شهدت ولاية دونالد
ترامب الأولى حينما كان رئيسا
للولايات المتحدة ما بين عامي 2017 و2021، دعما كبيرا للاحتلال الإسرائيلي، ما
ألقى بظلاله على تضاعف المشاريع
الاستيطانية في
الضفة الغربية والقدس المحتلة،
بسبب عدم معارضة إدارة ترامب، على خلاف الإدارات الأمريكية الأخرى.
ويخشى
الفلسطينيون العودة لسياسة الدعم المطلق وفرض
المزيد من المشاريع الاستيطانية التي تسلب أرضهم، مع رجوع ترامب إلى رئاسة البيت
الأبيض، عقب فوزه في انتخابات هذا العام، على منافسته المرشحة الديمقراطية كامالا
هاريس.
وتعيد "
عربي21" التذكير بأبرز الأرقام التي شهدتها
ولاية ترامب الأولى، فيما يتعلق بالاستيطان الذي ارتفع بوتيرة كبيرة جدا مقارنة
بالإدارات الأمريكية السابقة، وسط ترقب لما ستشهده الولاية الرئاسية الثانية.
وفي السنوات الثلاث الأولى من حكم ترامب صادقت حكومة
الاحتلال على بناء ما معدله 7 آلاف وحدة استيطانية بشكل سنوي، أي ما يقارب ضعف
متوسط الوحدات الاستيطانية في السنوات الثلاث التي سبقتها في عهد إدارة الرئيس
باراك أوباما.
ورأت السلطة الفلسطينية في بيانات عدة، أن هذه
السياسة تهدف إلى تقويض إمكانية التوصل إلى اتفاق سياسي مع الفلسطينيين، عن طريق
تشجيع مزيد من عمليات البناء في المستوطنات.
وأعلنت إدارة ترامب عام 2019 أنها "لا تعتبر
الاستيطان غير شرعي، وأن الضفة الغربية والقدس متاحة لكلا الطرفين الفلسطيني
والإسرائيلي".
زيادة استيطانية غير مسبوقة
وخلال عام 2020، شهدت وتيرة الاستيطان حركة متسارعة
في الأراضي الفلسطينية، لم تشهدها منذ 20 عاما، وذلك بعد مصادقة الاحتلال على بناء
15 ألفا و100 وحدة استيطانية.
وتزامنت هذه الوتيرة المتسارعة في الاستيطان مع
هرولة عدد من الدول العربية نحو التطبيع مع الاحتلال، ضمن مساعي إدارة ترامب
للترويج لما كان يعرف في حينها "صفقة القرن".
وحاولت حكومة الاحتلال الإسرائيلي تثبيت وقائع
استيطانية على الأرض قبل تسلم الرئيس الأمريكي جو بايدن منصبه في 20 كانون الثاني/
يناير لعام 2021.
وبالفعل عادت إدارة بايدن إلى معارضة الاستيطان،
ونشر معهد الأمن القومي الإسرائيلي في 28 شباط/ فبراير 2024، تقريرا يرصد العلاقات
الأمريكية الإسرائيلية منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
ولفت التقرير إلى أن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل
في حربها وتساعدها عسكريا واستراتيجيا، لكنها تنتقد سلوكها وتحاول الحد من عنف
الحرب، ووضعت حدودا لإسرائيل، مثل ضرورة تقليل الضرر الذي لحق بالمدنيين، ومنع
التصعيد في الساحات الأخرى، وحظر طرد الفلسطينيين من قطاع غزة.
وأظهر مؤشر تزايد عدد المستوطنين في الضفة الغربية
دون القدس المحتلة، بلغ خلال إدارة ترامب 413 ألفا و300 مستوطن، مقارنة بـ208 آلاف
و300 مستوطنة خلال إدارة أوباما، ما يعني زيادة بمقدار 205 آلاف مستوطن خلال أربع
سنوات، فيما اقتصرت الزيادة خلال إدارة بايدن على 43 ألف مستوطن.
ويتبنى ترامب سياسات مشددة لصالح الاحتلال
الإسرائيلي، ما يدفع تل أبيب لاستغلال وجوده في تنفيذ المزيد من خطط الاستيطان
وسلب الحقوق الفلسطينية، سواء في الضفة الغربية والقدس أو في جميع الأراضي
الفلسطينية.
استغلال إسرائيلي لعودة ترامب
ومن المتوقع أن تؤدي عودة ترامب إلى البيت الأبيض،
لتنفيذ مشاريع استيطانية إضافية وبوتيرة سريعة ومماثلة لفترة رئاسته الأولى، إلى
جانب استغلال الاحتلال حرب الإبادة في قطاع غزة لتوسيع الاستيطان في الضفة
الغربية.
وحينما طرح ترامب "صفقة القرن" تضمنت
بنودا تتعلق بالاستيطان، وتسمح للاحتلال الإسرائيلي بضم المستوطنات التي تم
إقامتها على الأراضي الفلسطينية، وتخالف القوانين والاتفاقيات الدولية.
وهدفت صفقة ترامب السياسية إلى تصفية القضية
الفلسطينية بشكل كامل، واتخذت خطوات مثيرة للجدل، منها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل
ونقل السفارة الأمريكية إليها، إلى جانب السياسات الداعمة لخطط الضم الإسرائيلية
التي تستهدف الأراضي الفلسطينية وخطط التهويد في مدينة القدس.
ويعتقد مراقبون أن ترامب سيكمل في ولايته الثانية ما
لم يتم تنفيذه في الولاية الأولى، وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ما يساعد
الاحتلال في تنفيذ مخططات استيطانية كبرى.
ورحب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو بفوز ترامب بطريقة مختلفة، وقرر تعيين مساعده السابق المستوطن يحيئيل
ليتر، سفيرا في واشنطن خلفا لمايك هرتسوغ الذي ينهي مهامه رسميا في 20 كانون
الثاني/ يناير المقبل.
وبذلك سيتسلم ليتر منصبه مع عودة الرئيس الأمريكي
المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بعد فوزه في انتخابات هذا العام.
وليتر معروف بمواقفه اليمينية ودعمه للاستيطان
بالضفة، ويعتبر تعيينه سفيرا لدى الولايات المتحدة دليلا على تصاعد مكانة
المستوطنين في المنظومة الرسمية لدى الاحتلال في ظل الحكومة الحالية التي يقودها
سياسيون ممن يصنفون بأنهم من اليمين المتطرف.