بعيد انتهاء جولته في منطقة الشرق الأوسط، وجهت صحيفة "ليبراسيون" انتقادات لاذعة لوزير الخارجية الفرنسي لوران
فابيوس، بحيث اعتبرت أنه بصم على فشل دبلوماسي خلال هذه الجولة، وشهد انطلاقا متعثرا للمبادرة الفرنسية التي تسعى لإعادة إطلاق محادثات السلام بين طرفي النزاع
الفلسطيني -
الإسرائيلي.
وحسب تقرير الصحيفة، الذي ترجمه "
عربي 21"، فرئيس الدبلوماسية الفرنسية لم يعد بالشيء الكبير من جولته القصيرة في المنطقة، في ما يتعلق بالمبادرة الفرنسية لإحياء السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والتي تتلخص في سعي الجمهورية الفرنسية إلى استصدار قرار من مجلس الأمن لاستئناف المحادثات بين الطرفين بدعم دولي، للخروج بحل ينبني على أساس الدولتين، والاعتراف بدولة فلسطينية منزوعة السلاح في حدود 1967، ويمهل طرفي النزاع 18 شهرا للتفاوض في أفق التوصل إلى اتفاق نهائي.
وفي هذا الصدد، أشار التقرير إلى ما واجهه الوزير الفرنسي من برود لدى الجانب الإسرائيلي، فعلى الرغم من تأكيد فابيوس خلال تواجده في القاهرة، وعمان والقدس ورام الله على أن بلاده تسعى إلى ضمان استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مبرزا أنه "إذا لم نفعل شيئا، يمكن للوضع أن يتدهور في أي لحظة"، ومشددا على أن "دور فرنسا كعضو دائم في مجلس الأمن وكصديق لدول المنطقة هو المساعدة في العثور على حلول"، إلا أن الجانب الإسرائيلي انتقد تصريحات فابيوس هذه حتى قبل حلوله بإسرائيل، تورد "ليبراسيون" في تقريرها؛ حيث أكد رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإسرائيلي بنيامين نتانياهو "رفض بلاده للإملاءات الدولية"، وعلى أن " الحل يكمن في مفاوضات ثنائية مباشرة بين طرفي القضية، وهو ما يرفضه الفلسطينيون"، وذلك قبل أن يستقبل وزير الخارجية الفرنسي، ما يمثل -وحسب المصدر ذاته- "نسفا" للخطة الفرنسية.
وتابع التقرير موضحا أن نتانياهو بدأ أقل "ضراوة" خلال استقباله لفابيوس، إلا أنه لم يبد أي تنازل عن الموقف الذي أعلن عنه، ما جعل الوزير الفرنسي يضطر إلى طمأنة الجانب الإسرائيلي بالتأكيد على أن بلاده "لا تريد فرض أي شيء"، بقدر ما أنها تضع نصب أعينها استئناف المفاوضات، وهو ما اعتبرته الجريدة سعيا من فابيوس لـ"حفظ ماء الوجه"، خصوصا من خلال الإشارة إلى أن كلا من نتانياهو ، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أكدا له على استعدادهما للتفاوض.
إلى ذلك، أوضحت الصحيفة أنه من الصعب تخيل نجاح الدبلوماسية الفرنسية في ما فشلت فيه الولايات المتحدة الأمريكية التي تتابع هذا الملف منذ عقود، وذلك على الرغم من اقتراح فابيوس خلق جو جديد في المفاوضات من خلال جعلها تحت إشراف لجنة دولية، من شأنها أن تصاحب الأطراف وتساعدهم على التغلب على صعوبات "الأمتار الأخيرة" من المحادثات.
وأوردت الصحيفة أن مقترح فابيوس هذا فكرة مثيرة للاهتمام على الرغم من كونها ليست جديدة، مشددة في السياق ذاته أن المشكل الأساسي المطروح؛ هو مدى قابلية الأطراف للعودة لطاولة الحوار. فحسب المصدر ذاته، لا إسرائيل ولا السلطة الفلسطينية على استعداد لاستئناف عملية السلام في الوقت الحالي بالنظر إلى عدة عوامل.
هذه العوامل لخصها التقرير في كون حكومة
نتنياهو تعتمد في تحالفها على الأحزاب المتطرفة الداعمة لاستمرار الاستعمار، في وقت تعاني فيه السلطة الفلسطينية من الانقسام أكثر من أي وقت مضى بين حماس في غزة وفتح في رام الله، وسط هدوء "خادع" على الأرض بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
كل هذا جعل الجريدة تلخص مبادرة الفرنسيين لإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في جملة قالها أحد الإذاعيين الإسرائيليين المشهورين، والذي أكد أن "أهم ما جاءت به المبادرة الفرنسية، هو إعادة الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي إلى واجهة الأخبار بعد أن توارى إلى الوراء في الآونة الأخيرة بسبب الأوضاع التي تعرفها منطقة الشرق الأوسط".