نشرت صحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية تقريرا حول مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة، استبعدت فيه أن يكون وراء هذه الجريمة عمل إجرامي أو إرهابي، ووجهت اتهاما مباشرا للأجهزة الأمنية ونظام السيسي بارتكاب جريمة سياسية والسعي لطمس معالم الجريمة.
واعتبرت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، أن جريمة قتل جوليو ريجيني لا يلفها أي غموض، رغم مساعي وزارة الداخلية
المصرية خلال الـ24 ساعة الأخيرة لبناء "ستار من الكذب والتضليل" لإخفاء الحقيقة، أو الإيهام بوجود دوافع أخرى للجريمة، من خلال تقديم رواية "لا يمكن أن تصمد أمام أول اختبار".
وذكرت الصحيفة أن المعلومات التي حصلت عليها
إيطاليا من مصادر دبلوماسية وأمنية ومخابراتية، تؤكد جميعها أن جسد ريجيني الذي نقل لمستشفى إيطالي في القاهرة، تظهر عليه آثار تعذيب واضحة، مثل آثار الحرق بالسجائر، وقطع أذنه، وجروح عميقة، وكسور وكدمات في عدة أجزاء من جسده، وهو ما أكده المحققان حسام نصار وأحمد ناجي اللذان عثر عليه في الجيزة.
وتضيف الصحيفة: "إلا أن الضابط خالد شلبي، مدير قسم التحقيقات الجنائية، والمتحدث باسم وزارة الداخلية، حاول إدخال الارتباك على الموقف من خلال الادعاء بأن الآثار على جسم ريجيني تشير إلى تعرضه لحادث سيارة".
وقالت الصحيفة إن جثة ريجيني عثر عليها على جانب الطريق بين القاهرة والإسكندرية، ما يعني أن من قتله كان على عجلة من أمره للتخلص من الجثة، ولكنه فشل في التمويه على جريمته، من خلال الإيحاء بفرضية أنها جريمة جنسية، وهي الفرضية ذاتها التي أشارت إليها السلطات المصرية في أول اتصال لها مع الجانب الإيطالي بعد العثور على الجثة، قبل أن تغير أقوالها وترجح أنه تعرض لحادث سير.
وأكدت الصحيفة أن المعلومات المتوفرة حتى الآن تقصي فرضية أن يكون ريجيني قد تعرض لعمل إرهابي؛ لأن التنظيمات المتشددة لا تعتمد أسلوب القتل سرا بل تسعى لاستعراض عملياتها لتخويف الأعداء، أو تفاوض للحصول على فدية، كما أن إيديولوجيا هذه المنظمات تحرم التدخين والتعذيب بأعقاب السجائر.
واعتبرت أن التفسير الوحيد الذي يبدو قريبا للمنطق، هو أن الجريمة تمت بدوافع سياسية. وقد ظهرت معلومات جديدة تفيد بأن هذا الطالب المهتم بالشؤون
السياسية والشرق الأوسط بدأ منذ فترة بكتابة مقالات صحفية مع اعتماد اسم مستعار، وقد عبر سابقا لمعارفه عن خوفه من تعرضه للقمع من قبل أجهزة الأمن المصرية، وطلب في مراسلة موجهة لصحيفة "المانيفستو" نشر مقاله باسم مستعار خوفا من الشرطة وأجهزة الأمن الموازي، حسب تعبيره.
وأشارت الصحيفة إلى أن مخاوف ريجيني لها ما يبررها، فقد شهدت فترة 25 كانون الثاني/يناير التي تمثل ذكرى اندلاع الثورة المصرية موجة من الاعتقالات العشوائية، وعمليات الترهيب التي تقوم بها أجهزة الأمن ضد معارضي حكم عبد الفتاح السيسي، ما يعني أن القاتل على الأرجح ينتمي لجهاز المخابرات سيئ الذكر، أو أحد أجهزة الشرطة السرية التي تعيث فسادا في البلاد.
وذكرت الصحيفة أن شاهدين من القاهرة أكدا أنهما شاهدا شابا ذا ملامح غربية يتعرض للاعتقال في وسط المدينة، رغم أنه لم يعثر عليه فيما بعد في أي من مراكز الاعتقال المصرية، ما يرجح فرضية أن الجريمة سياسية.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مخابراتي لم تكشف عنه، قوله: "إن نشاط الأجهزة الأمنية في مصر يتسم بالغموض والفوضى، ولذلك فإنه من غير المستبعد أن يكون جوليو ريجيني قد وقع بين أيدي إحدى فرق الموت، أو مجموعة من الشرطة الموازية (البلطجية)"، وتوفي تحت التعذيب.
وفي الختام، قالت الصحيفة إنه مع وصول فريق من المحققين الإيطاليين المنتمين لجهازي الشرطة والمخابرات العسكرية الإيطاليين الجمعة إلى القاهرة، فإن الجانب المصري سيواجه موقفا محرجا ولن يكون أمامه الكثير من الوقت لإيجاد القاتل، ولكن حتى لو تم تحديده، فإن عبد الفتاح السيسي على الأرجح لن يقبل تسليمه للقضاء الإيطالي.