رغم النفي المتكرر لقادة
الاحتلال، وعلى رأسهم رئيس الحكومة بنيامين
نتنياهو بشأن عدم توفر النوايا للعودة للاستيطان في قطاع
غزة، فإن الحاصل من الناحية
الميدانية، لاسيما في ضوء العدوان الجاري شمال القطاع، يشي بأن
الاستيطان فيها هو الخطوة
التالية.
لايان بولك ديفيد المستشارة الاستراتيجية السابقة بمكتب رئيس الوزراء
وفريق التفاوض ومجلس الأمن القومي، أكدت أنه "قبل وقت قصير من بداية الأعياد اليهودية،
تم توجيه دعوة مفتوحة للجمهور الإسرائيلي نيابة عن حزب
الليكود للانضمام إلى حدث خاص،
جاء فيها: ’نتشرف بدعوتكم للمشاركة في التحضير لإنشاء نواة الاستيطان في غزة، بحضور
أعضاء الليكود، رؤساء الفروع، الوزراء، وأعضاء الكنيست، ونغني معًا: غزتنا إلى
الأبد!’".
وأضافت في مقال نشرته "
القناة 12"، وترجمته "عربي21"
أننا أمام "حدث غير هامشي، فالدعوة لهذا الحدث تمت نيابة عن حزب الليكود الحاكم
الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بدعوة من أحد وزرائه، ومشاركة ثلث أعضائه
في الكنيست، وهم جميعاً يستعدون للاستيطان في غزة، صحيح أن عامة الإسرائيليين يميلون
للسخرية من هؤلاء ’الموهومين’، لكن هناك من يعتقد ببساطة أن هؤلاء المسؤولين
المنتخبين يمثلون المواقف ’الحقيقية’ للحكومة، ما يستدعي يقظة من الجمهور".
وأكدت أن "هذا الحدث يعني أنه تمّ بالفعل جرّ الحكومة الإسرائيلية
إلى فرض حكومة عسكرية في غزة، بحيث يكون الاستيطان الإسرائيلي في غزة هو الخطوة التالية
بعد الحرب، صحيح أن نتنياهو أوضح أن حكم حماس لن يستمر في غزة، لكنه لم يقل أن الحكم
الإسرائيلي سيستمر مفروضا هناك، مستبعدا إمكانية الاستيطان في غزة، بزعم أنه أمر غير
واقعي، ولا يخدم أهداف الحرب".
وأشارت إلى أنه "طالما أن هذا رأي نتنياهو فعلا، فلماذا يسمح لحزبه
الحاكم بالترويج للأجندة الاستيطانية في غزة؟ هل إنه لا يملك فعلياً أي سيطرة عليه،
أم إن هذه الفوضى تخدمه فعلاً؟ وهل عاد للتحدث باللغتين مرة أخرى؟ هل يقول علناً شيئاً،
وعملياً يحدث شيء آخر؟ هل يقول للأمريكيين ما يريدون سماعه، وينشط على الأرض أعضاء
حزبه للقيام بـ’العمل الأسود’، والترويج لأجندته الخفية؟".
وأضافت: "نحن بحاجة للاعتراف بالواقع أن تعمق العزلة الدولية التي
تحيط بدولة الاحتلال سببها أن العالم لا يثق بنواياها، لأنها ترفض منذ عام كامل رسم
خطة واضحة لـ’اليوم التالي’ في غزة، وترفض رسم أفق سياسي للفلسطينيين، وتعطي
سموتريتش حبلا طويلا لتعزيز سياساته في الدولة، والنتيجة أنه يصعب من الناحية العملية
تصديق كلام نتنياهو بشأن عدم التخطيط للاستيطان في غزة، بزعم أنه لا يؤدي لتحقيق أهداف
الحرب.. بدليل إصراره على المؤسسة الأمنية تحميل جنود الجيش المسؤولية الكاملة
عن توزيع الغذاء على سكان غزة".
وأوضحت أنه "عندما يخاطب نتنياهو العالم على مسرح الأمم المتحدة
بخرائط جميلة عن محوري الشر والخير، فإنه يتحدث بلغة ’السلام’، لكنه من الناحية
العملية لا يلغي حدثاً لحزبه للترويج للاستيطان في غزة، لقد بات من الصعب تصديق كلمة
واحدة تخرج من فمه، ما يستدعي من الإسرائيليين اليقظة والتأكيد على أن الاستيطان في
غزة ليس جزءاً، ولا يمكن أن يكون جزءا من المستقبل".
وختمت بالقول إن "فكرة الاستيطان في غزة ليست مجرد ’حلم وهمي’،
بل إنها تقوض قدرة إسرائيل على تحقيق النظام الجديد في غزة، وتضعف موقفها أمام العالم،
بل إنها تضرّ بدوافع جنوده الذين ذهبوا للمعركة لتحرير المختطفين، وليس إقامة بؤرة استيطانية
جديدة في غزة، الأمر الذي يتطلب من الإسرائيليين التصدي لهذه الحكومة التي تأخذنا إلى
نظام عسكري في غزة، وتكذب على الجمهور، وليس لديها تفويض لتقرير مستقبلنا".
https://www.mako.co.il/news-columns/2024_q4/Article-4c7406c07d3a291027.htm?sCh=5fdf43ad8df07110&pId=173113834&partner=lobby