قالت صحيفة "ديلي تلغراف" إن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني
بلير، يواجه تهما خطيرة بتلقي الملايين من دولة
الإمارات العربية المتحدة، فيما يعتقد أنه تضارب مصالح أثناء عمله مبعوثا للرباعية الدولية للشرق الأوسط.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21" إلى أن وثائق اطلعت عليها الصحيفة كشفت عن أن الإمارات العربية كانت تقوم بتمويل عمله الرسمي عندما كان مبعوثا للرباعية، وحصل في الوقت ذاته على الملايين كاستشارات من الدولة وصندوق أبو ظبي السيادي، لافتا إلى أن مساهمة الإمارات لعمل بلير في
الرباعية لم يتم الكشف عنها من ضمن المانحين لعمل الرباعية.
وتنقل الصحيفة عن المتحدثة باسم رئيس الوزراء الأسبق، قولها إن التمويل الذي تلقاه هو مساهمة للعمل الذي كان يقوم به وطاقمه في لندن مع الرباعية الدولية، ووصفت الحديث عن تضارب المصالح بأنه "زائف"، وقالت إن بلير "لم يستخدم أبدا مكتب الرباعية لنشاطاته الأخرى"، وأضافت: "لم يقم بلير بأي عمل تجاري له علاقة بالمهام المتعلقة بالموضوع
الفلسطيني الإسرائيلي".
ويلفت التقرير إلى أن مسؤولا بارزا في الخارجية البريطانية أدى دور مدير طاقم توني بلير بشأن مهامه في الرباعية، وتم استخدامه في شؤون أخرى، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء الأسبق نفى أي علاقة بدوره العام والخاص واستخدام المسؤولين العاملين معه في "قضايا تجارية".
وتذكر الصحيفة أن بلير اعترف بعد عدة مساءلات بأنه تلقى أموالا من دولة الإمارات العربية في الشركة ذاتها لتمويل عمله بصفته مبعوثا للشرق الأوسط عن الرباعية، الذي لم يتلق عليه أجرا، وللاستشارات الخاصة التي قدمها للإمارات، لافتة إلى أن موقع الرباعية لم يكشف عن مصادر الدعم الإماراتي للرباعية، رغم وجود صفحات تتحدث عن التمويل الذي تلقته الرباعية من "مصادر أخرى"، بما فيها حكومات كندا والولايات المتحدة وبريطانيا.
ويكشف التقرير عن أن الرسائل الإلكترونية التي اطلعت عليها صحيفة "ديلي تلغراف" تشير إلى أن مدير طاقم بلير نيك بانر، سافر بعد عام من تولي بلير منصبه مبعوثا للرباعية، الذي أعقب خروجه من رئاسة الوزراء عام 2007، إلى الإمارات العربية للقاء خلدون المبارك، رئيس شركة "مبادلة"، وهي الصندوق السيادي لأبوظبي، التي عمل معها بلير بعد عام، وتلقى عائدا ماليا لقاء استشاراته، مشيرا إلى أن مكتب رئيس الوزراء الأسبق رفض الكشف عن طبيعة اللقاء مع المبارك، الذي يشغل في الوقت ذاته منصب المدير التنفيذي لهيئة شؤون الاستثمار.
وتفيد الصحيفة بأن بانر، الذي أعارته وزارة الخارجية لمكتب الرباعية لمدة عام، قام بعد شهر بمهمة ترتيب لقاء مع شركة "يو آي إنيرجي" الكورية ودولة الإمارات، وحصل رئيس الوزراء الأسبق على مبالغ مالية لقاء الاستشارات التي قدمها، منوهة إلى أنه لم يتم الكشف عن دور بلير مع الشركة الكورية إلا بعد عامين؛ لأنه أخبر لجنة الاستشارة المتعلقة بالتعيينات التجارية في الحكومة أن الشركة كانت قلقة مما أسماه "حساسيات السوق".
