تصدرت طبيبة النساء والتوليد
المصرية وسام شعيب، وسائل الإعلام خلال الساعات القليلة الماضية خاصة بعد أن ألقت أجهزة الأمن القبض عليها بسبب واقعة الفيديو المثير للجدل، المعروف إعلاميًا بفضح أسرار المرضى.
وخلال الساعات الماضية انتشر فيديو للطبيبة على صفحتها في "فيسبوك"، حيث تناولت خلاله قضية اجتماعية حساسة تتعلق بتقصير بعض الأسر في تربية الفتيات.
وأوضحت شعيب في الفيديو أنها واجهت حالات صادمة في عيادتها، مشيرة إلى قصة فتاة مراهقة حضرت إلى العيادة برفقة سيدتين من عائلتها ادعتا أنها متزوجة منذ ثلاثة أشهر فقط، إلا أن الفحص الطبي كشف أنها كانت في الشهر الثامن من الحمل، ما يبرز إشكاليات كبيرة في القيم والأخلاقيات الأسرية.
الفيديو أثار تفاعلات واسعة النطاق على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انقسم الجمهور بين مؤيد يقدر شجاعة الطبيبة في مناقشة قضايا حساسة وبين معارض يتهمها بانتهاك خصوصية المرضى والتسبب في وصم فئات من المجتمع. لكن شعيب دافعت عن موقفها، مشيرة إلى أن هدفها الرئيسي هو التوعية المجتمعية وليس التشهير أو الإساءة لأي طرف.
ردود الفعل والتفاعل الإيجابي مع الفيديو
على الرغم من الانتقادات، حمل الفيديو بعض الجوانب الإيجابية التي لم تغفلها الطبيبة وسام شعيب، أكدت أن ما أسعدها هو تفاعل بعض الأشخاص مع القضية بتقديم التبرعات لدعم الأطفال في الحضانات والمساهمة في مساعدة الأسر التي تواجه ظروفًا صعبة.
وأضافت أن هذا النوع من التفاعل يعكس جانبًا من الوعي المجتمعي الذي كانت تهدف إليه من خلال طرحها للموضوع.
وقالت شعيب: "بالنسبة لي، مجرد تحفيز هذا النوع من النقاشات ودفع الناس إلى اتخاذ خطوات إيجابية يُعتبر نجاحًا بحد ذاته". هذا التفاعل يوضح أن المجتمع بدأ يعي ضرورة الحديث عن هذه القضايا علنًا، خاصة عندما يتعلق الأمر بحماية حقوق الأطفال وتوفير بيئة سليمة لتربيتهم.
وقبل تصاعد الأمر وتحويلها للتحقيق قالت شعيب على حسابها على الفيسبوك: "مبدئياً انا عمري ما كنت اتخيل أن كلامي يبقي مؤثر للدرجة دي والفيديو يأخد كميه المشاهدات ديه بس يمكن علشان يعلم الله اني كنت بتكلم بكل نيه سليمه غرضها التوعية لكل بناتنا وأولادنا وأمهاتنا في رساله بسيطه بتقول (خدي بالك أرجوكي فيه ناقوس خطر بيدق على راس بناتنا واولادنا) "
نقابة الأطباء تحول الطبيبة للتحقيق
وأعلنت النقابة العامة المصرية للأطباء، تلقيها شكاوى ضد طبيبة أمراض نساء وتوليد، تتهمها بنشر فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قامت خلاله بالتشهير بالمرضى، والحديث بألفاظ لا تليق، تمثل اعتداءً على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري.
وأكدت النقابة، في بيان اليوم، أنها أحالت الشكاوى المقدمة ضد الطبيبة، إلى لجنة آداب المهنة للتحقيق فيها، مشددة على استنكارها لأي أفعال فردية، من شأنها الإساءة للمريض والمهنة معا.
وأكدت النقابة أنها تواجه أي مخالفات لأعضائها في حال ثبوتها بكل حسم، وأن أي طبيب يخرج عن قواعد ولائحة آداب المهنة والأصول الطبية المستقر عليها والمعمول بها، يتم إحالته للتحقيق وللهيئة التأديبية؛ لتحديد العقوبة المستحقة عليه، والتي قد تصل إلى الشطب من جدول
نقابة الأطباء ما يترتب عليه منعه من ممارسة مهنة الطب.
وكان نقيب الأطباء الدكتور أسامة عبد الحي، أكد أن وظيفة الطبيب الأساسية هي علاج المرضى والحفاظ على أسرارهم، مشددًا على أن ما قامت به الطبيبة يعد انتهاكًا واضحًا لأخلاقيات المهنة.
نقيب الأطباء يعلق
وأوضح النقيب أن الطبيبة تم تحويلها فورًا للجنة آداب المهنة للتحقيق في الواقعة، مؤكدًا أن الخطأ الذي ارتكبته الطبيبة مخالف تمامًا لقواعد وآداب المهنة.
