع نسبة التضخم إلى 25%، لافتة إلى أن أسعار المواد الرئيسة، مثل السكر وزيت الطبخ، تضاعفت.
ويفيد التقرير بأن الطبقة المتوسطة ليست الوحيدة التي تعاني، فهناك حوالي 23 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر، مشيرة إلى أن صلاح (57 عاما) يجر يوميا حماره الهزيل وعربته في جنوب القاهرة، ويبيع تبن الحيوانات للحصول على ما يكفي لإطعام عائلته، ويحصل في يوم العمل على 100 جنيه مصري، وكانت هذه القيمة في الأسبوع الماضي حوالي 15 دولارا، أما بعد تعويم الجنيه، فإن قيمة ما يجنيه تصل إلى 7 دولارات.
ويقول صلاح للصحيفة: "في ليلة وضحاها أصبح ما أجنيه هو النصف، وزادت الأسعار بنسبة الضعف"، وأضاف أن سعر كيلو اللحم زاد إلى 70 جنيها، وتساءل قائلا: "وماذا أفعل بمئة جنيه؟ أشرب فيها الشاي وأعيش عليها".
وبحسب الصحيفة، فإن مصر أكدت يوم أمس أن
السعودية، التي تعد من أهم حلفاء مصر، أوقفت شحن النفط بسعر مخفض لأمد غير محدد، لافتة إلى أن السعودية وافقت في نيسان/ أبريل على تزويد مصر بحوالي 700 ألف طن من النفط شهريا ولمدة خمسة أعوام.
وتبين الكاتبة أن القرار السعودي يأتي وسط خلافات بين البلدين؛ بسبب دعم القاهرة لروسيا في الحرب السورية، مشيرة إلى أن هناك تقارير تحدثت عن احتمال سفر وزير النفط المصري طارق الملا إلى طهران، المنافسة اللدودة للرياض؛ لتأمين شحنات من النفط.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن السعودية زودت مصر بمليارات الدولارات بعد الإطاحة بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي عام 2013، مستدركة بأن الدعم تراجع، ما أدى إلى خلق أزمة اقتصادية، ودفع مصر للبحث عن داعمين غيرها.