قضت المحكمة الابتدائية بالعاصمة
المغربية، الرباط، أمس الاثنين، على الصحفي
حميد المهداوي، بالسجن عاما ونصفا مع النّفاذ، مع تعويض مدني قدره 150 مليون سنتيم (ما يُناهز 150 ألف دولار)، وذلك بتهمة "التشهير والقذف والسب العلني" بحق
وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي.
جاءت محاكمة المهداوي، عقب توجيه اتهامات إلى وهبي بـ"الاحتيال"، مع تهم أخرى، عبر مقطع مصور على موقعه الإلكتروني. فيما كان وهبي قد نفى هذه الاتهامات.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وضع وزير العدل المغربي، شكاية ضد المهداوي، مطالبا بمعاقبته بتهم: "التشهير والسب والقذف"، على خلفية نشر المهداوي لمقطع فيديو يتحدث فيه عن حصول الوزير المغربي على سيارة فاخرة من طرف سيدة لها ملف معروض على القضاء.
وفي تصريح إعلامي، قال الصحفي، حميد المهداوي، وهو رئيس تحرير الموقع الإخباري المغربي -بديل-: "أنا بريء في الأصل، ولم أكن أتوقع الحكم بالسجن"، مردفا: "لم أتخذ بعد قرارا بالاستئناف؛ لقد قدّمت جميع الحجج دفاعا عن نفسي في المحكمة".
وكانت محكمة الجنايات بالدار البيضاء، قد أصدرت حكما على المهداوي بالسجن، ثلاث سنوات مع النفاذ بتهمة "عدم التبليغ عن جريمة تمسّ أمن الدولة"، فيما تمّ إطلاق سراحه في تموز/ يوليو 2020، بعد أن أمضى الحكم.
تفاعل مُتسارع
الحكم على الصحفي المهداوي، سلّط الضوء، مُجدّدا، حول النقاش بخصوص: "تقييد حرية الصحافة والإعلام" في المغرب، حيث تسارعت الآراء من الحقوقيين والمهتمين بحرية التعبير، خاصة على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي.
وقالت المسؤولة في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، خديجة الرياضي، إن "المهداوي حوكم بموجب القانون الجنائي عوض قانون الصحافة الذي لا يضم عقوبات سالبة للحرية".
من جهته، قال عضو هيئة المحامين بالدار البيضاء، عبد الرحمان الباقوري، إن "حميد المهداوي كان مخطئا لما نشر وثائق تتضمن معطيات شخصية للمشتكي".
وتابع المحامي، عبر تدوينة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "قانونيا، حميد مهداوي صعب أن يحصل على البراءة، لكن الحكم كان قاسيا لا من حيث العقوبة ولا من حيث مبلغ التعويض".
وأضاف: "مع الأخذ بعين الاعتبار أن حميد لا يمكن أن يستفيد من العقوبة موقوفة التنفيذ، لأنه من شروطها انعدام السوابق، وقد سبق أن قضى عقوبة 3 سنوات"، مردفا: "أتمنى ألا تكون النيابة العامة قد التمست إلقاء القبض عليه".
وأشار: "وإلا فإنه بمجرد صدور الحكم سيتم إلقاء القبض عليه لتنفيذ العقوبة الحبسية، وفقا للمادة 392 من قانون المسطرة الجنائية التي جاء فيها: "يمكن للمحكمة بناء على ملتمس من النيابة العامة إذا كانت العقوبة المحكوم بها تعادل سنة حبساً أو تفوقها، أن تصدر مقرراً خاصاً معللاً تأمر فيه بإيداع المتهم في السجن أو بإلقاء القبض عليه".
وختم المحامي، تدوينته بالقول: "خلافا لما تضمنته مقتضيات المادتين 398 و532، فإن الأمر القضائي المذكور يبقى نافذ المفعول رغم كل طعن".
بدورها، قالت البرلمانية عن حزب "الاشتراكي الموحد" والأمينة العامة السابقة للحزب، نبيلة منيب، إن "الصحفي حميد المهداوي تعرّض للظلم"، معتبرة أن "الحكم عليه بالسجن لمدة سنة ونصف يمثل محاولة لترهيب المواطنين ومنعهم من التعبير عن آرائهم بحرية".
وأوضحت منيب، عبر تصريحات صحفية، أن "المغرب يعيش تكميم الأفواه بكل الطرق"، فيما استفسرت في الوقت نفسه: "كيف يعقل أن يحكم على صحفي بالسجن فقط لأنه أتى بمعلومة من الممكن أن يخطئ فيها أو في بعض التقديرات، لكن هذا لا يسمح بالشطط في استعمال السلطة".
وأشارت إلى أنه "من غير المعقول أن يجر رئيس الحكومة والوزراء الصحفيين إلى المحاكم ويطالبوا بالمليارات، أو يحاولوا الزج بهم في السجون رغبة في الانتقام".
وتابعت: "ما رأيناه في قضية المهداوي هو عدالة الانتقام وليس إحقاق الحق وكل التضامن مع الصحفي حميد المهداوي، وكفى من تخويف الناس والانتقام منهم". فيما أكدت أن: "وزير العدل دافع عن مجرمين كبار واليوم هم وراء القضبان في قضايا كبرى؛ لا أحد فوق القانون لكن حميد المهداوي لم يقترف ما يمكن أن يزج به في السجن".