حالة من الترقب تسبق انتخابات
نقابة الصحفيين بمصر، في أجواء وصفها صحفيون ونقابيون بـ"الحساسة والمتوترة"، في ضوء انقسام النقابة بين فريقين أحدهما يدعو لاستقلالها، يقوده المجلس الحالي، والآخر يدعو لجعلها نقابة خدمية بقيادة مرشحين محسوبين على السلطة.
ومن المقرر إجراء الانتخابات في آذار/ مارس المقبل. وتشمل الانتخابات مقعد النقيب، والتجديد النصفي لأعضاء مجلس النقابة.
ويحاكم نقيب الصحفيين، يحيى قلاش، وعضوا المجلس، جمال عبدالرحيم وخالد البلشي، بتهمة "إيواء مطلوبين للعدالة". وصدر حكم بحبسهم لمدة عامين مع الشغل، لكن استئنافا على الحكم أوقف التنفيذ، بانتظار صدور حكم الاستئناف في 25 شباط/ فبراير الجاري.
وقد شكّل اقتحام الأمن مقر النقابة للقبض على صحفيين مطلوبين، ثم الحكم على نقيب الصحفيين وأعضاء بالمجلس في أثناء ولايتهم، سابقتين في تاريخ نقابة الصحفيين
المصرية.
الاستقلال والموالاة
وفي هذا الصدد، قال الكاتب الصحفي، عبد الله السناوي، لـ"عربي21"، إن "هذه الانتخابات لها خصوصياتها؛ لأن باب الترشح يأتي قبل أيام من الحكم في قضية نقيب الصحفيين، وعضوين من أعضاء المجلس أمام محكمة الاستئناف على حكم أول درجة بالحبس لمدة عامين، وهو حكم خطير".
وأضاف: "هناك قضية تطرح نفسها، وهي قضية استقلال النقابة وحرمتها، وقضية
الحريات العامة، والصحافة في البلد، وأعتقد أن هذا جوهر الصراع في الانتخابات المقبلة"، وفق تقديره.
واستدرك قائلا: "في حال صدر حكم سلبي بحق النقيب، سيكون لدينا لأول مرة نقيب حبيس، وتقريبا سيفوز باكتساح؛ لأن الأمر يتعلق بكرامة المهنة، ولا يقبلها أي صحفي".
وأكد أن "هناك تيارين: الأول تيار استقلال النقابة، والدفاع عن الحريات العامة، والتيار الآخر، هو الموالي للدولة، الذي يسعى لإسقاط النقيب الحالي في هذه الدورة التالية".
إسقاط مرشح الدولة
أما عضو مجلس نقابة الصحفيين، جمال عبد الرحيم، وهو من الذين يتعرضون للمحاكمة، فقال لـ"عربي21" إن "القول بأن الدولة تدعم مرشحا لمقعد النقيب دون الآخر؛ ليس بالجديد، ولم يتغير منذ عهد إبراهيم نافع (النقيب الأسبق في عهد المخلوع مبارك)، فالدولة دائما تتدخل في انتخابات النقابة".
وحول المزايا التي تملكها الدولة لدعم مرشحها في مثل تلك الانتخابات، أوضح عبد الرحيم أنها "تتمثل في منحه وعودا بزيادة بدلات الصحفيين، من أجل كسب أكبر قدر ممكن من الأصوات"، كما قال.
وأضاف: "الصحفيون على درجة كبيرة من الوعي، وسبق أن رفضوا مثل هذه الإغراءات، وأسقطوا المرشح الذي حصل لهم على بدل، وصوتوا لصالح المرشح المعارض للحكومة في أكثر من مرة".
الاتهامات المتبادلة
من جهته، شدد رئيس لجنة التشريعات بمجلس نقابة الصحفيين، كارم محمود، على "التفريق بين تبعية النقابة لمؤسسات الدولة، وبين تبعيتها للحكومة". وقال: "نقابة الصحفيين هي إحدى مؤسسات الدولة المصرية، ولكنها ليست تابعة للحكومة".
وأضاف لـ"عربي21": "لا يعني حفاظها على علاقات طيبة مع الدولة أن ينال ذلك من استقلالها، أو أن يكون على حساب قراراتها النقابية"، مشيرا إلى أن "البعض حوّل الانتخابات إلى فريقين، أحدهما يريد تفكيك النقابة، والآخر يريد تحويلها إلى نقابة خدمات"، على حد وصفه.
ما الذي أزعج النظام؟
ورأى الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة سابقا، الكاتب الصحفي قطب العربي، أن "النقيب والمجلس الحالي، رغم أنهما ينتميان للمعسكر الحاكم نفسه، إلا أن استضافة النقابة لبعض الفعاليات المعارضة، وخاصة في قضية تيران وصنافير، أزعج السلطة التي لا تريد سماع أي أصوات معارضة".
وتوقع العربي أن "تسعى السلطة لشيطنة المرشحين المستقلين، أو الذين لا يعلنون ولاء كاملا لها، بتصنيفهم بأنهم إخوان، بالرغم من أن الجماعة لم ترشح أحدا في هذه الانتخابات التي تجري في ظل سلطة انقلابية غاشمة، لا تعرف أي قيمة للحرية وخاصة حرية الصحافة"، كما قال.
وكشف، لـ"عربي21"، عن "وجود توجهات من السلطة لرؤوساء مجالس إدارات الصحف القومية لحشد الصحفيين بمؤسساتهم لدعم مرشحين بعينهم، من خلال إشاعة أن فوز مرشحيها سيضمن استقرار النقابة، واستمرار صرف البدل المالي، أما إذا نجح المستقلون فقد يكون ذلك طريقا لفرض الحراسة على النقابة، وإلغاء البدل، ولكن هذه المحاولة تم تجربتها كثيرا من قبل وفشلت"، على حد قوله.