ملفات وتقارير

وثائق بريطانية تكشف تشابه معطيات "نكسة 67" بين حقبتي ناصر والسيسي

أكد مراقبون أن هناك تشابها كبيرا بين النظامين ويجمعهما رابط قوي في استئثار الجيش بإدارة وحكم وامتلاك البلاد- إكس
في ذكرى النكسة، تكشف وثائق بريطانية عن تآكل شعبية نظام الرئيس المصري الراحل جمال ناصر، قبل حرب 1967 بسبب تغلغل الجيش المصري في الدولة والفشل الاقتصادي.

بعد ثماني سنوات من ثورة 1952، بدأت الانتقادات تتزايد ضد نظام ناصر؛ بسبب إخفاقاته في السياسة الخارجية، وتحويل المصريين اهتماماتهم للشؤون الداخلية.

استياء شعبي كبير من سياسات النظام وانتشار ضباط الجيش في المناصب الحكومية، ما أثر على الكفاءة وأدى إلى تآكل الثقة العامة بالنظام.

الوثائق البريطانية تشير إلى تزايد نفوذ العسكريين في مؤسسات الدولة، وفشل النظام في تحقيق أهدافه الاقتصادية والاجتماعية، ما أدى إلى استياء شعبي واسع.

كما أن تقريرا بريطانيا أشار إلى أن ناصر كان معزولا عن الشؤون الداخلية، وفشل في تحقيق رؤية مصر في العالم العربي، ما أدى إلى زيادة الانتقادات وتراجع الهيبة.

ويرى مراقبون أن الوثائق التي نشرت في ذكرى النكسة، يمكن استبدال اسم ناصر باسم السيسي دون أن يؤثر على سياق الوثائق، حيث إن هناك تشابها كبيرا بين النظامين، ويجمعهما رابط قوي في استئثار الجيش بإدارة وحكم وامتلاك البلاد.



وفشل كلاهما في تحقيق الهدف الرئيسي في "تحسين أحوال المصريين"، كان ناصر قد أعلن أن أهدافه الرئيسية هي مضاعفة الدخل الوطني خلال 10 سنوات، وخلق مجتمع ديمقراطي اشتراكي تعاوني مثلما فعل السيسي تماما.

أجمل تقرير القائم بالأعمال البريطاني في القاهرة، كولين تي كرو، الذي كتبه عام 1961 الصورة العامة على النحو التالي: "بدا الأمر وكأن الجيش، وليس الطبقة المتوسطة في عمومها، "هو الذي ورث المزايا التي كانت الطبقة الثرية تتمتع بها في ظل النظام القديم".

انصب الاستياء ليس فقط على انتشار الجيش في إدارات الدولة، بل على قدرات العسكريين أيضا، وأشار كرو إلى أن المناصب العليا التي كان يحتلها ضباط في الجيش، كانوا يفتقرون للكفاءة "فبعض الضباط أمناء وأكفاء، لكن الغالبية يفتقدون إلى المعرفة، وهم غير أكْفَاء".

أهم النقاط التي جاءت في الوثائق:
توقعات بريطانية: وثائق بريطانية كشفت عن توقعات بانخفاض شعبية نظام جمال عبد الناصر قبل هزيمة 1967.

الجيش المستفيد الأكبر: التقرير البريطاني وصف النظام بأنه ديكتاتوري، وأن الجيش كان المستفيد الأكبر من الثورة.

تغلغل العسكريين:
زاد تدخل العسكريين في مؤسسات الدولة، مما أدى إلى استياء شعبي.

فشل اقتصادي: السياسات الاقتصادية لنظام ناصر لم تحقق أهدافها، مما أدى إلى تراجع الدعم الشعبي.

عزلة ناصر: ناصر كان معزولا عن الشؤون الداخلية، وفشل في تحقيق رؤيته للعالم العربي.

انتقادات متزايدة: زيادة الانتقادات للنظام بسبب فشل السياسات والإجراءات القمعية.

قمع الحريات وحرية الرأي: أمّم ناصر الصحافة المصرية عام 1961 لتنتقل ملكية الصحف من الأفراد إلى الدولة.

فرض النظام العسكري كهيئة لا تُمس ولا تُنتقد
علق رئيس لجنة الأمن القومى بمجلس الشورى، الدكتور رضا فهمي، على الوثيقة بالقول؛ "إنه على الرغم من أن النظام المصري الجديد حينها كان نظاما عسكريا في كل تفاصيله، وأن كل القيادات كانت قيادات عسكرية، ويفترض أن لديها خبرات في مجال إدارة المعارك والقتال والتخطيط، إلا أنها أخفقت في كل التجارب التي خاضتها منذ عام 1956 وحتى عام 1967، بل وبشكل مهين ليس للمصريين فقط، بل وللعرب أيضا، ومنح إسرائيل شعور التفوق العسكري، ومنحه لقب الجيش الذي لا يهزم".

