سياسة عربية

نقص المياه يهدد مشروع السيسي للمليون فدان بالتوقف

خبراء طالبوا السيسي بعدم التخلي عن جزء من حصة مصر من النيل - أرشيفية
حذر خبير مياه مصري من أن مشروع المليون فدان الذي يتبناه عبد الفتاح السيسي -منذ أن كان مرشحا للرئاسة بعد الانقلاب- هو مشروع مهدد بالتوقف، نتيجة عدم تدبير المياه الكافية للمشروع.
           
يأتي ذلك في وقت يتواجد فيه السيسي حاليا بإثيوبيا في زيارة رسمية، وقال في تصريحات للتلفزيون الإثيوبي، الثلاثاء، إن الشعب الإثيوبي له كل الحق في التنمية والازدهار، وكان قد وقع اتفاقية "إعلان مبادئ" مثيرة للجدل، بشأن سد النهضة الاثنين في الخرطوم، وصفها مراقبون بأنها تمثل أول اعتراف مصري رسمي بالسد الذي يجور على حصة مصر في مياه النيل، ويهدد المصريين بالعطش.
 
فقد علّق أستاذ الجيولوجيا في الجامعة البريطانية وجامعة الزقازيق، الدكتور مصطفى محمود سليمان، أنه لو صح ما نُسب لوزير الري والموارد المائية، الدكتور حسام مغازي، من القول إن الوزارة سوف تحفر 3500 بئر مياه جوفية لخدمة 6500 فدان ضمن أراضي مشروع استصلاح المليون فدان في الصحاري المصرية، فإنه سيمثل تكرارا ممتازا لتجارب الفشل في استصلاح الأراضي الصحراوية اعتمادا على المياه الجوفية المحدودة وغير المتجددة، ليس في مصر وحدها، وإنما في السعودية وليبيا والجزائر والأردن، وغيرها في السنوات السابقة.
 
وأضاف أستاذ الجيولوجيا المصري: "يخطئ من يتصور أن حفر آلاف الآبار، وضخ المياه الجوفية العميقة بكثافة عالية، وهي مياه أحفورية محدودة وغير متجددة، يساعد على حل مشكلة العطش في الصحراء أو تعميرها، فقد انقلب التفاعل بالعثور على كميات كبيرة من المياه الجوفية في كثير من الصحاري العربية إلى خيبة أمل، بعد تقلص المخزون المائي بسرعة مخيفة، ونضبت بعض العيون الطبيعية، وجفت الآبار القديمة كما حدث في واحات الإحساء في السعودية".
 
وقال الدكتور مصطفى سليمان إنه لا يصح الاعتماد على خزانات المياه الجوفية غير المتجددة، مهما كانت أحجامها، في إقامة مشروعات كبيرة لتعمير الصحاري، لأن هذه المياه، مهما كانت كبيرة الحجم، هي بقايا أمطار عصور جيولوجية مضت، ويتراوح أعمارها من 13 ألف سنة، حتى أربعين ألف سنة وأحيانا أكثر، وسوف تنضب، ولو بعد حين.

وتابع: "قبل أن تنضب تزداد ملوحتها عادة بشكل يعوق استخدامها أو تكون في حاجة للمعالجة، وفصل الأملاح منها، أي تحليتها".
 
وقال إنه لا يوجد لدينا معلومات عن حجم المياه الجوفية، بعيدا عن وادى النيل والدلتا والمناطق المتاخمة لهما، تستطيع الصمود أمام الفحص العلمى الدقيق، ومن ثم لا يصح الاعتماد عليها، حسبما جاء في دراسته بعنوان: "تساؤلات حول حفر 3500 بئر في مصر"، التي نشرتها صحيفة "المصري اليوم"، الاثنين .
 
