ملفات وتقارير

توقف مصانع الأسمدة بسبب نقص الغاز يثير قلق المصريين.. ما تداعيات ذلك؟

يتسبب هذا التوقف في نقص حاد في توفر الأسمدة وارتفاع أسعارها- عربي21
تواجه مصر أزمة كبيرة في قطاع الزراعة مع توقف جميع مصانع الأسمدة نتيجة نقص الغاز، ما ينذر بعواقب وخيمة على إنتاج المحاصيل الزراعية وخاصة الصيفية.

يتسبب هذا التوقف في نقص حاد في توفر الأسمدة وارتفاع أسعارها، ما يهدد بتقليل كمية وجودة المحاصيل وزيادة تكاليف الإنتاج الزراعي.

هذه الأزمة قد تؤدي إلى تداعيات سلبية تشمل ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية، وتأثيرها على الأمن الغذائي، وزيادة معاناة المزارعين والمستهلكين على حد سواء، ما يستدعي تدخلا سريعا وفعّالاً من الجهات الحكومية لضمان استقرار القطاع الزراعي في البلاد.

ذكرت تقارير صحفية، خلال اليومين الماضيين،أن أكبر 4 شركات أسمدة مصرية أوقفت مصانعها عن العمل ما قفز بأسعار الأسمدة في السوق الحرة بنحو 54% في حزيران/ يونيو مقارنة بشهر أيار/ مايو الماضي إلى 20 ألف جنيه للطن مقابل 13 ألفا (الدولار يعادل 48.5 جنيه).




توقف بعض المصانع
بدأت أزمة نقص كميات الغاز الموجه لمصانع الأسمدة مطلع شهر حزيران/ يونيو الجاري، إذ تشهد هذه المصانع توقفا كليا أو جزئيا في الإمدادات، بحسب وكالة بلومبيرغ.

أعلنت شركات "أبو قير للأسمدة" و"سيدي كرير للبتروكيماويات"، و "موبكو" و "كيما" عن توقف مصانعها عن الإنتاج بسبب انقطاع إمدادات الغاز الطبيعي، كما انخفضت أسهمها في البورصة المصرية بعد إعلان توقف الإنتاج بشكل مؤقت.

أُجبرت مصانع الأسمدة، وخاصةً تلك المُنتجة لمادة "اليوريا" على التوقف عن العمل، بسبب قطع إمدادات الغاز الطبيعي عنها، وذلك في إطار تركيز وزارة البترول على تلبية احتياجات المواطنين من الطاقة الكهربائية من خلال زيادة الكميات المورّدة إلى محطات الكهرباء.

تداعيات توقف مصانع الأسمدة
تُعد صناعة الأسمدة من الصناعات الاستراتيجية المهمة في مصر، لما لها من دور حيوي في القطاع الزراعي، إضافة إلى عائداتها التصديرية العالية.

في عام 2023، بلغ إجمالي الإنتاج المصري من الأسمدة نحو 8 ملايين طن من الأسمدة النيتروجينية و4 ملايين طن من الأسمدة الفوسفاتية.

تحتل مصر المرتبة السابعة عالميًا في إنتاج اليوريا، وتأتي الأسمدة في المرتبة الثانية بين الصادرات المصرية، حيث بلغت قيمتها 3.4 مليار دولار، وفقًا لبيانات مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري.

تداعيات نقص توفر الأسمدة
يعتمد المزارعون بشكل كبير على الأسمدة لزيادة إنتاجية المحاصيل وتحسين جودتها. توقف مصانع الأسمدة يؤدي إلى نقص حاد في توفر هذه المواد الحيوية، ما يضع المزارعين في مواجهة تحديات كبيرة في تلبية احتياجات محاصيلهم.


النقص في الإنتاج يؤدي بطبيعة الحال إلى ارتفاع أسعار الأسمدة المتاحة في السوق الحر. هذا الارتفاع يزيد من تكاليف الإنتاج على المزارعين، ويؤثر سلبا على ربحيتهم خاصة أنهم يضطرون إلى شراء جزء من احتياجاتهم من السوق الحرة لأن الدعم لا يكفي.

تأثير سلبي على المحاصيل
يقول مزارعون وخبراء في الزراعة لـ"عربي21" إن نقص الإنتاجية، يُعدّ السماد عنصرا أساسيا لنموّ النباتات وزيادة إنتاجيتها، لذا فإن نقصها سيؤدي حتمًا إلى انخفاض كبير في كمية المحاصيل المُنتجة، سواء من حيث الحبوب أو الفواكه أو الخضروات.

