نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا لمحرر الشؤون الخارجية السابق في صحيفة "ديلي ميل" أنطوني هاروود، يتساءل فيه عن سبب دفع دولة
الإمارات نفقات رئيس الوزراء البريطاني السابق
توني بلير، أثناء عمله مبعوثا خاصا للشرق الأوسط.
ويقول هاروود: "هناك طريقتان يمكن التعامل من خلالهما مع الكشف الأخير حول دفع الإمارات العربية المتحدة ملايين الدولارات لبلير أثناء عمله مبعوثا خاصا في الشرق الأوسط، فلو كنت متسامحا مع رئيس وزرائنا السابق، فإنك قد تقبل تأكيداته عن عدم وجود تضارب في المصالح، وقد تصدق أن أي علاقة له مع الدولة الخليجية لم تؤثر على عمله المهم وهو يحاول حل النزاع
الإسرائيلي-
الفلسطيني".
ويضيف الكاتب: "من أجل النقاش، دعنا نقبل أنه ونتيجة للحقد العميق لإيران في المنطقة، فإنه يتم وضع الإمارات إلى جانب إسرائيل، لكن ما أجد صعوبة في قبوله هو تأكيد بلير أنه لم يستخدم دوره، بصفته مبعوثا للرباعية، لمتابعة مصالحه التجارية".
ويعلق هاروود في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، قائلا: "ما لا يدعو للشك أن دورا يأخذك حول العالم لحل الأزمة الإسرائيلية الفلسطينية، يجعلك تجلس على عدد من طاولات التفاوض مع قادة العالم، ممن تستطيع أن تعقد معهم صفقات".
ويشير الكاتب إلى أنه "بناء على القصة التي نشرت هذا الأسبوع في صحيفة (ديلي تلغراف)، فإنه من المعروف أن توني بلير، بصفته مبعوث سلام، التقى بشكل متكرر وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وفي الوقت ذاته حصل على أموال من شركة نفط كورية كانت تحاول عقد صفقات مع شركة استثمار النفط الدولية المملوكة من الإمارات، وتكشف الرسائل الإلكترونية كيف عبر بلير عن (امتنانه الكبير) للشيخ عبدالله؛ لأنه جمع الطرفين ورتب لقاءهما، ولا شك أن الشركة الكورية (يو أي إنيرجي) شعرت أن المبلغ المالي الكبير الذي دفعته لبلير أنفق في مكانه الصحيح".
ويستدرك هاروود بأن "الجوهر الحقيقي للقصة يتعلق بالكيفية التي تلقى فيها توني بلير نفسه ومكتبه الملايين من الإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى أن هناك مزاعم بأن المسؤولين في وزارة الخارجية، ممن أرسلوا لمساعدة بلير في دوره مبعوثا للسلام، تم حرف عملهم لمساعدته في برامجه التجارية، حيث سافر أحدهم إلى الإمارات العربية المتحدة للقاء مدير الصندوق السيادي لأبوظبي خلدون المبارك، وبعد عام استعان الصندوق ببلير ليقوم بمهمة استشارية".
ويلفت الكاتب إلى أنه "بعد أربعة أعوام، وفي عام 2013، قام رئيس الوزراء الأسبق بعقد محادثات مع الحكومة البريطانية نيابة عن دولة الإمارات، التي كانت تحاول الحصول على صفقات بقيمة ملايين الجنيهات الإسترلينية".
ويقول هاروود إن "التبرير لهذه الأرباح المالية هو أن بلير لم يكن يتلقى أجرا على عمله كونه مبعوث سلام، وكان بحاجة للمال من مصدر آخر ليدفع التكاليف العالية لسفراته ومكتبه الذي كان يديره، إلا أن هناك الكثير من تذاكر السفر ونفقات الفنادق التي دفعت، بالإضافة إلى الملايين التي حصل عليها من الصندوق السيادي، وهناك 1.2 مليون جنيه وصلت من مكتب وزير الخارجية الشيخ عبدالله، أرسلت عام 2011، و8 ملايين جنيه وصلت من الخارجية الإماراتية لقاء العمل الاستشاري الذي قامت به شركته للإمارات في كولومبيا وفيتنام ومنغوليا".
ويتساءل الكاتب قائلا: "ماذا عن الأدوار الاستشارية الأخرى التي لا نعرف عنها؟ فنحن نعرف عن الإمارات لأن (ديلي تلغراف) حصلت على رسائل إلكترونية مسربة".
وينقل هاروود ما قاله مدير جمعية التفاهم العربي البريطاني (كابو) كريس دويل، قوله: "لو نظرت إلى المبادئ السبعة التي تحدد العمل العام: التفاني والنزاهة والموضوعية والمحاسبة والانفتاح والصدق والقيادة، فمن الصعب أن نجد أن بلير قد التزم بأي منها عندما كان مبعوثا للرباعية".
ويفيد الكاتب بأن "الطرف الثاني الذي لم يخرج سالما من هذه الملحمة، هو دولة الإمارات العربية، حيث قامت بحشو جيوب مبعوث السلام بالمال؛ ليقوم بمتابعة مصالحها الجيوسياسية والتجارية، في الوقت الذي كان يجب أن تتركه وشأنه؛ ليركز على المهمة التي أوكل بها".
ويختم هاروود مقاله بالقول: "ليس عجيبا أن سنوات بلير الثماني كونه مبعوثا للرباعية، كانت فاشلة، في الوقت الذي جرت فيه أحداث كثيرة".