أدانت العديد من المنظمات الحقوقية
المصرية استمرار
الانتهاكات التي ترتكبها سلطات الانقلاب يوميا، مستنكرين صمت منظمة الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي على هذه الجرائم التي قالوا إنها وصلت إلى درجة غير مسبوقة، بمناسبة الذكرى الـ 67 على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وقالت 14 منظمة حقوقية إن الانتهاكات تفاقمت على نحو يبدو أنه إطلاق ليد وزارة "الداخلية" للتنكيل بالمواطنين بممارسات خارج إطار القانون، تتضمن التعذيب والإخفاء القسري وغيرها من الإجراءات التعسفية والانتهاكات الممنهجة للحقوق والحريات الأساسية للمواطنين، الأمر الذي أفضى مؤخرا إلى تكرار حالات الوفاة داخل أماكن الاحتجاز.
وكانت بعض المنظمات الموقعة على هذا البيان، قد تلقت شكاوى تفيد بوقوع حالات تعذيب في أقسام شرطة، منها قسم المطرية وقسم الأقصر وقسم ثاني شبرا الخيمة، أفضت في بعض منها إلى وفاة المحتجزين.
ووثق مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف، 49 حالة تعذيب ـ بينهم تسع حالات أدت إلى الموت داخل أماكن الاحتجازـ خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر، كما أنه رصد أربع حالات وفاة نتيجة للتعذيب في آب/أغسطس من بين 57 حالة تعرضت للتعذيب في أماكن الاحتجاز.
بينما وثقت منظمات أخرى حالتي تعذيب بأماكن الاحتجاز، وحالتي وفاة في فترة زمنية تتعدى شهرا واحدا بين تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر 2015، في حين رصدت منظمات أخرى حالات عديدة من الوفاة في أماكن الاحتجاز، وتلقت شكاوى تفيد بتعرض المحتجزين للضرب والمعاملة المهينة أو التعذيب داخل أقسام الشرطة في الفترة نفسها.
وأعربت المنظمات عن قلقها البالغ من أن تكون الأرقام الحقيقة أكثر من تلك التي نجحوا في توثيقها، أو التي نشرت في الصحف ووسائل الإعلام خلال الفترة القصيرة الماضية، فضلا عن حالات أخرى رفض أصحابها رواية تفاصيلها، خشية انتقام ضباط الأقسام أو السجون، أو ربما لأنهم فقدوا أية ثقة في نظام العدالة.
ودعت المنظمات إلى تحقيق عاجل ومستقل في حوادث التعذيب المتزايدة والمفزعة التي تعرض لها محتجزات ومحتجزون داخل سجون وأقسام الشرطة، مؤكدة أن معظم تلك الحوادث شهدت إفلات مرتكبيها من العقاب، بينما تكرر إنكار وزارة الداخلية لارتكابها، واعتبرتها – في كثير من الأحيان– "حالات فردية".
وأقال البيان: "تتكرر أنماط انتهاكات الشرطة في العديد من الحالات التي تم رصدها من قبل المنظمات، إذ يُلقى القبض على شخص أو مجموعة من الأشخاص بسبب بلاغ سرقة أو على سبيل الاشتباه في ارتكاب جريمة معينة".
وتابع: "في معظم الأحيان يتم ذلك بطريقة تعسفية تتضمن أحيانا تراشقا لفظيا أو اشتباكا بالأيدي يتم على إثره اصطحاب الشخص إلى القسم، حيث يتعرض للضرب في أثناء التحقيق، الأمر الذي ربما ينتهي في بعض الحالات إلى خروج المشتبه بهم جثثا هامدة من غرفة التحقيق، أو على أجسادهم آثار الضرب والإهانة والتحرش الجنسي أحيانا، على النحو الذي نستعرضه في هذه الأمثلة ـ على سبيل المثال لا الحصر".
وشددت المنظمات على إدانتها أيضا لاستمرار تعرض مواطنين مصريين للإخفاء القسري، إذ تلقت العديد من المنظمات شكاوى وبلاغات تُفيد بتعرض مواطنين للاختفاء بعد أن ألقت قوات الشرطة القبض عليهم.
وأكدت خطورة تلك الممارسات على حياة هؤلاء المواطنين، وخاصة مع توارد العديد من الروايات عن حالات تعذيب لمن ظهروا بعد فترة من اختفائهم، وعلى أجسادهم آثار التعذيب والاعتداء داخل أماكن الاحتجاز.
