لم يعلم الحاج علي "أبو سمير" أن المعونة الشهرية التي كان يحصل عليها، والكشف الطبي الذي كان يجريه بشكل دوري، والحقيبة الرمضانية التي كان يستلمها سنويا، كلها من جمعية خيرية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين؛ إلا بعد قرار إغلاقها الأسبوع الماضي.
وبات على الحاج "علي" أن يتدبر أموره هو وزوجته الكفيفة، فطرق أبواب عدة جمعيات في الحي الذي يسكنه في محافظة الجيزة بمنطقة الهرم، ولكنها كانت مغلقة للسبب نفسه، فلم يجد أمامه إلا التسول لحين تسجيل اسمه في إحدى الجمعيات، أو طلب المعونة من وزارة التضامن، والانتظار لشهور طويلة، لعله يحصل على مساعدة منها.
وبسؤال الحاج "أبي سمير" عن سبب عدم لجوئه إلى "
بيت الزكاة والصدقات" الذي أنشئ بـ"قرار جمهوري" في أيلول/ سبتمبر الماضي؛ أكد أنه لم يسمع به من قبل، ولا يعرف مقره، ولا أي طريقة للتواصل معه.
بينما قال أمين عام "بيت الزكاة والصدقات" الدكتور محمد ناصر فؤاد لـ"
عربي21": "لا يوجد لدينا مقر رسمي، ونحن في ضيافة مشيخة الأزهر لحين إنشاء مقر لنا".
وكان النظام
الانقلابي قد شكل لجنة "حصر وإدارة أموال جماعة الإخوان المسلمين" في كانون الثاني/يناير 2014، عقب اعتبار الجماعة منظمة "إرهابية"، وتحفظت اللجنة على أكثر من 1300 جمعية أهلية تابعة للجماعة، في مدة عام ونصف.
تداعيات
وحذر رئيس لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة، عبدالموجود الدرديري، من تداعيات استمرار التحفظ على ممتلكات وأموال وجمعيات الإخوان المسلمين الخيرية "بغير وجه حق"، مؤكدا أن "المتضررين في المقام الأول؛ هم أبناء الأسر الفقيرة التي تعتمد بشكل مباشر على تلك الجمعيات، وليس الإخوان".
وأضاف الدرديري لـ"
عربي21" أن النظام الانقلابي يهدف من خلال إجراءاته في حق
الجمعيات الخيرية؛ إلى "القضاء على الجهاز المناعي في جسد الدولة، وتجهيل وإفقار وإمراض المحتاجين، وحرمانهم من نشاط جماعة الإخوان التي كانت خير معين لهم على أعباء الحياة المتعددة".
قرارات باطلة
قانونيا؛ وصف رئيس محكمة المنصورة الابتدائية، عضو "قضاة من أجل
مصر"، المستشار عماد أبو هاشم، قرارات التحفظ على أموال وممتلكات وجمعيات جماعة الإخوان، بأنها "باطلة".
وقال لـ"
عربي21" إن "تلك القرارات تركن إلى حكم معيب، صدر من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة ذات السمعة السيئة والأحكام المتناقضة"، مؤكدا أن "محاكم مجلس الدولة باختلاف درجاتها؛ أثبتت أن هذا الحكم منعدم قانونيا؛ لصدوره من محكمة غير مختصة ولائيا بإصداره، وأن مثل هذه القرارات لا تصدر إلا عن محاكم الجنايات في شكل أحكام قضائية".
وتابع: "لا يمكن التذرع بأن الأموال المتحفَّظ عليها هي من أموال جماعة الإخوان المسلمين، وأن الأشخاص الذين صدرت قرارات التحفظ في مواجهتهم ينتمون إلى تلك الجماعة؛ إذ إن ذلك يحتاج إلى إثبات قضائي يصدر فيه حكم من الجهة القضائية المختصة".
من جهته؛ قال رئيس المكتب الحقوقي في المجلس الثوري المصري بالخارج، أسامة رشدي، إن النظام الانقلابي يضع يده على أموال "الإخوان" بموجب قرارات إدارية لا سند لها في القانون، وليست أحكاما قضائية، مشيرا إلى أن "محكمة القضاء الإداري ألغت العديد من تلك القرارات".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "نظام
السيسي يحاول استحداث دور سياسي للجمعيات الخيرية في البلاد، وهذا مخالف لكل أبجديات العمل الأهلي"، محذرا من تداعيات التعدي على تلك الجمعيات، "فهي من أعمدة أي مجتمع متحضر، وسيزيد غيابها من الفجوة بين الفقراء والأغنياء".