من جهتها، نشرت الصحيفة ملفا بعنوان: "المصري اليوم تفتح ملف الري الحديث في المليون فدان"، قالت فيه إنه بينما تتجه الدولة لاستصلاح مليون فدان في 9 مناطق بالصحراء الغربية لزيادة الإنتاج الزراعي في مصر، يجب متابعة مشاكل الاستصلاح الجديدة من خلال عرض جميع وجهات النظر المرتبطة بالموارد المائية الجوفية، واستغلالها في تنفيذ مشروعات عملاقة لاستصلاح الأراضي من خلال أنظمة الرى المتطور والمحوري لحماية الموارد المائية الجوفية، وتعظيم العائد من وحدة المياه، لزيادة إنتاجية المحاصيل.
 
وفي سياق متصل، عقد وزير التخطيط، الدكتور أشرف العربي، اجتماعا الاثنين، ضم وزراء الموارد المائية والري والزراعة والإسكان والكهرباء، بهدف دعم سبل التنسيق والتعاون بشأن مشروع استصلاح واستزراع المليون فدان، ومراجعة آليات التمويل، والتدفقات النقدية اللازمة له، والبرنامج الزمني للتقدم في أعمال الاستصلاح، والاستزراع.
 
وقال وزير الموارد المائية والرى، الدكتور حسام مغازي، في تصريحات صحفية، إن الاجتماع يأتي في ضوء توجيهات السيسي بألا يجري اختزال المشروع في مجال الاستزراع فقط، وإنما يمتد إلى آفاق أشمل من خلال إقامة مجتمع تنموي متكامل، يتضمن إنشاء قرى تكون بمثابة نواة لمحافظات مستقبلية في نطاق المساحات المستصلحة.
 
وقالت تقارير صحفية إن الاجتماع استهدف مراجعة آليات التمويل والتدفقات النقدية اللازمة للمشروع، والبرنامج الزمني لأعمال الاستصلاح والاستزراع، بعدما سجل البنك الدولي الذى سيمول المشروع، بعض الملاحظات خلال مفاوضاته مع وزارة الزراعة بشأن عدم كفاية الدراسات الخاصة بالمشروع، لا سيما ما يتعلق منها بالموارد المائية لزراعة المليون فدان.
 
وكان أستاذ الأراضي والمياه في كلية الزراعة جامعة القاهرة، الدكتور نادر نور الدين، ومعه عدد من علماء دول حوض النيل، ناشدوا السيسي، بعدم التوقيع على اتفاق سد النهضة، مطالبين بالتفاوض على حصة مصر من المياه، وليس بناء السد.
 
وكانت الأمم المتحدة نشرت الاثنين تقريرا حذرت فيه من معاناة العالم من نقص المياه بنسبة 40 % خلال الـ 15 عاما القادمة، لأن نسبة كبيرة من احتياطي المياه الجوفية منخفضة، كما أن عدد سكان العالم سيزداد إلى 9 مليارات شخص بحلول عام 2050، وسيكون هناك حاجة إلى المزيد من المياه الجوفية لأغراض الزراعة والصناعة والاستهلاك الشخصي.
 
وتوقع التقرير أن الطلب العالمي على المياه سيزداد بنسبة 55 % بحلول عام 2050 بجانب تضاؤل الاحتياطي، وهذا سيكون كارثة إذا لم تتغير اتجاهات الاستخدام الحالية.
 
وكان السيسي عقد اجتماعا موسعا برئيس وزرائه إبراهيم محلب، و6 وزراء، و9 محافظين، الأحد 20 تموز/ يوليو 2014، معتبرا أن استصلاح مليون فدان الخطوة الأولى في تنفيذ خطته لاستصلاح 4 ملايين فدان خلال 4 أعوام يشمل 9 مناطق مختلفة بمحافظات الظهير الصحراوي.
 
وخلال لقائه بفلاحين مصريين، في 18 أيلول/ سبتمبر الماضي، قال السيسي إن مشروع استصلاح مليون فدان جديدة، لا يقتصر على النشاط الزراعي، وإنما مشروعات للتصنيع الزراعي والإسكان والصحة، بالإضافة إلى المشروعات الخدمية الأخرى، وإن التحدي الأكبر هو التوقيت الذى تم تحديده سلفا، وهو عام فقط.