لا يتوقف عنف المستوطنين وجرائمهم ضد الفلسطينيين على الاعتداء عليهم، وقطع أشجارهم، وحرق منازلهم، بل وصل الأمر إلى استغلال مواردهم الطبيعية، خاصة مصادر المياه، وتحويلها إلى مستوطناتهم، وإبقاء الفلسطينيين وأراضيهم تحت تهديد العطش والجفاف، وإتلاف محاصيلهم الزراعية.
المنظمات الحقوقية الإسرائيلية تقدمت بعشرات الشكاوى لمحاكم الاحتلال نيابة عن الفلسطينيين الذين يعانون من تعديات المستوطنين على مصادرهم المائية، ولكن دون جدوى، لا سيما وأنه ليس من السهل دائمًا إثبات حقوق ملكية الأرض في الضفة الغربية، رغم امتلاك الفلسطينيين صكوك ملكية أردنية منذ أربعينيات القرن الماضي، لكن الاحتلال يتجاوزها، ويلجأ لفرض ملكية المستوطنين بالقوة، حتى وصل الأمر إلى طردهم منها بالقوة بزعم أن المستوطنين يسعون لتوسيع الأراضي التي بحوزتهم.
أفنير هوفشتاين مراسل موقع زمن إسرائيل، كشف أن "منظمة "مشك إحيا" الاستيطانية استولت على مئات الدونمات الزراعية الفلسطينية دون أي عقوبات ضدها حتى الآن، مما يعني أن حكومة إسرائيل أثبتت في الواقع أنها قادرة على تنظيم الجريمة الزراعية في المنطقة (ج) بحق الفلسطينيين، وإحلال ملكيتها لمستوطنين غير شرعيين، فضلا عن إمدادهم بالأوكسجين اللازم لازدهارها، خاصة مصادر المياه، بحيث استفادوا من مخصصات المياه المسجلة باسم جهات أخرى".
وأضاف في تحقيق مطول ترجمته "عربي21" أنه "في 2011 حصلت المنظمة على 45 ألف م3 من المياه، ثم تمت زيادة مخصصاتها إلى 54 ألفًا، وابتداءً من 2014، اقترب التخصيص كل عام من 100 ألف م3، مما جعل مزارعها من أعلى استخدامات المياه للأغراض الزراعية في الضفة الغربية بأكملها، أي أن سلطة المياه الحكومية- مكوروت، تواصل تدفق مخصصات المياه المنتظمة إلى مزارعها الاستيطانية غير القانونية، وبالتالي فإن عمليات إنتاج الزيت والنبيذ تتم في الأراضي المزروعة بشكل غير قانوني، من خلال غزو مكشوف لأراضي الفلسطينيين الخاصة لتحقيق ربح اقتصادي".
اقرأ أيضا: جمعية "إلعاد" الاستيطانية تحرم الفلسطينيين من قطف الزيتون
وأشار إلى أن "الغزاة الجناة، وهم المستوطنون، يستمرون بالحصول على مخصصات منتظمة من المياه، رغم عدم حيازة المستوطنين لعقود ملكية لهذه الأراضي كشرط لتخصيص المياه، وليس هناك أي أساس قانوني لهذه المعاملة، مما يعني أننا أمام سنوات من السلوك العبثي الإسرائيلي في المحاكم".
منظمة "كيرم ناؤوت" الحقوقية الإسرائيلية كشفت أن "الجهود الحكومية الرسمية تحاول خلق تمثيل زائف لشرعية استيلاء المستوطنين على الأراضي الزراعية بالجملة، من خلال إنتاج نوع من عقود الإيجار مع المستوطنين، وفي هذه العقود يقدمون أنفسهم على أنهم أصحاب حقوق الأرض بموجب اتفاق أبرموه مع الإدارة المدنية، رغم أن هذه الأراضي لها ملكية خاصة للفلسطينيين، لكن الحاصل من الناحية العملية أن الغزاة المستوطنين والدولة يتقاسمون المهام والصلاحيات".
وقسم الاستيطان هو وحدة مستقلة في المنظمة الصهيونية العالمية، لكن جيش الاحتلال باعتباره هيئة عامة تمول من أموال الصندوق الوطني لدولة الاحتلال، فإنه يقوم بتمويل أعمال قسم الاستيطان بالكامل من قبل الحكومة، كذراع عملياتي في الضفة الغربية والجولان المحتلين، مما يكشف عن نظام قانوني مختل، لأن هذا هو الوضع السائد في أماكن كثيرة من الضفة الغربية، في عشرات المزارع المختلفة، رغم أنه نادرًا ما يتم الكشف عنها بالكامل.
أكثر من ذلك، فإن القيام بجولة ميدانية في الضفة الغربية ستكشف الفرق المذهل بين صفوف كروم المستوطنين والمحاصيل المحلية للفلسطينيين، رغم أنهما يمتدان على جانبي نفس الطريق، حيث يتم ترتيب الحقول الأولى من الكروم في صفوف خلفية مثل الجنود المنضبطين، والمتصلة بضخ قطرات المياه، وترتبط بنظام ري منظم ومستثمر، والتي تقود الأنابيب من مراكز المياه في ميكوروت، أما المحاصيل الفلسطينية فتنمو بطريقة فوضوية مثل المحصول البري، دون اتصال بنظام الري المنظم.
وتكشف التقديرات أن 120 ألف دونم من الأراضي الزراعية يملكها مستوطنون يهود في الضفة الغربية، وباتت مناطق مزدهرة تنتج العنب والنبيذ والزيتون والتمر، وعلاماتها التجارية معروفة للمستهلك الإسرائيلي، مع أن ما يقرب من نصف هذه الأراضي مملوكة ملكية خاصة للفلسطينيين، وفي بعض الحالات يتم "شرعنة" هذا الغزو بتسجيل هذه الأراضي بأنها "أراضي دولة".
"عربي21" ترصد غضبا إسرائيليا على الجيش بعد هجوم شعفاط
ما هي أنظمة الدول المفضلة للاحتلال؟.. وأيها يريد الإطاحة بها؟
الاحتلال يخطط لتوسيع عملياته في الضفة لخلق واقع أمني جديد