وأشار النقيب إلى أن شطب الطبيبة من سجلات النقابة وارد، لكن البداية ستكون بوقفها عن العمل لحين انتهاء التحقيقات.
في سياق متصل أكد نقيب الأطباء أن النقابة لن تنتظر انتهاء تحقيقات النيابة العامة، بل ستتخذ إجراءاتها بالتوازي لضمان الحفاظ على سمعة المهنة واحترامها.
موقف الطبيبة من النقد والاعتراضات
فيما يتعلق بالاعتراضات التي واجهتها بسبب الفيديو، أكدت الطبيبة وسام شعيب أن وجود آراء متباينة حول أي قضية هو أمر طبيعي وصحي. قالت إنها تحترم كل من يعبر عن رأيه بأسلوب لائق ومهذب، مشيرة إلى أن التعامل مع النقد هو جزء من تجربتها في تقديم الوعي المجتمعي. وأضافت: "الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لم تُجمع عليه الآراء".
ومع ذلك، شددت شعيب على أن الهدف من الفيديو كان تسليط الضوء على ظاهرة تتفاقم في المجتمع، وليس مهاجمة أو إهانة أي جهة. بالنسبة لها، فإن النقد البناء هو فرصة للتعلم والنمو، بينما النقد الهدام لا يخدم سوى إثارة الجدل غير المفيد.
الخصوصية المهنية
واحدة من أبرز التهم التي وُجهت إلى الطبيبة وسام شعيب كانت انتهاك خصوصية المرضى من خلال التحدث عن تفاصيل معينة، وردًا على هذه الادعاءات، أوضحت شعيب أنها لم تتحدث عن أي معلومات محددة تخص مرضاها، مثل الأسماء أو العناوين أو أي بيانات شخصية.
وشددت
الطبيبة المصرية على أن حديثها كان عامًا ولا يختلف عن الحالات التي يناقشها الأطباء في البرامج التلفزيونية أو يذكرها المحامون في وسائل الإعلام.
وأضافت شعيب أن هدفها لم يكن مطلقًا النيل من خصوصية أحد، بل كان الهدف هو التوعية وإثارة النقاش حول قضايا يجب معالجتها بجدية. كما أكدت أن هذا النوع من النقاشات العامة يسهم في زيادة وعي المجتمع حول القضايا الملحة التي تواجهه.
وأكدت شعيب أنها تحدثت انطلاقًا من تعاليم دينها الإسلامي، وأن هدفها كان إبراز أن الزنا وحمل السفاح من القضايا المحرمة دينيًا، وأشارت إلى أن هذه الظاهرة بدأت تأخذ أبعادًا مقلقة في المجتمع المصري، الأمر الذي استدعى تسليط الضوء عليها.
وأوضحت الطبيبة أنها لا تسعى إلى مجرد انتقاد الظاهرة بل ترغب في تقديم حلول جذرية للمساعدة في حماية الأطفال الذين يولدون في ظروف صعبة، والحد من الممارسات غير القانونية التي تضر بمستقبلهم.
إفشاء أسرار المهنة
وفي تصريحات خاصة لـ "عربي 21" أكد أحد الأطباء المسؤولين عن لجنة آداب المهنة (رفض ذكر اسمه) أن قانون آداب المهنة الذي ينظم عمل الطبيب، جرم بشكل قاطع إفشاء أسرار المهنة ولا الحديث عن تلك الحالات.
وأضاف أن الطبيبة المصرية أخطأت في الحديث عن تلك الحالات التي مرت بها وكان يستوجب عليها إبلاغ النقابة أو محامي النقابة عن تلك الظاهرة التي مرت عليها من خلال عيادتها أو المستشفى التي تعمل بها، وعليه تتحرك النقابة لمعاجلة تلك الظاهرة، أو أضعف الإيمان أن تبلغ أحد المسؤولين دون ذكر تفاصيل أو اسمها في الموضوع.
تحويل الطبيبة للنيابة العامة
وفي السياق ذاته أكد المصدر أن لجنة آداب المهنة في نقابة الأطباء هي المسؤولة عن التحقيق مع الطبيبة، واتخاذ ما تراه مناسبا، ومن الخطأ أن تحول الطبيبة للنيابة العامة مباشرة وتتحول القضية لأمر جنائي دون العودة للنقابة.
وأضاف أن تحويل الطبيبة إلى النيابة العامة يأتي من خلال لجنة آداب المهنة في حال أثبت التحقيق معها ارتكاب جريمة جنائية تستوجب المساءلة القانونية الجنائية.
وأكد أن من حق الطبيبة عدم التحدث أمام النيابة إلا في وجود المحامي الخاص بالنقابة وأحد أعضاء مجلس النقابة بجلسة التحقيق حفاظا على حقوقها كطبيبة.