تدهور جودة المحاصيل، حيث لا تقتصر تأثيرات نقص الأسمدة على كمية الإنتاج فقط، بل ستُؤثر أيضا على جودة المحاصيل، لأنها قد تصبح أكثر عرضة للأمراض والآفات، وتنخفض قيمتها الغذائية.

ارتفاع أسعار المواد الغذائية مع انخفاض كمية المعروض من المنتجات الزراعية، سترتفع أسعارها بشكل كبير، ما سيُثقل كاهل المواطنين، خاصةً ذوي الدخل المحدود.

يُعدّ الأمن الغذائي ركيزة أساسية لاستقرار أي دولة، ونقص الغذاء يُشكل تهديدًا خطيرًا لهذا الأمن، خاصةً مع تزايد عدد السكان واحتياجاتهم الغذائية.




تأثيرات سلبية على المحاصيل والأسعار
حذر مستشار وزير التموين سابقا، إسماعيل تركي، من استمرار نقص الغاز عن مصانع الأسمدة التي تعد المصدر الوحيد للأسمدة الزراعية، وقال إن "أزمة الطاقة بشكل عام تؤثر على إنتاجية أي بلد سواء إنتاج زراعي أو صناعي".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21" أن "توقف إنتاج الأسمدة نتيجة عدم وجود الغاز الطبيعي سيؤدي إلى خسائر كبيرة للمصانع تدفعها إلى رفع الأسعار و إعطاء الأولوية للتصدير على حساب السوق المحلي ما يرفع كلفة الإنتاج الزراعي ويؤثر على الطاقة الإنتاجية بالسلب".


وبالتالي، يرى تركي  أنه "نتيجة لذلك فسترتفع أسعار المنتجات الزراعية كما أن عدم اليقين عن مدى الأزمة وموعد انتهائها سيدفع المصانع والتجار للمبالغة في رفع الأسعار ما يفاقم الأزمة مع اعتماد المحاصيل بشكل رئيس على الأسمدة".

تأثيرات نقص الغاز "مركبة" و"معقدة"
اعتبر الصحفي المتخصص في الشؤون الزراعية، جلال جادو، أن "من التداعيات الكارثية لأزمة الكهرباء في مصر هو التأثير الحارق على الموسم الزراعي الصيفي بسبب توقف كل مصانع الأسمدة تقريبا عن العمل لعدم توفر الغاز اللازم لتشغيلها وهي من كبار مستهلكيه لأنها تعتمد على الغاز بصورة كبيرة. الغاز الذي تنتجه مصر وتستورده أيضا لا يكفي أصلا لتشغيل محطات الكهرباء وبالتالي زادت مدة قطع التيار الكهربائي على الشعب".

لا تتوقف أضرار نقص الغاز على الأسمدة فقط بحسب جادو الذي أشار في حديثه إلى "عربي21" إلى أن "الزراعة لها ارتباط مباشر بالكهرباء خاصة في الأراضي الصحراوية والتي تحتاجها لتشغيل المولدات التي تستخرج المياه أو تعمل في محطات الرفع".

ولكنه استدرك بالقول: "إن التأثير الكارثي هو توقف مصانع الأسمدة وبالتالي شح الأسمدة في السوق وزيادة أسعارها بصورة كبيرة ربما الآن الطن في السوق اقترب من الـ 20 ألف جنيه أي الشيكارة الـ 50 كيلو بـ 1000 جنيه تقريبا وهذا كارثة لأننا في قلب الموسم الصيفي بزراعته المهمة من الذرة والأرز والقطن والخضروات والفواكه وغير ذلك".

هذه الكارثة سيدفع ثمنها الفلاحون، بحسب جادو؛ لضعف إنتاجية أراضيهم لعدم التسميد كما سيدفع ثمنها المواطن العادي لارتفاع أسعار المنتجات الزراعية لقلة المعروض منها وبالتالي قد تتجه مصر وربما لأول مرة في تاريخها لاستيراد الخضروات وزيادة استيراد الأرز وغيره من محاصيل الصيف التي حرقها النظام بسبب عدم قدرته على توفير الغاز بعد تحول مصر من دولة منتجة ومصدرة للغاز لدولة تعتمد على الكيان الصهيوني في توفير الغاز والذي يمثل روح الصناعة والزراعة بل روح الحياة في مصر.