كتاب عربي 21

دونالد ذي داك Donald the Duck

1300x600
بصفة عامة، يعتقد العرب أن الحزب الجمهوري الأمريكي شهاب الدين، وأن غريمه الديمقراطي أخوه، بينما حقيقة الأمر هي أن الحزب الجمهوري، هو وكر "المتشددين" في الولايات المتحدة.. وهم المتشددون دينيا لدرجة الهوس، وبالتالي فإن معظم أنصاره يمارسون الاستعلاء العرقي والديني والسياسي، وبالتالي أيضا فليس من مصلحتنا ومصالح شعوب العالم الثالث عموما، أن يجلس في البيت الأبيض رئيس جمهوري. 

والأمريكان أكثر شعوب الأرض إبداعا، وهم أكثر الشعوب المسماة بيضاء بشاشة. وبالمقابل، فإنك قد تجالس ألمانيا تسعة أشهر، في غرفة فندق أو زنزانة، وإذا رأيته يبتسم فمعنى ذلك أنه مصاب بالتهاب لثة، أو أنه يريد أن يعضك. وقد تعيش في بيت في لندن سنة، دون أن يلقي عليك جار التحية، أما الأمريكي فبمجرد أن تلتقي عيناك بعينيه، يبادئك بالتحية أو ابتسامة. 

ورغم اختراعاتهم واكتشافاتهم التي غيرت وجه القرنين التاسع عشر والعشرين، فإنهم شعب دايش، (كلمة عامية سودانية تعني عدم الاتزان والتركيز ولعلها مشتقة من "دوشة")، وإلا فكيف ينتخبون شخصا أخرق وأبله وخرنقا مثل جورج دبليو بوش رئيسا لولايتين متتاليتين؟ والكارثة المحتملة هي أن يختاروا الملياردير دونالد ترامب (الذي يملك العديد من العمارات الشاهقة) رئيسا خلفا لباراك أوباما، فهو حتى لحظة كتابة هذه السطور يتقدم على بقية منافسيه في الحزب الجمهوري للفوز بحق الترشح للرئاسة. 

وخطب وتصريحات ترامب العامة، لا تختلف عن كلمات أغنيات المطرب الصاعد إلى الحضيض شعبولا، والغريب في الأمر أن وجه ترامب يشبه حذاء الرياضي، ولهذا فلسانه زفر كما حذاء تم استخدامه لشهر متصل، ثم تركوه صيفا في العراء، وتفادى جامعو النفايات تحريكه من مكانه، لأنهم حسبوه قطعة فسيخ صلاحيتها منتهية (وكأنما للفسيخ أمد صلاحية)، ومخه كما تُظهر صور رنين مغناطيسي، من الفلين، ولون بشرته برتقالي، مما يرجح أنه نتج عن تلقيح آدمي بالخلايا الجذعية لقرد من مدغشقر (أتوقف هنا لأوضح أن عنوان المقال، اسم بطة في سلسلة أفلام كرتون مشهورة من إنتاج ديزني، لا تكف عن الإزعاج: كواااك، كوواك، تماما كدونالد ترامب). 

قبل أسابيع قليلة دعته قناة فوكس، ليشارك في مناظرة يشارك فيها سبعة من  الطامحين للرئاسة من الحزب الجمهوري، تديرها المذيعة المعروفة ميغان كيلي، فرفض المشاركة. لماذا يا أبو التراميب؟ قال: لأن ميغان عندها الدورة الشهرية، بدرجة أن الدم يكاد يطفر من عينيها، وفات على هذا العيي الغبي أنه لولا الدورة الشهرية، لما أنجبت أمه شخصا مثله، يصدق عليه قول الشاعر: يا عبقريا في شناعته... ولدتك أمك وهي معتذرة. وطلبت منه مذيعة اسمها بيتي مايندر أن تحاوره فقال لها: لن أقبل الجلوس أمام واحدة قبيحة مثلك. 

وعندما فاز أوباما بالرئاسة طالبه بإبراز شهادة ميلاد تثبت أنه أمريكي، ثم قال مؤخرا: بما أن أوباما رئيس فاشل فسيكون آخر أسود يشغل هذا المنصب (يعني إذا كان أوباما بكل شهاداته ومؤهلاته غبيا – في نظر ترامب – فكيف يكون حال بقية السود؟). 

من فرط هوسه بالأضواء ظل دونالد ترامب يقدم على مدى سنوات برنامج Apprentice  وتعني "المتدرب في مجال مهنة ما"، وكان يحلو له أن يختتم كل حلقة من البرنامج بعبارة: يو آر فايرد (أنت مفصول)، مستمتعا بإبعاد متنافسين عن البرنامج، وسألوه عن سر تمسكه بالبرنامج، فقال: لأن كل المشاركات فيه يتحرشن بي (ابحث عن صورة هذا الأهبل وستقتنع بأن عانسا قضت أكثر من تسعين سنة تبحث عن عريس ما كانت ستقبل به جليسا - وليس عريسا). 

ولا تقف بذاءاته عند هذا الحد، فهو القائل: لعلكم لاحظتم أن أصابع يدي طويلة.. بالمناسبة كل شيء في جسمي طويل (إذا صار تافه كهذا رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، فلك أن تتخيل ما يمكن أن يقوله عن، وللشعوب الأخرى)، ثم سألوه عما يميزه عن بقية منافسيه على الترشح للرئاسة من الحزب الجمهوري فقال: أنا واضح وصريح وأصاحب النساء الجميلات. 

وكان معمر القذافي الذي لا يقل عن ترامب بلاهة، قد أصر عند ذهابه إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، على أن يقيم في خيمته الخاصة، ويقول ترامب: استأجر مني أرضا خالية من المباني، ودفع لي عن ليلة واحدة أكثر من أجرة سنتين لعمارة كاملة، وقال: I screwed him (عبارة بذيئة لا تجوز ترجمتها في صحيفة رصينة). 

وقال إن معظم المكسيكيين أبناء وبنات سفاح ومساطيل، وأنه فور فوزه بالرئاسة سيطرد كل المهاجرين من أمريكا اللاتينية بالجملة من الولايات المتحدة. 

ومع هذا، فإنه ما زال ترامب يتصدر قائمة المتنافسين للفوز بترشيح الحزب الجمهوري لخوض سباق الرئاسة، ما يقوم دليلا على أن هذا الحزب قيادة وقاعدة، يعاني من الدروشة، فلا تقولوا عن منافسه الديمقراطي "وافق شنٌّ طبقه"، بل قولوا: حنانيك بعض الشر أهون من بعض.