وأكد في حديثه لـ"عربي21": "التدخل العسكري في مؤسسات الدولة، وزيادة نفوذ العسكريين في إدارة البلاد أدى إلى تدهور الكفاءة والفعالية، وتحول الهدف من حماية البلاد إلى إدارة وامتلاك البلاد، وانصب الاهتمام على ملك مصر وليس حكمها وإدارة شؤونها".



وبشأن أوجه التشابه بين حقبتي ناصر والسيسي، أوضح فهمي: "الاستناد إلى الجيش، كلا الزعيمين يعتمد بشكل كبير على الجيش كأساس لحكمهما وسلطتهما، باستخدام الجيش للسيطرة على مؤسسات الدولة كافة وإدارتها. الوعود الكبرى، كلاهما أطلق وعودا كبيرة تتعلق بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية. القمع السياسي من خلال تنفيذ سياسات قمعية للمعارضة وإحكام السيطرة على الحريات السياسية. وأخيرا فرض النظام العسكري كهيئة لا تُمس ولا تُنتقد، مع تعزيز دور الجيش في الحياة المدنية والسياسية".

ما أوجه الشبه بين أسباب الفشل بين نظامي ناصر والسيسي
اعتبر السياسي المصري، حاتم أبو زيد، أن "هزيمة عام 67 مرجعها رؤية استراتيجية لا ترى مهاجمة إسرائيل. فعبد الناصر لم  تكن لديه رغبة في مهاجمة إسرائيل على حسب ما ذكر هيكل في ملفات السويس، بل كان يسعى للقبول بإسرائيل وفق قرار التقسيم، على حسب ما ذكر الصحفي الفرنسي إيريك رولو في كتابه كوليس الشرق الأوسط. الأمر الآخر، أن الضباط كانوا عديمي الكفاءة والفهم من الناحية القتالية، بجانب الاستخفاف الشديد والاستهانة بإسرائيل".

وتابع لـ"عربي21": "شمس بدران وزير الحربية يقول عنه يقول عبد اللطيف البغدادي: كان واضحا جهله بإدارة العمليات الحربية، ويظهر أنه يعلم هذا عن نفسه. وكان همهم الأكبر هو السيطرة على المناصب في البلاد، وجمع الغنائم من ثروات البلاد. الأمر الأنكى أنهم كانوا متبلدي الحس تجاه الشعب وأبناء البلد، فشمس بدران هذا دخل على زملائه بعد الهزيمة فوجدهم في حالة صمت، فراح يمزح قائلا: ما لكم قعدين كده ليه؟!.. أنتم في عزاء، أجيب لكم قهوة سادة!! فهو لم يكن يشعر بما حل بالبلاد، ولا بموت أكثر من 15 ألف من جنوده. هذا بخلاف أن ذواتهم كانت متضخمة، لحد أنهم كانوا يظنون أن الهزيمة هو أن يتركوا مناصبهم، وأن بقاء الرئيس في منصبة نصر في حد ذاته".

ورأى أبو زيد أن "الوثيقة وكأنها تتحدث عن نظام السيسي وليس نظام ناصر، هناك تشابه لحد كبير، مرد ذلك يرجع لكونهم على الخط الاستراتيجي نفسه من جهة حصر الأعداء في الإسلاميين، ومن جهة رؤيتهم لإسرائيل، وكذلك من جهة ضعف الكفاءة وقلة الفهم، مع الاهتمام بالسيطرة على مفاصل البلاد، وجمع الثروات وتبلد الإحساس تجاه معاناة الناس".

واختتم السياسي المصري حديثه بالقول: "الحقيقة التي كشفتها معركة طوفان الأقصى، أنها كشفت عن عظم الجرم والجناية التي ارتكبتها ومازالت تقوم بها حتى الآن الجيوش العربية بحق شعوبها وأمتها. الجيش المصري ومعه بقية الجيوش سحقوا في ستة أيام في عام 67 ، بل حتى في حرب أكتوبر 1973 إذ بالسادات بعد أقل من أسبوعين يتسول وقف إطلاق النار، ويقول؛ إنه لا يستطيع أن يحارب أمريكا، والمقاومة تحارب الاحتلال وأمريكا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا منذ أكثر من 7 شهور".