قال "مركز بحوث الأمن القومي" التابع لجامعة "تل أبيب" العبرية، في تقديره الاستراتيجي، إن "أحد التحديات التي ستقف أمامها حكومة نتنياهو الجديدة، هو الإبقاء على الزخم الإيجابي في
التطبيع الثقافي - الديني مع
المغرب".
وأشار التقرير الذي شارك في أعداده 3 باحثين هم؛ سام ميلنر، مور لينك وأوفير فينتر، إلى أن المغرب منذ توقيع اتفاقية التطبيع في 22 كانون الأول/ ديسمبر 2020، سرعت جهودها لإحياء التراث اليهودي المغربي، ابتداء من ترميم مئات المواقع اليهودية، وانتهاء بفتح كنيس يهودي هو الأول من نوعه في العالم العربي، يقع في جامعة؛ (جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بمدينة مراكش)".
وأضاف أن المغرب افتتح متحف "بيت يهودا" في طنجة بشهر آب/أغسطس الماضي، علما أن هذه المدينة لا يوجد بها حي مخصص لليهود، وهو المتحف اليهودي الثالث في الدولة، والثاني الذي دشن في 2022، بدعم مباشر من الملك المغربي محمد السادس، وهذا المشروع، "ينبع من فكرة وطنية واحدة؛ الهوية الوطنية والتاريخية متعددة الثقافات للمغرب".
ونوه المركز في تقديره الذي يأتي ضمن نشرة استراتيجية يصدرها بشكل شبه دوري تحت عنوان "نظرة عليا"، أن "مساهمة الملك في ترميم "بيت يهودا" تبرز في مدخل المتحف على يافطة، وبجوارها رسالة شخصية بتوقيع محمد الخامس، يعلن عن مسؤوليته عن حماية عموم الجاليات الدينية والعرقية في الدولة، بما فيها اليهودية".
واعتبر أن "النهج الإيجابي للمغرب تجاه التراث اليهودي يكمن في الهوية الوطنية وفي الصلة القريبة التي تطورها الدولة مع الشتات المغربي في أرجاء العالم، حتى إن ملوك المغرب أظهروا بثبات تسامحا وتقديرا تجاه أبناء الجالية اليهودية"، زاعما أن "الموقف من يهود المغرب، هو جزء من مشروع أوسع للأسرة المالكة؛ الدفع قدما بهوية وطنية تتميز بالتعددية الدينية، الثقافية والعرقية".
وفي 1956، بعد هجرة يهود المغرب إلى فلسطين المحتلة، قال الملك محمد الخامس: "اليهود أبنائي، مثل كل المغاربة"، بحسب ما أورده مركز البحث
الإسرائيلي، الذي ادعى أن "المغرب طور مواقع يهودية قبل استئناف علاقاته مع إسرائيل، وهذا الميل تعزز في ضوء الرغبة في اجتذاب سياح إسرائيليين للمملكة، من أجل مضاعفة عددهم من 70 ألفا إلى 200 ألف".
وهناك اعتبار آخر لـ"تطوير التراث اليهودي – المغربي"، وهو بحسب التقدير الإسرائيلي "تعزيز شرعية الملك المسؤول عن حفظ التعددية العرقية والدينية في المجتمع المغربي.
ولفت إلى أنه "لوظيفة الملك وجه آخر يثقل على
العلاقات مع "إسرائيل"، وهي أن الأسرة المالكة ملتزمة أيضا بالمسألة الفلسطينية وبالقدس، حيث تمكن المغرب حتى الآن من أن يناور بنجاح في التوتر بين الالتزامين (القدس والحفاظ على التراث اليهودي)، والملك محمد السادس، مثل سلفه، يولي أهمية كبيرة للموضوع الفلسطيني ويحرص على التعبير عنه، وأكد مؤخرا تأييده لحقوق الشعب الفلسطيني وحل الدولتين.
ولملك المغرب منصب ثابت كرئيس لجنة القدس في منظمة التعاون الإسلامي، وبحكم ذلك يتحمل مسؤولية تجاه المقدسات الإسلامية في المدينة".
كما أن "حاجة النظام المغربي لإظهار الولاء للقضية الفلسطينية، تزايدت أكثر منذ إعلان التطبيع مع إسرائيل، في ضوء الاتهامات الموجهة إليه بـ "خيانة"
الفلسطينيين، ومن ثم في أوقات التصعيد بين إسرائيل والفلسطينيين يجد صعوبة في الحفاظ على موقف حيادي لزمن طويل".
وأكد التقدير أن "الزخم الإيجابي في علاقات إسرائيل مع المغرب، ليس أمرا مسلما به في ضوء التحديات أمام الطرفين، وعلى رأسها موقف المغرب من الفلسطينيين"، منوها إلى أن "هناك مسألة أخرى تثقل على تطور العلاقات، وهي الاعتراف الرسمي لإسرائيل بسيادة المغرب في الصحراء الغربية، وهذه مسألة أساسية في علاقات الخارجية للمغرب، التي تتوقع تأييدا واضحا لموقفها من جانب إسرائيل، وستكون الحكومة الجديدة مطالبة بأن تبذل الجهود لتعزيز زخم التطبيع".
وفي نهاية التقدير الاستراتيجي، خلص الباحثون الثلاثة إلى مجموعة من التوصيات، أولا: "على إسرائيل أن تراعي موقف الملك المغربي الحساس في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وفي الشكل الذي يمكن أن يؤثر به على علاقات الجانبين".
وثانيا: "على إسرائيل أن تواصل الاستناد للتراث المشترك، كرافعة لتطوير علاقات خاصة على مستويات مدنية وثقافية حيوية.
وثالثا؛ أن "تتعلق بروح "اتفاقات إبراهيم" (التطبيع)، وهذه السياسة ستساهم في تطوير علاقات إسرائيل مع دول عربية وإسلامية في المجال، وتجدي نفعا للمجتمع الإسرائيلي".