منذ تعيينه قبل أيام وزيرا منتدبا لدى وزير الدفاع
الوطني بالإضافة لرئاسة أركان
الجيش الوطني الشعبي في
الجزائر، بدأ الجنرال السعيد
شنقريحة حركة تغييرات في المناصب القيادية في المؤسسة العسكرية، أثارت جدلا في
الأوساط السياسية والعسكرية.
وبينما أكد الفريق أول السعيد شنقريحة أن
هذه التغييرات في المناصب القيادية تأتي ضمن المسار الطبيعي لوزارة الدفاع
الجزائرية، فقد رآها نشطاء سياسيون تأتي في سياق صراع محتدم بين أجنحة الحكم في
الجزائر.
واليوم أشرف الفريق أول السعيد شنقريحة
الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، على
مراسم التنصيب الرسمي للواء ناصر الدين فضيل قائدا للناحية العسكرية الثالثة ببشار.
وأمس الأربعاء أشرف شنقريحة، على مراسم
التنصيب الرسمي لقائد القوات البرية الجديد اللواء مصطفى سماعلي، خلفا للواء عمار
عثامنية.
وجاء هذا التنصيب بعد أقل من يومين من تعيين
الرئيس عبد المجيد تبون شنقريحة وزيرا منتدبا لدى وزير الدفاع ـ (الذي يشغله تبون)
ـ مع احتفاظ شنقريحة برئاسة أركان الجـيش، وذلك في التعديل الحكومي الذي
أجراه الرئيس الجزائري أول أمس. واعتبر تعيين شنقريحة في هذا المنصب تطورا لافتا.
وعرف تقليديا في الجيش الجزائري أن قائد
القوات البرية هو من يتولى رئاسة أركان الجيش في حالة شغور هذا المنصب لأي سبب.
وحسب بيان وزارة الدفاع، جرت مراسم التنصيب
بمقر قيادة القوات البرية الشهيد يدوش مراد.
قال شنقريحة في كلمته، "حرصت شخصيا على
جعل هذا التداول على الوظائف والمناصب تقليدا متواصلا وثقافة سائدة ينبعث من
خلالها نفس جديد بين الصفوف وديناميكية متجددة لا سيما على ضوء التحولات المتسارعة
التي تشهدها منطقتنا والتي تحمل في طياتها تحديات أمنية مستجدة وتهديدات أكثر
تعقيدا تستوجب منا التكيف معها باستمرار".
كما حذّر مما أسماه "الأصوات والأبواق
التي تُحاول من خلال تأويلات وتحليلات خاطئة إثارة الشك والبلبلة في أوساط الرأي
العام الوطني"، مؤكدا عزم الجزائر "بفضل أبنائها المُخلصين على الحفاظ على سيادتها ووحدتها الوطنية والتصدي
بحزم لكل الأعمال العدائية التي تستهدف كيان الدولة الوطنية ورموزها".
وفي لندن أكد القيادي في حركة
"رشاد" المعارضة الديبلوماسي الجزائري السابق محمد العربي زيتوت، أن
الفريق شنقريحة يتخوف من جدية ولاء اللواء عمار عثامنية للمؤسسة العسكرية، خصوصا
أنه التقى سريا بجناحي المخابرات والرئاسة، على نحو يجعله الشخصية الأكثر ترشيحا
لخلافته.
وقال زيتوت: "كان شنقريحة يخشى أن
جماعة المخابرات أو الرئاسة قد يقلبون رأيه ويستعملونه، وأنه شخصية تنفيذية قليلة
الخبرة، ويمكن استخدامه، ولذلك تم استبداله بالجنرال مصطفى سماعلي وهو كبير في السن،
وهو من الناحية المهنية أفضل ما بقي من الجنرالات الموجودين الآن.. خصوصا بعد
المعارك الطاحنة التي أودت بكثير من الجنرالات إلى السجون، وجزء منهم سجنه شنقريحة
نفسه".