أسلوب العرض
ومن ناحية أخرى أكد وكيل وزارة الصحة
المصرية الأسبق، الدكتور مصطفى جاويش في تصريحات خاصة لـ "عربي21" أن المرجعية الأساسية للقضية المثارة الخاصة بالطبيبة المصرية هي عرض قسم
الطبيب والقياس عليه.
وأضاف جاويش أنه بالنظر إلى القسم فإن
الطبيبة من خلال سرديتها للأحداث فإنها قد صانت حياة الناس وبذلت الجهد الطبي في
تقديم أقصى خدمة ممكنة، وأنها قد سترت العورات حيث أنها لم تذكر أسماء بعينها، ولم
تقم بإفشاء خصوصيات المرضى على العلن، ولكن حقيقة ما فعلته هو الإفشاء بالسر المهني
حول ظاهرة ترى أنها باتت منتشرة في المجتمع.
وتابع وكيل وزارة الصحة الأسبق أن الإشكالية
كانت في الكلمات الصادمة وفي أسلوب العرض للظاهرة بألفاظ لا تتوافق مع أساليب
التوعية الصحية والتثقيف المجتمعي لعامة الناس.
معالجة القضية
وقال جاويش إنه ومن خلال متابعته
لردود الأفعال شاهدت أمرا غريبا وهو أن الإعلام ترك المشكلة الحقيقية، وترك ظاهرة
تنتشر واهتم الجميع بالطبيبة ولماذا قالت ولماذا حاولت دق ناقوس الخطر في المجتمع،
حيث يرى أنها قضية مهنية في المقام الأول وليست قضية جنائية، ليتم تحويلها إلى
النيابة العامة.
واختتم جاويش تصريحاته قائلا إن دور
نقابة الأطباء يبرز في إحالتها إلى لجنة آداب المهنة بناء على شكاوى وصلت للنقابة،
ولكن إلقاء القبض عليها وتحويلها للنيابة بتهمة تكدير الصفاء المجتمعي والسلم
العام يعتبر التفافا على المشكلة الحقيقية التي تناولتها الطبيبة وخانها فيها
أسلوب العرض وطريق الشرح على عامة الناس رغم أنها لم تقم بإفشاء سر المرضى ولم
تنتهك الخصوصية لهم، ومن واجب نقابة الأطباء القيام بدورها نحو الطبيبة مهنيا
ونقابيا، والتركيز على الجانب الإيجابي من التوعية المجتمعية، ووضع خطأ الطريقة في
الإطار المهني وليس الجنائي.
قانون لجنة آداب المهنة
يتضمن قانون لجنة آداب المهنة بنقابة الأطباء المصرية بندا بـ"أمانة الطبيب في حفظ أسرار المرضى" هي أحد المبادئ الأساسية في قانون مهنة الطب والأخلاقيات الطبية، وتعد جزءًا من "أدب المهن الطبية".
وتحرص القوانين الطبية، بما في ذلك في مصر، على حماية خصوصية المرضى والحفاظ على سرية المعلومات الطبية المتعلقة بهم حيث يتضمن ذلك البند:
الالتزام بسرية المعلومات:
يُعتبر الطبيب مسؤولًا قانونيًا وأخلاقيًا عن الحفاظ على سرية جميع المعلومات المتعلقة بالمرضى، سواء كانت هذه المعلومات طبية أو شخصية.
يشمل ذلك تفاصيل التشخيص، العلاج، التاريخ المرضي، الفحوصات، والأدوية التي يتناولها المريض.
لا يجوز للطبيب إفشاء أي معلومات عن المريض إلا إذا كان هناك موافقة صريحة من المريض نفسه أو إذا كان الكشف عنها مطلوبًا بموجب القانون.
استثناءات إفشاء السرية:
على الرغم من التزام الطبيب بسرية المعلومات، فإن هناك بعض الاستثناءات التي قد تسمح للطبيب بالكشف عن أسرار المريض، ومنها:
إذن المريض: إذا طلب المريض من الطبيب مشاركة معلوماته مع شخص آخر، مثل أفراد العائلة أو مستشار طبي آخر.
حالات الطوارئ: إذا كان إفشاء السرية ضروريًا لإنقاذ حياة المريض أو حماية صحة الآخرين، مثل حالات الأمراض المعدية.
التقارير القانونية: في بعض الحالات القانونية، قد يُطلب من الطبيب تقديم تقرير أو إفادة تتعلق بحالة المريض، كما في حالات الحوادث أو الشهادات القانونية.
عقوبات إفشاء الأسرار:
يُعد إفشاء الطبيب لأسرار المريض دون إذنه خرقًا لأخلاقيات المهنة، ويمكن أن يؤدي إلى مساءلة قانونية وتأديبية.
قد تشمل العقوبات سحب الترخيص الطبي، أو التعليق المؤقت من الممارسة الطبية، أو فرض غرامات، وقد يصل الأمر إلى المسؤولية الجنائية في الحالات التي يؤدي فيها إفشاء السرية إلى أضرار جسيمة للمريض أو للمجتمع.