قالت منظمة العفو الدولية (أمنستي إنترناسيونال) إن
مصر حطمت الرقم القياسي من حيث
انتهاكات حقوق الإنسان في الاعتقالات والاختفاءات، مسجلة مزيدا من تدهور الأوضاع في مصر، واعتبرت أن المحاكمات فادحة الظلم والجور.
واعتبر المدير العام للمكتب المركزي لمنظمة العفو الدولية بالمغرب، محمد السكتاوي، في ندوة صحفية الأربعاء بالرباط، أن مصر حطمت الرقم القياسي في الاعتقالات والاختفاءات القسرية في عهد زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي.
وتابع السكتاوي، الذي كان يقرأ تقريرا للمنظمة، أن وضع حقوق الإنسان في مصر يتدهور بسبب فرض السلطات بشكل تعسفي قيودا على حرية التعبير، وحرية تكوين الجمعيات، وحرية التجمع السلمي.
وأضاف: "لقد سنت قانونا قمعيا جديدا لمكافحة الإرهاب، وقبضت على عدد من منتقدي الحكومة وزعماء ونشطاء المعارضة السياسية وزجت بهم في السجون، كما أنه تعرض بعضهم للاختفاء القسري".
وأشار تقرير منظمة العفو الدولية إلى "استخدام عناصر الأمن للقوة المفرطة ضد المتظاهرين واللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين"، وقال إن "بعض المحتجزين تعرضوا للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة".
وانتقد "إصدار المحاكم للمئات من أحكام الإعدام والسجن لفترات طويلة إثر محاكمات جماعية (فادحة الجور)".
واستنكر التقرير "بقاء الجناة دون محاسبة وفي منأى عن العقاب والمساءلة"، كما أنه استنكر "إخلاء الجيش المصري قسرا تجمعات سكانية من ديارها على طول الحدود مع غزة".
وكشف عن اعتقال قوات الأمن المصرية، بحسب الروايات الرسمية، "لـ11877 مواطنا، أغلبهم من جماعة الإخوان المسلمين وأشخاص اعتبروا مؤيدين لها وغيرهم من منتقدي الحكومة، خلال الفترة من كانون الثاني/ يناير إلى نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي، وقد سبق للسلطات أن ذكرت أنها ألقت القبض على ما لا يقل عن 22 ألف شخص في عام 2014 للأسباب نفسها".
وفي بعض الحالات، يضيف التقرير، أنه "كان المقبوض عليهم في قضايا سياسية يحتجزون لفترات طويلة بدون تهمة أو محاكمة، وبحلول نهاية العام، كان ما لا يقل عن 700 شخص لا يزالون محتجزين رهن الحبس الاحتياطي لأكثر من عامين دون أن يصدر في حقهم حكم من محكمة، وذلك بالمخالفة لأحكام القانون المصري التي تقضي بأنه لا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي على سنتين".
من جانبها، رأت منظمة "هيومان رايتس مونيتور" (جهة حقوقية مستقلة) أن ما تعرض له "عبد العاطي" يستدعي محاسبة الضباط المتورطين بتعذيب المعتقلين والإساءة إليهم، وفق ما تقرره المادة الرابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي تنص على أنه "تكفل الدولة توفير سبيل فعال للتظلم لأي شخص انتهكت حقوقه أو حرياته المعترف بها في هذا العهد، حتى لو صدر الانتهاك عن أشخاص يتصرفون بصفتهم الرسمية، وأن تكفل الدولة لكل متظلم على هذا النحو أن تبت في الحقوق التي يدعى انتهاكها سلطة قضائية أو إدارية أو تشريعية مختصة، أو أية سلطة مختصة أخرى ينص عليها نظام الدولة القانوني".
وشددت المنظمة، في بيان لها الأربعاء، على أن ضرب السجناء وتعذيبهم يعد مخالفا للقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، والتي أوصى باعتمادها مؤتمر الأمم المتحدة الأول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المعقود في جنيف عام 1955، وأقرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي 1957 و1977.
وأكدت "مونيتور" أن سياسات القمع الأمني التي تتبعها السلطات الأمنية في مصر فاقت حدود العقل والمنطق، خلال الفترة الأخيرة، متجاوزة أية قواعد قانونية أو حقوق نصت عليها القوانين المحلية أو المعاهدات الدولية.
