برز دور نظام الانقلاب بمصر بقيادة عبدالفتاح
السيسي، مؤخرا في الأزمة الليبية بقوة، من خلال استضافته العديد من اللقاءات بين بعض أطراف الأزمة، أو حضوره اجتماعات مع الدول الإقليمية والدولية المعنية بالأزمة، ما أثار تساؤلات حول جدوى هذا الدور، وأهدافه وتطلعاته ومآلاته.
وساهم التدخل الخارجي برسم خريطة مستقبل
ليبيا في أعقاب ثورة 16 فبراير؛ في تأزم الوضع الداخلي. وفي هذا الصدد؛ حمّل نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي السابق، عبدالحفيظ غوقة، التدخلات الإقليمية والدولية؛ المسؤولية في إطالة أمد الأزمة الليبية.
التدخل الخارجي عمق الأزمة
وقال غوقة لـ"
عربي21" إن "المصالح المختلفة للدول المتباينة؛ عمقت من تأزم الوضع الليبي خلال السنوات التي تلت الثورة"، مشددا على ضرورة توقف أي دعم خارجي للأطراف المتنازعة في الداخل.
وأضاف أن "المطلوب هو توقف الدول الإقليمية والغربية عن دعم فرقاء الداخل، وحثهم على الحوار"، مشيرا إلى أن "الجميع بات على قناعة بأن التعديل السياسي على الاتفاقية الأممية الأخيرة هو المخرج الوحيد لحل الأزمة".
وأكد أن "الحل العسكري لا يمكن أن يحققه أي طرف، فإذا كان
حفتر سيعول على دعم
مصري إماراتي روسي؛ فإن الطرف الآخر في طرابلس سيعول على دعم تركي قطري بريطاني"، داعيا إلى التمييز بين الخلاف "بين الخصوم السياسيين، وبين الجماعات الإرهابية، مثل القاعدة وأنصار الشريعة والدولة الإسلامية" على حد وصفه.
"الإخوان" والأمن القومي
من جهته؛ استبعد الكاتب الصحفي الليبي، الحسين الميسوري، أن تفضي اللقاءات الخارجية عن أية حلول.
وقال لـ"
عربي21" إن "من يملك مفاتيح حل الأزمة الليبية؛ هما الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، ولكنهما لا يريان أن الحل مطلوب الآن في ليبيا"، مشيرا إلى أن "الأنظار تتجه الآن صوب الإدارة الأمريكية الجديدة".
ورأى الميسوري أن الدعم المصري للجيش الليبي بقيادة حفتر؛ نابع من سببين رئيسين "أولهما أن الأمن القومي في مصر تهدده الاضطرابات على حدودها الغربية، ومن هنا تسعى لتأمين حدودها الطويلة من خلال دعم طرف حليف لها"..
وأضاف أن "ثانيهما هو أن وجود الإخوان المسلمين على رأس السلطة في ليبيا يقلق السلطات المصرية، لذلك نراها تدعم حفتر لضمان وجود نظام سياسي لا يسبب إزعاجا أمنيا لها".
واستبعد الميسوري تدخل أية قوى خارجية بشكل مباشر في الصراع الليبي، وقال إن "ليبيا كالرمال المتحركة، فالمجتمع هناك يتكون من تركيبات قبلية، وولاءات تتغير"، لافتا إلى أنه "لا توجد وساطة خالصة في الأزمة الليبية، فالإشكالية في الجزائر أنها تتوجس من النفوذ المصري في ليبيا، والعكس أيضا بالنسبة لمصر، والغرب الليبي ليس كله مؤيد لفجر ليبيا، وكذلك الشرق الليبي ليس كله مؤيد لحفتر".
سمسار العمليات القذرة
من جهته؛ قال النائب المصري السابق، طارق المرسي، إنه "لا يمكن اعتبار نظام السيسي وسيطا نزيها في أي ملف؛ الليبي أو غيره".
وأضاف لـ"
عربي21": "الحقيقة الواضحة؛ أن السيسي يقدم مصر الآن باعتبارها رأس حربة على أي قيمة دينية أو أخلاقية، وأداة في يد من يحارب الثوابت الأخلاقية والقومية والدينية".
واستبعد أن يكون هدف نظام السيسي من دعم حفتر الحصول على نفط زهيد الثمن، مؤكدا أن "الذي أضاع حقوق مصر في اتفاق الخزي المتعلق بسد النهضة، وأضاع ثرواتها البترولية في البحر المتوسط؛ لا يُنتظر منه أن يكون صاحب هدف أو رؤية أو مشروع".
وأعرب المرسي عن يقينه بأن "غاية وجود السيسي في الملف الليبي هو تبعيته لدولة الإمارات، التي تسعى إلى وأد الثورة الليبية ضمن مسلسل الثورات المضادة الكارهة للديمقراطية، ومشاركته ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد الكراهية للإسلاميين"، مؤكدا أن "غاية ما يمكن أن يقوم به السيسي هو أن يقدم نفسه للغرب كسمسار للعمليات القذرة" وفق قوله.
لن يتركوه للسيسي
أما رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس الشورى السابق، رضا فهمي؛ فأكد أن "السيسي لا تعنيه قضية الأمن القومي المصري، وأقل ما يقال عن هذا الادعاء هو أنه غير دقيق".
وقال لـ"
عربي21": "كان الأولى بالسيسي إقامة علاقة رشيدة مع الخرطوم، باعتبار أن الحدود مع
السودان في عمق وقلب الأمن المصري، ولكنه ما زال يدعم دولة جنوب السودان".
وأرجع تدخل السيسي إلى جانب حفتر في الأزمة الليبية "إلى أحد أمرين؛ إما أنه على وشك بلع طعم إسرائيلي أمريكي على غرار ما حدث مع صدام حسين في الكويت لتوريطه في ليبيا، أو أنه يعمل في ليبيا بالوكالة عن دول غربية في مقابل الحصول على بعض الامتيازات".
وحول القول بأن السيسي يطمع بحصة من
النفط الليبي؛ قال فهمي إن "من المعروف أن المجتمع الغربي لا يتسامح في هذه المساحة، ولا يسمح بالسيطرة على مصدر مهم ووفير للطاقة، فأمريكا عبرت القارات لتأمين نفط الخليج، وكذلك الغرب له مصالح كبيرة في ليبيا، ولن يتركوا النفط للسيسي".