عاد التوتر مجددا بين رجال
القضاء "الواقف" والقضاء "الجالس" في أعقاب
إضراب المحامين في
مصر، السبت، احتجاجا على حكم بسجن سبعة من زملائهم لخمس سنوات.
وكان المحامون قد أدينوا بإهانة القضاء، وتعطيل مرفق من مرافق الدولة، على خلفية اتهامهم بالتعدي على قاض بمحكمة مطاي بالمنيا، جنوب مصر.
وطالب المحامون بوقف تنفيذ العقوبة لحين الفصل في طعن على الحكم أمام محكمة النقض، واشتكوا في تعليقات لـ"عربي21"؛ من تكرار حوادث التعدي عليهم سواء في مراكز الشرطة، أو النيابات، أو قاعات المحاكم.
وصدر الحكم رغم تصالح المحامين المتهمين مع القاضي مقيم الدعوى، وتقديم مذكرة الصلح إلى المحكمة، إلا أن فريق الدفاع عن المتهمين تجاهل الشق الجنائي الآخر في القضية، أي تهمة تعطيل أحد مرافق الدولة، ما مهد لصدور الحكم المشار إليه.
خطأ النقيب
وفي هذا الصدد، حمّل المحامي بالنقض، السيد أبو الخير، نقيب المحامين وفريق الدفاع، مسؤولية حبس زملائهم، وقال لـ"عربي21": "لقد أخطؤوا عندما قدموا محضر الصلح للقاضي، ولم يترافعوا عن التهمة الثانية المتمثلة في تعطيل مرفق القضاء، ليُحكم عليهم بها".
وقلل أبو الخير من أثر إضراب المحامين، ورأى أن هدفه "التغطية على خطئهم في حبس زملائهم"، وأنه "لن يقدم أو يؤخر بعد صدور الحكم"، مؤكدا أن "الأحكام لا تلغى بإضراب إنما تلغى بحكم آخر، وعلى المحامين أن يتقدموا بالنقض مع وقف تنفيذ الحكم"، وفق قوله.
ورأى أن "إساءة استخدام السلطة من قبل القضاة أو الأمن؛ هو سبب تكرار الأزمات، فأي سلطة لها شقان: شق السلطة وشق المسؤولية"، معتبرا أن القضاء والأمن "في الغالب يأخذون السلطة ويتركون المسؤولية، وهو ما يجعل الصدام بين الطرفين مستمرا في ظل عدم وجود قانون في الدولة"، كما قال.
أحكام قاسية
من جهته، وصف رئيس لجنة الحريات بنقابة المحامين سابقا، أسعد هيكل، الحكم بـ"القاسي والمفاجئ"، وقال لـ"عربي21": "لم يكن متوقعا أن يصدر الحكم على هذا النحو القاسي، بالسجن مع الشغل؛ خاصة أن من بين المحكوم عليهم من تخطى الستين من عمره".
وأشار إلى وجود العديد من الخيارات أمام المحامين، قائلا: "لدينا الكثير من الأدوات التي يمكن استخدامها، ونأمل ألا نضطر إليها للتعبير عن الاحتجاج على الأحكام، ومن أجل تذليل العقبات التي تواجهنا في أثناء عملنا، خاصة أن القاضي الذي وقعت بينه وبين المحامين مشادة تنازل عن شكواه، وتصالح معهم".
الإجهاز على النقابات
ووصف المحامي بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، عمرو محمد، ما يتعرض له المحامون من انتهاكات بـ"الهجمة المستمرة"، وقال لـ"عربي21": "هناك تعنت معهم على مستوى المحاكم، وأقسام الشرطة في جميع أنحاء الجمهورية"، معتبرا أن "الإضراب نجح بنسبة كبيرة أمام محاكم الجنايات".
وأضاف أن "التعامل مع المحامين في الآونة الأخيرة اتسم بالتعنت، وينم عن استغلال السلطة سواء من قبل الأمن أو القضاء"، وعزا هذا التعنت إلى "وجود اتجاه في الدولة من أجل الإجهاز على النقابات في مصر، خاصة الصحفيين والمحاميين، فهم لا يريدون وجود
نقابة قوية تقوم بدورها"، كما قال.
خيار التصعيد
أما المحامي عبد الرحيم الحنش، فأشاد بالإضراب، وقال لـ"عربي21": "نقابة المحامين في سبيلها للتصعيد، ومد الإضراب أو تكراره، والتوقف عن دفع الرسوم المادية للقضايا، ولكن نسعى في الوقت نفسه للحفاظ على مصالح الناس، وعدم تعطيل أي مرفق من المرافق الحيوية".
وأوضح أن "الإضراب يسعى لوضع حد للتجاوز بحق المحامين، وليس رسالة لأحد بقدر ما هو تعبير احتجاجي، ولا نسعى للتصعيد حفاظا على مصالح المتقاضين"، مشيرا إلى أن "الاحتكاك يعد أبرز أسباب التجاوزات بحق المحامين إلى جانب قلة خبرة بعض رجال الأمن"، على حد وصفه.
وسيلة غير فعالة
أما المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، جلال عبد الرزاق، فرأى أن "الإضراب وسيلة للضغط على الدولة، في أمر كان من الأفضل والأحرى الضغط عليه بقوة القانون".
وأضاف لـ"عربي21": "الإضراب يكون مطلوبا عندما لا نجد حلولا قانونية، مع تعنت من الدولة"، لكن قال إن "القضاء مستقل، وحتى إن كان فيه بعض التجاوزات توجد طرق قانونية يسّرها المشرّع لحماية الآخر من تعسف القاضي، فهو في النهاية بشر"، وفق قوله.