وقالت إن القائمين على سلطات إنفاذ القانون تجاوزوا المبادئ الإنسانية في تعاملهم مع أفراد الشعب المصري، سواء كانوا مسجونين على ذمة قضايا أو معتقلين أو في ميادين الحياة، بعدما أمنوا العقوبة في ظل سلسلة من أحكام البراءة لكل المتهمين في جرائم قتل المعارضين السلميين، كالناشطة شيماء الصباغ أو المواطن سيد بلال الذي قتل بالتعذيب.
وتابعت: "تهديد المسؤولين عن إنفاذ القانون بالخروج على القانون، وتهديد المعارضين السياسيين بالقتل خارج إطار القانون، حيث سبق وأن قال وزير العدل المصري أحمد الزند بأنه يتمنى قتل آلاف المعارضين من جماعة الإخوان المسلمين، مقابل قتلى الجيش وقوات الأمن، رغم عدم ثبوت تورط الإخوان في قتلهم، وحتى لو تورطوا فإن استباق التحقيقات القضائية افتئاتا على أعمال القضاء يهدر منظومة العدالة في مصر".
ودعت "هيومان رايتس مونيتور" السلطات المصرية للالتزام بنص المادة 12 من "اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة"، والتي تؤكد على أنه "تضمن كل دولة طرف قيام سلطاتها المختصة بإجراء تحقيق سريع ونزيه كلما وجدت أسبابا معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عملا من أعمال التعذيب قد ارتكب في أي من الأقاليم الخاضعة لولايتها القضائية".
وطالبت "هيومان رايتس مونيتور" المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب، خوان مينديز، بالتدخل لوقف انتهاكات السلطات المصرية لقواعد القانون الدولي، ووقف التعذيب بالسجون ومقرات الاحتجاز المصرية وإرسال بعثات تقصي حقائق للتحقيق في حالات التعذيب الممنهجة داخل السجون المصرية.
إلى ذلك تطرقت ندوة "أمنستي" إلى أوضاع حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقالت إن سنة 2015 ظلت "كارثية"، حيث اتسمت باندلاع النزاعات المسلحة المميتة وحمامات الدم، وجلبت البؤس لملايين المدنيين، سواء في سوريا أو اليمن أو العراق، ما أدى إلى "أزمة لجوء غير مسبوقة، وتنامي الاعتداء على الحريات وحقوق الإنسان" من طرف ما وصفه بـ"الحكومات القمعية".
وأشار التقرير إلى ما يقترفه الكيان الصهيوني في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة "في غفلة عن العالم المنغمس في محاربة داعش والإرهاب"، مشيرا إلى أن "أزمة حقوق الإنسان في إسرائيل والأراضي المحتلة هي من القضايا المزمنة التي تحظى بأكبر قدر من النقاش، وأقل قدر من العمل الفعلي من جانب المجتمع الدولي".
وانتقد التقرير وضعية حقوق الإنسان بالجزائر، وقال إن السلطات الجزائرية اختارت الإبقاء على نهجها القديم في "إقفال أبوابها أمام المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، وهيئات خبراء حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة، حتى تبقى جرائمها في مجالات التعذيب ومكافحة الإرهاب والاختفاء القسري وحرية تكوين الجمعيات بعيدة عن الافتحاص الدولي"، مشيرا إلى لجوء السلطات الجزائرية إلى "تكميم أفواه النشطاء الحقوقيين والمعارضين عبر فرض القيود على حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات".
وقال إن
المغرب وبالرغم من "وهج دعايات الحكومة المتعلقة بالإصلاحات القانونية والمؤسساتية" فإن السلطات لم تتوقف عن قمع منتقديها وملاحقتهم قضائيا ومضايقة جمعيات حقوق الإنسان، داعيا إلى وضع قضية "دعم حماية حقوق الإنسان" ضمن أولويات الحكومة المغربية.
وأضاف السكتاوي، أن المنظمة وقفت على العديد من الخروقات في مجال حقوق الإنسان بالمغرب رغم المكاسب التي حققها منذ فتحه لملف سنوات الرصاص.
وشدد على ضرورة "تحصين رصيد حقوق الإنسان في المغرب وتطويره، لا أن يتم تقويضه وهدمه"، لافتا إلى مجموعة من التحديات التي تعترض المغرب، وبخاصة "توطيد الأمن ومواجهة التهديدات الإرهابية، واستكمال تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، والتصدي للفساد وظاهرة الإفلات من العقاب"، إضافة إلى "الاستجابة الشاملة لحقوق المرأة، ومعالجة الوضع المتدهور للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
وقال إن تونس عرفت المزيد من التضييق على حرية التعبير والتجمع والتظاهر السلمي.