على
مدى عقود، استطاعت
إسرائيل، بدعم من مناصريها في الولايات المتحدة، التأثير بشكل
مباشر وغير مباشر على السياسيين الأمريكيين وعلى الخطاب السياسي ووسائل الإعلام.
ومما ساعدهم في ذلك بشكل جزئي هو غياب أي خطاب عربي بذات المستوى والدعم
والانتشار. هذا التأثير الداعم لإسرائيل ساهم في تشكيل رؤية موحدة وغير متوازنة
تجاه القضية
الفلسطينية في الولايات المتحدة بشكل خاص.
ولكن،
أدى تفجر وسائل التواصل الاجتماعي وسهولة الوصول إلى المعلومات غير المفلترة عن
الأحداث في غزة، بما في ذلك التقارير عن المجازر والإبادة الجماعية وأسر الأطفال
والنساء، إلى تغيير المشهد بشكل دراماتيكي هز قواعد الصهاينة، على الأقل حتى الآن.
انتشار
هذه الحقائق والمعلومات أثار ردود فعل سلبية قوية في الأوساط الأكاديمية المستقلة
والجامعات تجاه إسرائيل، مما أدى إلى زعزعة الخطاب الذي طالما سعى مناصرو إسرائيل
إلى ترسيخه. ويبدو أن هذا الواقع قد سبب للبروفيسورة روث ويس، الشخصية البارزة في
أدب اليهود والأكاديمية المعروفة في جامعة هارفرد، خوفا وهلعا من أن تنسف هذه
التطورات الجديدة وغير المتوقعة كل ما تم بناؤه خلال عقود من خطاب يعتبره مناصرو إسرائيل
نجاحا لهم. ويشير هذا التطور إلى أن نصرة القضية الفلسطينية قد تبدأ أولا من خلال
الإعلام والقوانين التي تسمح للناس في الدول الديمقراطية بممارسة حريتهم في
التعبير، مما يعيد تشكيل المشهد السياسي والأكاديمي بطرق غير متوقعة.
انتشار هذه الحقائق والمعلومات أثار ردود فعل سلبية قوية في الأوساط الأكاديمية المستقلة والجامعات تجاه إسرائيل، مما أدى إلى زعزعة الخطاب الذي طالما سعى مناصرو إسرائيل إلى ترسيخه
في
عمر الـ87، قدمت البروفيسورة روث ويس خطابا مشحونا بالإحباط والتذمر، ويعتبر بمثابة
نداء واضح لليهود الأمريكيين للمشاركة بشكل أكثر فعالية في نُصرة إسرائيل من خلال
ما تسميه "جيش الكلمات".
ينبع
إحباط ويس، وهي أستاذة الأدب المقارن في هارفارد، كما ورد في خطابها الأخير، من
التصور بأن اليهود الأمريكيين يظهرون سلبية في الدفاع عن إسرائيل في مجال الخطاب
العام. وتؤكد قائلة: "مهمتكم هي جعلنا [إسرائيل] نبدو جيدين. ليست مهمتنا أن
نجعلكم أنتم يا يهود أمريكا تبدون جيدين. على ماذا تقلقون وأنتم في أمريكا؟ مهمتكم
هي أن تجعلونا نبدو جيدين".
تستخدم
ويس مجازا قويا بين الخدمة العسكرية والخدمة في "جيش الكلمات"، وتجادل
بأنه كما توجد ضرورة للدفاع الجسدي، هناك حاجة ملحة متساوية للتواصل في الخطاب
العام. وترى أن المعركة من أجل صورة إسرائيل وسرديتها يتم تشكيلها بشكل رئيسي من
قبل منتقديها، وخاصة في الدوائر الأكاديمية والبحثية والجامعات، بدون مواجهة كافية
من المجتمع اليهودي في أمريكا. وتقول، "يجب على كل واحد منا [في إسرائيل]
أن يخدم ثلاث سنوات في الجيش، وبعضنا خمس سنوات، وأنتم [في أمريكا] يجب أن تخدموا
سنتين أو ثلاث سنوات في جيش الكلمات"، مؤكدة على الحاجة إلى إلمام الصهاينة
ومناصريهم الجيد بلغة الخطاب السياسي والاجتماعي المتطور، "عليكم أن تبقوا
على اطلاع دائم".
وتقول
بنبرة تذمر وشكوى واضحة: "لا تدعوا حرب الكلمات تقتل إسرائيل. جادلوهم، لماذا
تقبلون أن يستهدفوا شعب إسرائيل الصغير"؟
إذا كانت إسرائيل ومناصروها في الولايات المتحدة، وبرغم الدعم المادي غير المحدود لهم، وتأثيرهم المباشر على كثير من السياسيين ووسائل الإعلام، يشكون ويتذمرون ويشعرون بأنهم أصبحوا مطاردين، لمجرد وصول جزء من الحقيقة إلى بعض الأوساط الأكاديمية والعلمية في الولايات المتحدة وتفاعل الناس العفوي معها، فهذا ينبغي أن يكون محفزا لنا، ويجب أن يشجعنا هذا الواقع على أن نكون مناصرين أكثر فعالية لقضيتنا
خلاصة
القول، خطاب البروفيسورة روث ويس هو تذكير قوي بالصراع المستمر على السرد والتصور
في الساحة العالمية، ودعوتها لـ"جيش الكلمات" ليست مجرد مجاز، بل خطة
استراتيجية للدفاع والتواصل، تحث على تغيير الطريقة التي يتم بها سرد الرواية الإسرائيلية
والدفاع عن قصة إسرائيل في الفضاء العام.
إذا
كانت إسرائيل ومناصروها في الولايات المتحدة، وبرغم
الدعم المادي غير المحدود لهم،
وتأثيرهم المباشر على كثير من السياسيين ووسائل الإعلام، يشكون ويتذمرون ويشعرون
بأنهم أصبحوا مطاردين، لمجرد وصول جزء من الحقيقة إلى بعض الأوساط الأكاديمية
والعلمية في الولايات المتحدة وتفاعل الناس العفوي معها، فهذا ينبغي أن يكون محفزا
لنا، ويجب أن يشجعنا هذا الواقع على أن نكون مناصرين أكثر فعالية لقضيتنا، خاصة في
قلب المطبخ السياسي العالمي، وهو واشنطن.
إن
مشاهدة شخصيات مثل الدكتورة ويس وآخرين مثلها، وهي تعبر عن قلقها وتذمرها، يجب أن
يمنحنا بصيصا من التفاؤل، يحفزنا على العمل بجهد أكبر لنصرة قضيتنا العادلة،
بالالتزام والعزيمة، يمكننا أن نسهم في تشكيل الخطاب العالمي لما يخدم قضايانا
العادلة والمساهمة في تحقيق العدالة والإنصاف للشعب الفلسطيني.