وجهت دولة
الاحتلال
انتقادات حادة إلى إيرلندا عقب انضمامها في الأيام الأخيرة لمحكمة العدل الدولية
بشأن اتهام جيشها بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة،
ودعمت انضمامها بتصريحات قاسية ضده، مما دفع الاحتلال لإغلاق سفارته فيها.
ولم يقم بذات الإجراء
تجاه المكسيك وإسبانيا اللتين انضمتا أيضًا لذات المبادرة القانونية الدولية، مع
العلم أن إيرلندا تبدي في السنوات الأخيرة مزيدا من التصعيد السياسي والدبلوماسي
ضد الاحتلال.
توفا هرتزل السفيرة
الإسرائيلية السابقة، أكدت أنه "في خطوة دراماتيكية، أمر وزير الخارجية غدعون
ساعر بإغلاق
سفارة الاحتلال في إيرلندا، بزعم أنها الدولة الأكثر إشكالية في
أوروبا في علاقتها مع الاحتلال، ويرجع ذلك لوجود دعم قوي بين سلطاتها الرسمية
ورأيها العام الجماهيري، بما فيها أحزابها الرئيسية، ووسائلها الإعلامية وشبكات
التواصل الاجتماعي لديها، وجميعها تتخذ مواقف قاسية تجاه الاحتلال الإسرائيلي تصل
حدّ العداء، مما يجعل من المناسب اتخاذ هذا النوع من الخطوات".
وأضافت في مقال نشره
موقع
واللا، وترجمته "عربي21" أنه "رغم أن إيرلندا تنحرف بالفعل
منذ سنوات عما هو متعارف عليه بين الدول، لكن إغلاق سفارة الاحتلال لديها تبدو
خطوة ضارة، رغم انضمامها في الأيام الأخيرة لمحكمة العدل الدولية بشأن اتهام
الاحتلال بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، ودعمت انضمامها بتصريحات قاسية".
وأوضحت أن "خطوة
إغلاق السفارة في إيرلندا تتناسى أنها جزء من الاتحاد الأوروبي، وهو أكبر شريك
تجاري لإسرائيل، بجانب أنشطة إيرلندا العديدة داخله، وبالتالي تأثيرها على مجمل
علاقاته مع الاحتلال، بما في ذلك الاتفاقيات التي يستفيد منها، بشكل مباشر أو غير
مباشر، لا سيما العلاقات التجارية واسعة النطاق بين دبلن وتل أبيب، وبلغت قيمتها
نهاية العام 2023 قرابة أربعة مليارات يورو".
وأشارت إلى أن دولة
الاحتلال في خطوتها الغاضبة تجاه إيرلندا "تجاهلت حصاد التعاون مع مراكزها
عالية التقنية، حيث تتعاون شركتا Intel Israel و Intel Ireland، وتوظف شركة WIX الإسرائيلية
مئات العمال في إيرلندا، وهناك جالية يهودية صغيرة، لكنها نشطة هناك، وفي السنوات
الأخيرة كان هناك وزراء يهود نيابة عن الأحزاب الرئيسية الثلاثة".
وأكدت أن "هذه
المعطيات التي تجاهلتها تل أبيب تؤكد أن إغلاق السفارة هو خطوة احتجاجية متطرفة
ونادرة، لأنه في 1986، انتخبت النمسا كورت فالدهايم، الأمين العام السابق للأمم
المتحدة، رئيساً لها، رغم ماضيه النازي، ومع ذلك فلم يغلق الاحتلال سفارته في
فيينا، بل اتخذ خطوة أخرى تمثلت بخفض مستوى العلاقات معها، مما يعني أن العلاقات
لم تكن كاملة".
وحذرت من أنه "إن
كان من السهل على الاحتلال اتخاذ قرار بشأن إغلاق سفارته في إيرلندا، لكن ليس
بالضرورة يمكن اعتبار إعادة فتحها أمرا بذات السهولة، لأن لدينا تجربة سابقة في هذا الصدد
حين شهدت حقبة السبعينيات أزمة في علاقات إسرائيل مع كوريا الجنوبية، وصلت ذروتها
في قرار وزير الخارجية آنذاك موشيه ديان بإغلاق السفارة في سيئول، وبعدها بسنوات
أصبحت كوريا عملاقاً صناعياً، ولذلك رفضت مراراً وتكراراً طلبات بالسماح بإعادة
فتح سفارته لديها إلا في 1992".
وختمت بالإشارة إلى ما
تعيشه دولة الاحتلال من أزمات دولية غير مسبوقة، إذ "لا ينبغي أن تلجأ لسياسة
كسر الأواني، لأنها ليست مفيدة، بل الأفضل هو الاستثمار في الحوار رغم الصعوبات،
وهنا ما كان ينبغي إدارة الظهر لإيرلندا، رغم ما تنطوي عليه من إشكالية، مما يجعل
الفائدة الأساسية من إغلاق السفارة في دبلن هي العناوين الصارخة في الصحف، لكن في
الميزان الإجمالي، فإن خسارتنا من هذه الخطوة أكبر من مكاسبنا".