وأضاف: "لقد التقى سماعلي مع شنقريحة
مرتين، مرة أولى في العام 2003، حين كان شنقريحة مسؤولا على الفرقة الأولى التي
كانت في البويرة، وهذا يعني أن سماعلي لم يشارك في المجازر التي قام بها شنقريحة
في تسعينيات القرن الماضي، وفي 2018 حيث عين شنقريحة سماعلي في بشار كقائد للناحية
العسكرية الثالثة".
وأشار زيتوت إلى أن السبب الرئيس لتعيين شنقريحة
للجنرال مصطفى سماعلي قائدا للقوات البرية، هو أن هذا الأخير أثبت بعد توليه رئاسة
الناحية العسكرية الثالثة خلفا لشنقريحة، أنه وفي له، حيث أنه ورث عن شنقريحة
حالات فساد كبيرة لكنه رفض الكشف عنها وإعطاءها لوزير الدفاع السابق قائد صالح.
وفي رد على الهجوم الذي شنه الفريق أول
السعيد شنقريحة الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني
الشعبي، على ما أسماه بالأبواق في الخارج واتهامها ببث أخبار خاطئة هدفها إثارة
البلبلة، قال زيتوت: "لقد تحدثنا عن وجود 44 جنرالا في السجن، وأسماؤهم خرجت
في الصحافة الجزائرية المحلية، وتحدثنا أيضا عن توجه السعيد شنقريحة لإحداث
تغييرات كبرى في المناصب القيادية في المؤسسة العسكرية، وذكرنا الأسماء التي تم
تعيينها بالفعل.. فهل هذه إثارة للفتنة أم تنوير للرأي العام؟"، وفق تعبيره.
من جهته رأى الإعلامي الجزائري محمد بشوش،
في تعليق له في برنامجه "خارج الصندوق"، الذي تبثه قناة
"المغاربية" أن الإجراءات التي أقدم عليها السعيد شنقريحة تشير إلى
نوعية الصلاحيات الجديدة التي حصل عليها تحت
"القبعة السياسية".
وقال:
"تحت "القبعة السياسية"، انطلق شنقريحة
"الوزير المنتدب" في تغيير هياكل المؤسسة العسكرية بدءا بتعيين اللواء
مصطفى سماعلي قائدا جديدا للقوات البرية خلفا للواء عمار عثامنية، بمرسوم كان قد
تم التوقيع عليه من قبل الرئيس تبون قبل أسبوع كامل".
واعتبر بشوش هذه التعديلات بداية لعنوان
سياسي جديد للحكم العسكري في الجزائر.
أما صحيفة "الشروق" الجزائرية في
الداخل فقد اعتبرت أن حظوة الفريق أول، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، السعيد
شنقريحة، بمنصب وزاري وفق التعديل الحكومي الذي أجراه رئيس الجمهورية، القائد
الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، في حكومته الأولى من عهدته الرئاسية
الثانية، ستتيح للفريق أول، السعيد شنقريحة، ممارسة صلاحيات سياسية وعسكرية واسعة،
كونه يحوز على عضوية الحكومة، كما أنه سيتم تفويضه بجزء من صلاحيات وزير الدفاع
الوطني، من خلال التمثيل في اجتماعات الحكومة واقتراح مخططات التحويل والترقية
والتعيين في مختلف المناصب، وتمثيل وزارة الدفاع الوطني في اللقاءات المتعلقة
بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية حول الأسلحة المختلفة، الاتصالات السلكية
واللاسلكية والفضاء والأجهزة الحسّاسة.
وذكرت الصحيفة في تقرير لها نشرته يوم الإعلان
عن التعديل الوزاري الجديد، أن المؤسسة العسكرية حققت في ظل عهدة الوزير المنتدب
لدى وزارة الدفاع الوطني، الفريق أول السعيد شنقريحة، أشواطا عملاقة في سبيل تطوير
المنظومة الدفاعية، انطلاقا من كونه ركيزة أساسية في صون السيادة الوطنية والحفاظ
على أمن وسلامة ووحدة التراب الوطني.