تمكنت كاميرا "
عربي21" من التجول في مخيم غزة شمال الأردن حيث يقطن آلاف اللاجئين
الفلسطينيين من أبناء قطاع غزة منذ عشرات السنين، ليتبين حجم المأساة التي تعيشها هذه الفئة المهمشة، وحالة الفقر المدقع الذي يغرقون فيه، وذلك في الوقت الذي أصدرت فيه الحكومة الأردنية مؤخرا قرارا يتعامل معهم في سوق العمل كأجانب مثل العمال الوافدين من دول شتى، دون مراعاة لكونهم لاجئين أو أنهم يقيمون في المملكة منذ عشرات السنين.
وبحسب المعلومات التي جمعتها "
عربي21" من السكان الذين التقتهم في المخيم فإن ما نسبته 70% من هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين مولودون في الأردن، وأغلبهم هاجر في أعقاب نكسة العام 1967، إلا أن الحكومة في الأردن تتعامل معهم كأجانب وافدين، خلافا للاجئين الفلسطينيين الذين تعود أصولهم إلى الضفة الغربية والذين يحمل معظمهم الجنسية الأردنية ويتم التعامل معهم كمواطنين.
ويوجد في الأردن 13 مخيما للاجئين الفلسطينيين، إلا أن وضع سكان مخيم غزة في مدينة جرش شمالي الأردن هو الأسوأ حالاً بسبب أن أغلبهم لا يحمل الجنسية الأردنية، وإنما يحملون جوازات سفر مؤقتة يتم تجديدها كل عامين بموافقة من الأجهزة الأمنية، ولا يحملون أرقاما وطنية، فيما كانوا يعاملون في السابق كالمواطنين الأردنيين، قبل أن يتم التضييق عليهم تدريجيا في السنوات الأخيرة.
أما آخر القرارات التي صدرت عن الحكومة في الأردن تجاه الفلسطينيين من أبناء قطاع غزة فهو اشتراط حصولهم على "تصريح عمل" من أجل الانخراط في العمل في القطاع الخاص، وهو التصريح الذي يتوجب استصداره سنويا مقابل رسوم مالية عالية، وبذلك فإنه يتم التعامل معهم كالعمال الوافدين من الخارج.
وقال الصحافي الفلسطيني المقيم في المخيم فرج شلهوب لــ"
عربي21" إن الفلسطينيين من أبناء غزة في الأردن محرومون من التعليم الجامعي، ومحرومون من العلاج المجاني، ومحرومون من تملك العقارات (إلا بإذن من رئاسة الوزراء)، ومحرومون من العمل في القطاع العام وفي العديد من مهن القطاع الخاص، كما أنهم يحملون جوازات سفر مؤقتة يتم تجديدها كل عامين، وذلك منذ سنوات طويلة، لكن الجديد الآن هو اشتراط حصولهم على تصاريح عمل من أجل مواصلة العمل في المهن المتواضعة التي يعملون بها حاليا مثل العمل في البناء والصحراء والمصانع وغير ذلك.
ويلفت شلهوب إلى أن هذه المعاناة تنطبق على أكثر من 160 ألف فلسطيني من أبناء قطاع غزة لا زالوا يقيمون في الأردن، مشيرا إلى أن أغلبهم من مواليد الأردن، وازدادت أحوالهم سوءا في الآونة الأخيرة بعد أن قلصت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين من إعاناتها وخدماتها.
وسألت "
عربي21" أحد الشباب في المخيم عن تفسيره للإجراءات الحكومية التي تضيق الخناق على أبناء قطاع غزة، فاكتفى بالقول: "إنهم يريدون أن يدفعونا للمغادرة إلى أي بلد آخر".
وشكا فلسطيني آخر التقته "
عربي21" من سوء الأوضاع وترديها في المخيم، قائلا: "أمنيتي في الحياة أن أنام في منزل به سقف ولا ينزل ماء المطر من فوق رأسي"، لكنه استدرك قائلا: "حظيت مرة واحدة في حياتي بالنوم تحت سقف لا ينزف بالماء وذلك عندما نمت في المستشفى لتلقي العلاج.. كانت أياما معدودة فقط".
وأشار الشاب الذي قال إنه عاطل عن العمل منذ سنوات إلى أنه وعائلته يعيشون في غرفة واحدة ملحق بها حمام، ولا يوجد بها مطبخ، وهي مقتطعة من منزل والده الذي لا يوجد في أي ناحية منه سقف يحمي من ماء المطر ولا من حرارة شمس الصيف.