ويورد التقرير أن الرسائل الإلكترونية تكشف كيف نجح بلير قبل مشاركة بانر في إقناع وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد بجمع المسؤولين الإماراتيين على طاولة المفاوضات في عام 2008، والتقى بلير مع
ابن زايد في أكثر من مناسبة، وذلك باعتبار دوره مبعوثا للرباعية، لافتا إلى أنه جاء في رسالة إلكترونية، تعود إلى 7 آب/ أغسطس، كتبها بانر بعد وصول وفد من الشركة الكورية إلى أبو ظبي: "مرفق أدناه تفاصيل عن وصول مجموعة (يو آي) وأنها راغبة بلقاء المسؤولين البارزين في شركة الاستثمار النفطي الدولية، لحل الإشكاليات التي ظهرت، وهي مفهومة، لكن للأسباب الخطأ"، وأضاف بانر: "بناء على المنفعة المتبادلة، فإن بلير ممتن للدور الذي أداه الشيخ عبدالله للتأكد من عقد اللقاء"، حيث كان من بين أعضاء الوفد الكوري، المدير السابق لشركة "يو آي كيو" صن تشوي، الذي حكم عليه بالسجن لاحقا في قضية رشوة.
وبحسب الصحيفة، فإن الدور الذي أداه بانر مفاجئ؛ لأنه قال عندما استقال من منصبه بصفته مديرا لطاقم الرباعية في لندن عام 2015، إن المكتب "لم ينخرط أبدا في نشاطات تجارية"، مشيرة إلى أن المسؤولة في وزارة الخارجية ربيبكا غوثري، التي كلفت بالعمل مع مكتب الرباعية، قامت في عام 2009 بإرسال تفاصيل بنكية لشركة "ويندرش فينجرز"، وهي الشركة التي قامت بالإشراف على نشاطه الاستشاري، إلى مسؤول إماراتي، بعد يوم من لقاء بلير مع الشيخ عبد الله في الأمم المتحدة في نيويورك.
ويبين التقرير أنه في رسالة إلكترونية منفصلة، أرسلت عام 2010، قام المسؤول المالي لشركة توني بلير، جيسون سيرنك، بالكتابة للمسؤولين في الإمارات، طالبا المال لدعم نشاطات ممثلية الرباعية في لندن.
وشاهدت الصحيفة تفاصيل عن وصول مليوني دولار إلى "ويندرش فنيجرز" من مكتب الشيخ عبدالله بن زايد، حيث تلقت هذه الشركة 12 مليون دولار من الإمارات، لقاء العمل الاستشاري الذي قامت به للإمارات في كولومبيا وفيتنام ومنغوليا، بالإضافة إلى الملايين التي تلقتها من "مبادلة".
وينوه التقرير إلى أن المتحدثة باسم بلير رفضت التأكيد فيما إن كانت الأموال التي أرسلت لمكتب الممثلية هي تلك التي طلبتها غوثري، وأن الأموال التي وصلت من وزارة الخارجية الإماراتية لها علاقة بالنشاطات التجارية، إلا أنها أكدت أن مساهمة الإمارات هي لعمل الرباعية، ودفع تكاليف عمل بلير والطاقم العامل في لندن.
وتشير الصحيفة إلى أن الرباعية تتكون من الاتحاد الأوروبي وأمريكا وروسيا والأمم المتحدة، ولقيت دعما من برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة، لافتة إلى أن اسم الإمارات العربية لم يذكر من بين تسعة مانحين.
ويعلق كريس دويل من جمعية التفاهم العربي البريطاني "كابو" على ما كشفت عنه الصحيفة، قائلا بأنه كشف الغطاء، رغم تأكيد بلير عدم وجود تضارب بين عمله ومصالحه التجارية.
وتختم "ديلي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى أنها كشفت في عام 2013 كيف اجتمع بلير نيابة عن الإمارات مع السكرتير العام للخزانة البريطانية لورد دايتون، حيث كانت الإمارات تحاول الحصول على صفقات بقيمة ملايين الجنيهات الإسترلينية في بريطانيا.