ألزمت المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها في مجلس الدولة، وزارة الداخلية
المصرية بإعادة المحاكمات العسكرية التي صدر فيها أحكام ضد رجال الشرطة في وقت سابق، لاعتبارها باطلة، بعدما قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريتها، ووجوب محاكمة رجال الشرطة أمام المحاكم الجنائية.
والأمر هكذا، قضت المحكمة بعودة ستة من ضباط وأفراد الشرطة المفصولين المدانين بأحكام عسكرية إلى الخدمة، وإعادة محاكمتهم أمام المحاكم المدنية.
وألزمت المحكمة وزارة الداخلية بإعادة النظر في المحاكمات العسكرية لرجال الشرطة، من خلال إعادة إجراءات محاكمتهم أمام محاكم الجنايات المختصة أو مجالس التأديب بالوزارة، استنادا إلى حكم المحكمة الدستورية العليا التي قضت بعدم دستورية محاكمة رجال الشرطة أمام
القضاء العسكري.
وقالت المحكمة -في حيثيات الحكم الصادر مساء السبت- إن محاكمة رجال الشرطة أمام القضاء العسكري تُعتبر باطلة بمجرد صدور حكم المحكمة الدستورية، الأمر الذي أدى إلى صدور العديد من الأحكام بإعادة كل من انتهت خدمته من الشرطة، بسبب محاكمته أمام المحاكم العسكرية، ومن ثم عودة العديد من رجال الشرطة إلى الخدمة، بالرغم من ارتكابهم لجرائم جنائية خطيرة منها الرشوة والاختلاس والاغتصاب والقتل في بعض الأحيان.
وأسست المحكمة حكمها بعودة الضباط والأفراد للخدمة، وإعادة محاكمتهم أمام محاكم مدنية على الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المواد المُضمنة بقرارات رئيس الجمهورية ووزير الداخلية بشأن تشكيل محاكم عسكرية بوزارة الداخلية، وتنظيمها، وتحديد اختصاصاتها وبيان القواعد والإجراءات التي تتبع أمامها، باعتبارها أمورا كان لزاما أن يعهد للمشرع بتنظيمها.
وأضافت المحكمة أنه نتج عن تطبيق تلك المواد محاكمات عسكرية لأفعال وجرائم جنائية كانت تستوجب اتخاذ الطريق الطبيعي لمقاضاتهم عنها، وقد حسم الأمر بقضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية تلك المحاكم لمخالفتها لما رسمه الدستور بشأن تنظيم العدالة، وتحديد الجرم وعقوبته بالطريق القانوني السليم في هذا الشأن، واختصاص القضاء الطبيعي، والنيابة العامة بتلك الأمور.
وشددت المحكمة على أن وجود تلك المحاكم أسهم في الإفلات من جرائم وأفعال كان يتعين الخضوع بشأنها إلى الجهات المختصة بالتحقيق، وإنزال العقوبة، مؤكدة أن سلطة وزارة الداخلية ما زالت قائمة في اتخاذ الإجراءات القانونية التأديبية منها أو الجنائية بشأن التهم التي ارتكبها الضباط والأفراد المفصولون بسبب صدور أحكام من القضاء العسكري ضدهم، والتي لا تسقط بالتقادم.
وأوضحت المحكمة أن عدم دستورية طريقة إنشاء وتنظيم المحاكم العسكرية لرجال الشرطة لا يعني بأية حال من الأحوال أن يفلت كل من خضع لتلك المحاكمات من إنزال العقوبة عن فعلته.
وقالت إن هذا الحكم لا يغل يد الجهة الإدارية ممثلة في وزارة الداخلية في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة التأديبية منها أو الجنائية إن كان لإجرائها مقتضى حيال المدعين، لاسيما أن الأفعال المسندة إليهم تُعد من عداد الجرائم الجنائية.
وأشارت المحكمة إلى أن محاكمة رجال الشرطة أمام المحاكم العسكرية مستمر العمل به على مدار ما يزيد عن أربعين عاما، مؤكدة أن كل من صدر ضده أحكام عسكرية يقوم باللجوء إلى القضاء لإعادته إلى الخدمة.
يُذكر أن حكومة إبراهيم محلب أدخلت مؤخرا تعديلات على قانون القضاء العسكري أضافت إلى اختصاصاته أي قضايا تتعلق بالاعتداء على المنشآت العامة وقطع الطرق، مما وسع المجال لمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، وأتاح إحالة المئات للمحاكمة أمام القضاء العسكري مؤخرا، وهو ما اعتبره خبراء وفقهاء قانون انتهاكا صارخا للدستور.
كما صدر حكم من القضاء العسكري بحق صفوت عبد الغني، رئيس المكتب السياسي لحزب البناء والتنمية، وعلاء أبو النصر، أمين عام الحزب، وثلاثة أعضاء آخرين، بالحبس سنة والغرامة 500 جنيه لكل منهم، بتهمة محاولة الهروب إلى السودان.
وكان اللواء مدحت غزي رئيس هيئة القضاء العسكري أكد عدم وجود فوارق إجرائية أو قانونية بين القضاء العسكري والمدني، وأن ما يتميز به القضاء العسكري هو سرعة الفصل في القضايا المطروحة عليه نظرا لمحدودية القضايا التي ينظرها، على حد قوله.