أجرت صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية مقابلة مع المعتقل السابق في
مصر، محمد سلطان، حول الأوضاع في
سجون النظام المصري، وحالة الفوضى والوحشية داخل الأجهزة الأمنية؛ وذلك على خلفية اختطاف الطالب الإيطالي جوليو ريجيني وتعذيبه حتى الموت.
ونقلت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، عن محمد سلطان قوله: "عندما قرأت في الأخبار ما حصل للطالب الإيطالي جوليو ريجيني، تذكرت المعاناة التي مررت بها أنا أيضا في سجون النظام العسكري المصري. فجسم ريجيني كانت عليه الآثار ذاتها التي كانت على جسمي أنا وبقية السجناء الذين قابلتهم".
وقالت الصحيفة إن هذه الشهادة المحزنة تأتي من الشاب محمد سلطان، البالغ من العمر 25 سنة، الذي اعتقل إثر الانقلاب العسكري في سنة 2013؛ بتهمة مساندة تيار الإخوان المسلمين، ثم دخل في إضراب عن الطعام على مدى 16 شهرا من جملة 21 شهرا قضاها في أقبية النظام.
ويقول سلطان بنبرة حزينة وهو يحاول حبس دموعه: "لقد خرجت من الجحيم بأعجوبة، فأنا حي الآن بفضل الجنسية المزدوجة؛ لأنني مواطن مصري أمريكي".
وعند سؤاله حول سبب نشره عددا كبيرا من التغريدات المتعاطفة مع الطالب الإيطالي، قال سلطان: "أنا أتعاطف معه لأنني أعلم تماما ما مر به من ألم ومعاناة، فقد عشت التجربة ذاتها من قبل. إن الأمر لا يمكن لبشر تخيله، إنه تماما مثل الجحيم. عندما وصلت قوات الأمن لمنزلنا، كانوا يرتدون الزي المدني، وشرعوا مباشرة في تعنيفي أنا وأصدقائي، في البداية كانوا يبحثون عن والدي، وعندما لم يجدوه أخذوني أنا وأصدقائي دون أي سبب".
ويضيف سلطان: "تماما مثل جوليو ريجيني، تعرضت لكسر في ذراعي وكدمات مؤلمة؛ بسبب الضرب المتواصل، ثم تمت تغطية أعيننا ونقلنا لمكان مجهول، وبقينا رهن الاحتجاز دون أن توجه لنا أي تهمة، وفي الزنزانة تم إجبارنا على الوقوف قبالة الحائط لساعات، ولكن ذلك لم يكن إلا البداية فقط".
ويواصل سلطان سرد معاناته في سجون الانقلاب قائلا: "عندما حان وقت نقلنا، أمرنا الضابط بالقيام بتمارين الضغط قبل الذهاب لصعود سيارة الترحيلات، ولكنني عجزت عن القيام بذلك؛ لأنني كنت خائر القوى، فصوب مسدسا نحو رأسي وهددني بالموت. ثم عندما فتحوا باب الزنزانة، كان هنالك صفان من عساكر الشرطة، وعلينا المرور في الوسط، وكل واحد منهم ينهال علينا بالضرب بالحزام أو الحذاء أو العصا. ثم بعد أن تم نقلنا، تم تجريدي من ملابسي وضربي مرة أخرى، وتم حرماني من أدويتي، وانقطع عصب في ذراعي المكسورة".
"ثم جاء ما هو أسوأ من ذلك؛ حيث كنت أخضع للتعذيب، ويتم أخذي للتحقيق في منتصف الليل. يتم أخذك من زنزانتك ولا تعلم في أي حال ستعود إليها، والشعور بأن لا أحد من أهلك يعلم مكانك أو ما تمر به، وأصوات
التعذيب وصرخات المحتجزين لا تسمح لك بالنوم، وشركاؤك في الزنزانة يعودون بعد كل جلسة تحقيق وأجسامهم مليئة بالجروح والحروق، وبعضهم يموت تحت التعذيب؛ لأنه لم يحتمل الأمر. لقد لفظ عمي أنفاسه الأخيرة في السجن بعد أن تعرض لبتر اثنين من أصابعه وحروق بأعقاب السجائر في كامل جسده".
وحول ظروف خروجه من الإخفاء القسري الذي كان يتعرض له، قال سلطان: "أنا مواطن أمريكي ومصري في الوقت ذاته، وقد تحركت السفارة الأمريكية مباشرة بعد اختطافي، لهذا السبب مارسوا ضدي كافة
الانتهاكات ولم يقدموا على قتلي، رغم أنهم حاولوا دفعي للانتحار؛ عبر إعطائي شفرة حلاقة في السجن، وترك أسلاك الكهرباء عارية بقربي، ولكني لم أستسلم".
وتساءلت الصحيفة عما إذا كان مصير جوليو ريجيني سيصبح مغايرا لو تحركت السلطات الإيطالية بسرعة وفعالية، وهو ما أكده سلطان الذي قال: "لا أفهم كيف يتم التعامل مع الحكومة المصرية كما لو أنها في دولة يوجد فيها قانون، إن سجون نظام السيسي توجد فيها وحوش بشرية ترتكب كل أنواع العنف، ولا تخضع لأي محاسبة".