تتصاعد أزمة سد النهضة بين السودان ومصر من جهة، وإثيوبيا من جهة أخرى، مع تعثر المفاوضات الفنية بينهم والتي بدأت منذ نحو 10 سنوات، وانتهت آخر جولاتها قبل أيام دون التوصل لاتفاق.
وفشلت المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا، والتي عقدت على مدار أيام في كينشاسا عاصمة الكونغو الديمقراطية، في تحقيق أي تقدم نحو حل أزمة السد.
ووصلت الأزمة حد تهديد رئيس الانقلاب في مصر، عبد الفتاح السيسي، لإثيوبيا بـ"فتح جميع الخيارات للتعامل مع أزمة سد النهضة".
وأضاف في تصريح الأسبوع الماضي: "أقول للأشقاء في إثيوبيا، يجب ألا نصل إلى مرحلة المس بالأمن المائي لمصر، لأن جميع الخيارات مطروحة، والتعاون بين الجانبين أفضل".
بداية الأزمة
أعلنت إثيوبيا في شباط/ فبراير 2011 عزمها إنشاء سد النهضة على النيل الأزرق، بسعة تخزينية تقدر بحوالي 16.5 مليار متر مكعب أسند إلى شركة ساليني الإيطالية.
يحتوي تصميم السد على 16 وحدة كهربائية، قدرة كل منها 350 ميجاوات، مما يجعل سد النهضة في المرتبة الأولى أفريقيا والعاشرة عالميا في قائمة أكبر السدود إنتاجا للكهرباء.
منذ البداية أنشأت مصر وإثيوبيا والسودان لجنة دولية من الخبراء لمراجعة وتقييم تقارير دراسة السد، وعقد الفريق اجتماعه الرابع في أديس أبابا في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012. واستعرض وثائق حول الأثر البيئي للسد وقاموا بزيارة موقع السد.
وقدموا تقريرهم الأولي إلى الحكومات المعنية في نهاية أيار/ مايو 2013. وعلى الرغم من أن التقرير الكامل لم يتم عرضه علنياً، قالت الحكومة الإثيوبية إنه وفقا للتقرير، فإن تصميم السد يستند على المعايير والمبادئ الدولية، من دون تسمية تلك المعايير والمبادئ.
ولدى مصر مخاوف جدية حول مشروع السد وطلبت الفحص والتفتيش على تصميم ودراسات السد، من أجل تهدئة المخاوف، ولكن رفضت إثيوبيا هذا الطلب ما لم تتنازل مصر عن حق الفيتو على توزيع المياه.
إصرار إثيوبي
وتصر أديس أبابا على الملء الثاني للسد في تموز/ يوليو المقبل، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق بشأنه، فيما تتمسك القاهرة والخرطوم بعقد اتفاقية تضمن حصتهما السنوية من مياه نهر النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب، و18.5 مليار متر مكعب، على التوالي.
وكان وزير الري المصري محمد عبد العاطي، اتهم أواخر كانون الثاني/ يناير الماضي، إثيوبيا بالتعنت في مفاوضات سد النهضة، وأنها تراجعت عن كل البنود التي تم الاتفاق عليها.
وقال عبد العاطي خلال جلسة للبرلمان المصري لمناقشة ملف سد النهضة، إن "الجانب الإثيوبي رفض مسودة الاتفاق التي صاغتها واشنطن، ثم تم عقد أربعة اجتماعات برعاية الاتحاد الأفريقي، وخمسة اجتماعات سداسية.. لكنْ هناك تعنت من جانب إثيوبيا في هذا الملف".
وأشار إلى أن إثيوبيا أعلنت انسحابها من المفاوضات الأمريكية في وقت سابق، مبررة ذلك بالحاجة إلى الوقت للمناقشة وفقا للأوضاع الداخلية لديها.
وساطة دولية
ولفت إلى أن احتياجات مصر المائية تصل إلى 114 مليار متر مكعب، وقال: "لدينا موارد تنتج نحو 80 مليار متر مكعب، بالإضافة إلى 20 مليار متر مكعب نتيجة إعادة استخدام المياه، وبالتالي يكون لدينا عجز بالنسبة المتبقية، وهو ما نعوضه باستيراد بعض المحاصيل التي تستخدم كميات كبيرة من المياه".
وتستدعي مصر تدخلا دوليا في الأزمة مع إثيوبيا، وتريد تدويل الملف وإحالته إلى وساطة دولية، سواء إلى الأمم المتحدة أو إحدى الدول الكبرى، إلا أن إثيوبيا ترفض التدويل، وتصر على المضي قدما في خطتها لملء السد.
والشهر الماضي، رفضت إثيوبيا مقترحا سودانيا، أيدته مصر، بتشكيل وساطة رباعية دولية، تضم الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحادين الأوروبي والأفريقي، لحلحلة المفاوضات المتعثرة.
