مع استمرار "المأزق" الأمني في المجتمع
الإسرائيلي، برزت بقوة في الفترة الأخيرة العديد من المبادرات الأمنية السياسية الإسرائيلية الداخلية.
عملية متكاملة
ومن أبرز تلك المبادرات وأحدثها، ما تقدمت به حركة "ضباط لصالح أمن إسرائيل"، والتي بنيت تحت اسم "الأمن أولا"، بحسب ما ذكرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية يوم الاثنين.
وقال القائمون على المبادرة إن الهدف هو "الخروج من المأزق الذي وجدت إسرائيل نفسها فيه، بتحسين وضعها الأمني السياسي؛ ضمن عملية متكاملة في
الضفة والقدس وقطاع غزة".
من جانبه، رأى الخبير في الشأن الإسرائيلي، نظير مجلي، أن مبادرة الضباط تؤكد أن هناك "مشكلة في القيادة الحكومية الإسرائيلية الحالية؛ والتي تتمثل أزمتها في وجود حكومة يمينة متطرفة".
وبيّن مجلي لـ"
عربي21"؛ أن الحكومة الإسرائيلية بزعامة بنيامين نتنياهو، "لا ترى ما يدور من حولها، ولا تقرأ الخارطة بشكل سليم، وتحسب أن سياسة الاحتلال والقمع واستعباد شعب آخر من الممكن أن تدوم إلى الأبد؛ وهذا خطأ فاحش ينتبه إليه كثير من الإسرائيليين، خاصة هؤلاء الضباط الذين يعرفون الكثير عن أسرار السياسية وأخطار الحروب".
وأضاف: "هؤلاء الضباط المنتمون لهذه الحركة؛ لا يريدون لإسرائيل أن تقع ضحية له مرة أخرى بسبب السياسية الحمقاء التي تنتهجها قيادة اليمين الإسرائيلي".
ولفت مجلي إلى أن هذه المبادرة "هي واحدة من عدة مبادرات؛ تستمد أهميتها وقوتها ممن يقف خلفها". وقال: "لأول مرة تضم جنرالات محسوبين على قوى اليمين، وليس فقط من اليسار أو الوسط الإسرائيلي"، معتبرا أن المبادرة تسير نحو "كسب المزيد من القوة؛ من خلال نفوذ مثل هذه القوى (الجنرالات) في المجتمع الإسرائيلي".
قوة المقاومة
وأوضح أن المبادرة "بنيت من خلال تخيل عدم وجود شريك
فلسطيني، وبالتالي هم يخاطبون أنفسهم بأنفسهم؛ ويريدون تحويل الجدار العازل الحالي إلى حدود إسرائيل، إلى حين يتم الاتفاق على حدود أخرى".
ونوه إلى أن المبادرة "تحاول فرض حل مؤقت؛ يهدف لعدم توسيع المستوطنات ووقف الفوضى التي يمكن أن تقوم بها عناصر يمينية متطرفة"، وفق تقديره.
وحول أهم الملاحظات على المبادرة، رأى مجلي أن "هناك قوى عاقلة لدى الاحتلال تفكر بطريقة للخروج من المأزق التي وضعته فيه القيادة اليمينة".
وحول شعار "الأمن أولا"، الذي تهدف المبادرة لتحقيقه، أكد مجلي، أن "السر" في تلك المبادرة يكمن في، أن "السلام أولا؛ هو ما يحقق الأمن لإسرائيل، وهذا ما يقوله كل العقلاء، وكل من يريد مصلحة إسرائيل في أوروبا وأمريكا".
من جانبه؛ أكد الباحث في الشأن الإسرائيلي، عماد أبو عواد، أن "الأشهر الأخيرة شهدت حراكا سياسيا إسرائيليا داخليا يبحث في كيفية تحقيق الأمن للمجتمع الإسرائيلي، يقوده العديد من التيارات الإسرائيلية، بعيدا عن الشريك الفلسطيني ونهج المفاوضات؛ التي بدأت ولن تنتهي"، لافتا إلى أن "المحدد لهذا الحراك هو مدى قوة المقاومة والانتفاضة الفلسطينية".
تبادل الأراضي
وأوضح لـ"
عربي21"، أن "أول من بدأ الفكرة؛ هو تيار يقوده حاييم رامون ومعه ما يسمى مجلس السلام، حيث طرح أن أمن إسرائيل يأتي من خلال الانسحاب من بعض المناطق المجاورة لحدود مدينة
القدس المحتلة. وحدد أربع مناطق، هي؛ العيزرية وكفر عقب وشعفاط وبعض الأحياء الداخلية مثل منطقة سلوان"، حيث يتم فصلها وإخراجها عبر بناء سور واق وسحب هويات السكان.
ورامون هو نائب يهود أولمرت، رئيس حكومة الاحتلال الأسبق، وكان على اطلاع كامل بخبايا المفاوضات التي جرت في هذا الوقت.
ولفت عواد إلى أن هناك مبادرات أخرى طرحت بقوة، منها مبادرة حزب العمل الإسرائيلي، ومبادرة نفتالي بينيت الذي يتزعم حاليا حزب "البيت اليهودي"، ومبادرة تيار يتزعمه المتطرف أفيغدور ليبرمان، وزير الدفاع الحالي، والتي تقترح "تبادل الأراضي" مع الفلسطينيين في النقب أو التوسع في سيناء المصرية، إضافة لمبادرة حركة "الضباط".
وبين الباحث أن "كل هذه المبادرات تأتي ضمن العديد من النقاط، أولها أن الاحتلال اقتنع أن المفاوضات لن تجدي نفعا، في ظل عدم موافقة الفلسطينيين على الطروحات الإسرائيلية، وعزم الاحتلال عدم التنازل أو الانسحاب من بعض المناطق في الضفة الغربية المحتلة، والتي وصل عدد المستوطنين فيها 400 ألف مستوطن، من غير القدس المحتلة".
وأكد الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، بداية الشهر الجاري، أن مستوطنة "أريئيل" لا يمكن التنازل عنها، في إشارة لتمسك الاحتلال بمستوطنات الضفة وعدم الانسحاب من الأرض التي احتلت عام 1967. وأقيمت "أريئيل"، عام 1978، قرب مدينة سلفيت شمال القدس المحتلة.