وأوضحت المنظمات الموقعة أن السجون المصرية لا تخضع لأية رقابة حقيقية ولا يُسمح إطلاقا للمنظمات أو المحامين المستقلين بزيارتها، ولا تخضع للتفتيش من قبل جهات قضائية مستقلة بشكل دوري، رغم أن هذا حق يكفله القانون والدستور.
واستطردت قائلة: "كما أنه من المفترض أن يجري تفتيش دوري مرة كل شهر على الأقل على السجون، ترفع على خلفيته التقارير حول المخالفات المرصودة، وآخر مرة قامت النيابة بهذا الواجب كان في نيسان/ أبريل 2015، إلا أنه لم تعلن مؤخرا حالة تحقيق واحدة لأي من المسؤولين بمصلحة السجون رغم التقارير المتواترة عن المخالفات".
وقالت: "على الجانب الآخر، تلاحق الدولة الأصوات المستقلة من المحامين والقضاة الذين يتبنون رؤى لإصلاحات تشريعية لمناهضة التعذيب، إذ يخضع القاضيان عاصم عبد الجبار وهشام رؤوف والمحامي نجاد البرعي للتحقيق، على خلفية تقديمهم مشروعا لمكافحة جرائم التعذيب، بينما يظل مرتكبو جرائم التعذيب بمنأى تماما عن العقاب".
وأشارت الجمعيات إلى أنها بصدد تقديم توصياتها إلى الجهات المعنية، في المؤتمر الصحفي المنعقد مساء الخميس، بمقر نقابة الصحفيين، بمشاركة سبع منظمات حقوقية مصرية، مؤكدين على تمسكهم بالعدالة وبحتمية احترامها من الجميع، وعلى رأسهم أجهزة الدولة.
ووقع على البيان كل من الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، والشبكة العربية لمعلومات
حقوق الإنسان، والمجموعة المتحدة، ومحامون ومستشارون قانونيون، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومصريون ضد التمييز الديني.
كما وقعت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومؤسسة قضايا المرأة المصرية، ومركز هشام مبارك للقانون، ومركز الحقانية للمحاماة والقانون، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، ونظرة للدراسات النسوية.
وفي سياق متصل، طالبت أربع منظمات حقوقية أخرى لجنة التنسيق الدولية المنبثقة من لجنة المؤسسات الوطنية والآليات الإقليمية (مبادئ باريس) بتعليق عضوية المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان باللجنة، وذلك لقيامه بـ "دور سياسي واضح متمثلا في التغطية على جرائم السلطة، وبسبب فشله في الحد من تلك الجرائم".
وقد كان للمجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر دورا كبيرا في التغطية على تلك الجرائم بعدم قيامه بالدور المنوط به وتبرير بطش السلطة وقمعها للإنسان المصري.
كما طالبوا، في بيانهم، بإفساح المجال أمام وسائل الإعلام لإظهار الحقائق وإبرازها أمام الرأي العام، لأن إخفاء الحقائق لا يعني إلا أن الجرائم كبيرة وكثيرة، وأن ما يظهر ما هو إلا تسريبات لا تمثل إلا نسبة ضئيلة جدا من الواقع.
وطالبوا أيضا - خلال مؤتمر صحفي عقد ظهر اليوم بمدينة إسطنبول التركية تحت عنوان "مصر.. إنسانية وحقوق تحتضر" - مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتشيكل لجنة تحقيق دولية مستقلة للتحقيق في الجرائم التي ترتكبها السلطة في مصر.
وشدّدوا على أن مصر كثرت فيها جرائم التعذيب والاختفاء القسري والقتل خارج نطاق القانون والاحتجاز التعسفي والمعاملة غير الإنسانية للمعتقلين وأسرهم والمحاكمات غير العادلة، وغير ذلك من الجرائم التي يرتكبها نظام الحكم في مصر.
وأردف البيان :" مصر الموقعة أيضا على الإعلان العالمي لحقوق الانسان، وكل ذلك تحت عين وسمع المجتمع الدولي لاسيما دول الفيتو التي ضمنت المحافظة على كرامة وحقوق الإنسان، بوصفه إنسانا".
وأوصوا المنظمات والمؤسسات الحقوقية (غير المسيسة) العاملة في مصر أن تقوم بدورها في توثيق كل الجرائم التي يرتكبها النظام دون خوف أو مجاملة.
ووقع على البيان الرابطة العالمية للحقوق والحريات، ومنظمة هيومان رايتس مونيتور، ومؤسسة إنسانية، والندوة للحقوق والحريات.