دور روسي
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، الاثنين، إن بلاده تعول على قدرة روسيا في وقف الإجراءات الأحادية من جانب إثيوبيا في ملف سد النهضة.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك عقده شكري مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بقصر التحرير وسط القاهرة، قال شكري، إن "مصر تعول على قدرة روسيا في الدفع نحو وقف الإجراءات الأحادية من جانب إثيوبيا في ملف سد النهضة الإثيوبي (..) القاهرة أبدت مرونة في مفاوضات السد".
الموقف الأمريكي
وكدليل على عمق الخلاف بين الأطراف المعنية، دخلت واشنطن على خط الأزمة بإعلان رفضها لأي إجراءات أحادية الجانب بملف مياه النيل، ودعوتها مصر والسودان وإثيوبيا، للجلوس على طاولة المفاوضات لحل أزمة المياه.
الخارجية الأمريكية دعت البلدان الثلاثة لدخول مفاوضات جادة حتى التوصل إلى حل بشأن السد الإثيوبي، وحذرت من أي خطوات أحادية، وأبلغت إثيوبيا بتمسكها برعاية الاتحاد الأفريقي للمفاوضات.
اتفاقية المبادئ
ويرى عدد من الخبراء والمحللين تحدثت إليهم "عربي21" سابقا أن توقيع رئيس الانقلاب في مصر على اتفاقية المبادئ، كان خطأ كبيرا، إذ أن التوقيع يمثل اعترافا مصريا بحق إثيوبيا ببناء سد النهضة، دون مراعاة مخاوف دول المصب، أو تقديم تطمينات بعدم المساس بحصص المياه لكل من القاهرة والخرطوم.
ورأوا أن البديل الوحيد أمام مصر والسودان هو الانسحاب من إعلان المبادئ، لجعل كل أعمال سد النهضة حتى الآن غير مشروعة، ورفع الأمر لمجلس الأمن بموجب الفصل السابع، وخاصة أنه لا توجد أي تداعيات قانونية على مصر والسودان حال إعلان الانسحاب من تلك الاتفاقية، نظرا لأن الجانب الإثيوبي هو من قام بانتهاكها.
وفي 23 آذار/ مارس 2015، وقع رئيس سلطة الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، على "اتفاقية إعلان المبادئ"، التي بموجبها تعترف مصر رسميا بحق إثيوبيا الشرعي في بناء سد النهضة مقابل تعهد أديس أبابا بإشراك مصر في إدارتها للسد.
ويشمل الاتفاق عشرة مبادئ أساسية تتسق مع القواعد العامة في مبادئ القانون الدولي الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية؛ مثل: التعهد بعدم إحداث ضرر ذي شأن لأي دولة، والاستخدام المنصف والعادل للمياه، والتعاون في عملية الملء الأول لخزان السد، وتشغيله السنوي.
وفيما يلي أبرز الأخبار والتقارير التي نشرتها "عربي21" مؤخرا حول أزمة سد النهضة:
مصر: إثيوبيا تتعنت بملف سد النهضة وتراجعت عما اتفقنا عليه
اتهام إثيوبي لمصر والسودان.. وأرقام جديدة عن "سد النهضة"
لماذا تتمسك إثيوبيا باتفاق مبادئ عام 2015 مع السيسي؟
حملة لإسقاط توقيع السيسي على اتفاقية مبادئ سد النهضة
السودان يطلب وساطة دولية لحل خلافات سد النهضة الإثيوبي
أبرز محطات أزمة سد النهضة مع مرور 10 سنوات عليها
ما حقيقة موقف الإمارات من سد النهضة بعد تهديدات السيسي؟
تعثر مباحثات "كينشاسا" بشأن سد النهضة بعد تعنت إثيوبي
ماذا وراء ظهور أقوى مقاتلات الجيش المصري في السودان؟
السيسي لإثيوبيا: كل الخيارات مطروحة بشأن سد النهضة
إثيوبيا تؤكد المضي قدما بعملية الملء الثاني لسد النهضة
هل تستطيع مصر توجيه ضربة عسكرية لسد النهضة الإثيوبي؟
دراسة: 89 بالمئة من المصريين يرغبون في تدمير السد الإثيوبي
مصر ترد مقترحا إثيوبيا حول "النهضة".. وتحرك سوداني احترازي
صباحي يدعو لـ"خطة حرب" ووحدة وطنية بمواجهة أزمة السد
شكري: نعول على قدرة روسيا لوقف إجراءات إثيوبيا بسد النهضة
هل يردع التحذير الأمريكي إثيوبيا ويوقف خططها بملف النهضة؟
ماذا وراء ظهور أقوى مقاتلات الجيش المصري في السودان؟
لماذا ترفض إثيوبيا الوساطة وتتمسك بها مصر والسودان؟