تحركت دول عربية لا سيما السعودية وقطر، مؤخرا من أجل إيجاد حل لأزمة سد النهضة التي تنذر بالخطر تجاه مصر.
وبعد يوم واحد من ظهور محمد بن سلمان، وعبد الفتاح السيسي في أحد قصور شرم الشيخ الجمعة؛ أعلنت وكالة الأنباء السعودية "واس" عن زيارة وزير الدولة السعودي للشؤون الأفريقية أحمد قطان، السبت، إلى إثيوبيا ولقائه رئيس الوزراء آبي أحمد، بأديس أبابا، للتباحث حول أزمة السد الإثيوبي.
زيارة قطان إلى أديس أبابا، تأتي بعد نحو أسبوعين من لقاء وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، ووزير الدولة للشؤون الخارجية في إثيوبيا رضوان حسين، لبحث أزمة سد النهضة بين إثيوبيا ومصر والسودان.
وفي السياق أعلنت الجامعة العربية، السبت، عقد اجتماع وزاري غير اعتيادي، الثلاثاء المقبل، بالعاصمة القطرية الدوحة كونها الرئيس الحالي للجامعة، وذلك لبحث أزمة السد الإثيوبي بطلب مصري سوداني، وذلك بعد أسابيع من عرض قطري بالوساطة في أزمة السد.
وفي تصريح لقناة "ON" المصرية مساء السبت، كشف الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي، عن وجود لجنة مشكلة من الأردن والسعودية والمغرب والعراق في الجامعة تجري اتصالات بمجلس الأمن في نيويورك لدعم مصر والسودان.
وأعلنت الخارجية المصرية، السبت أيضا، عن تقديم خطاب إلى مجلس الأمن الدولي الجمعة، يتضمن ملفا شاملا عن أزمة السد الإثيوبي، تضمن إبلاغ المجلس وأعضائه باعتراض مصر على اعتزام إثيوبيا الملء الثاني للسد دون اتفاق مع دولتي المصب.
وعجزت مصر والسودان على مدار 10 سنوات عن تحقيق اتفاق مرضٍ مع إثيوبيا؛ للحفاظ على حصتهما من المياه البالغة 55.5 مليار متر مكعب .18.5 مليار متر مكعب على التوالي، فيما تصر أديس أبابا على إتمام الملء الثاني للسد في تموز/يوليو 2021.
"تحرك غير مجدٍ"
وزير الري المصري الأسبق، الدكتور محمد نصر الدين علام، بدا في حديث مقتضب لـ"عربي21"، أنه غير مقتنع بالأدوار العربية القائمة والمحتملة من كل الأطراف في أزمة السد الأثيوبي، ومقللا من احتمالات نجاح توجه مصر للأمم المتحدة.
وقال علام: "أنا لا أثق في هؤلاء الإخوة الأفاضل بصفة عامة"، وأشار إلى اعتقاده بأن "تحرك مجلس الأمن في الملف شائك ويحمل الاحتمالات كافة"، خاتما حديثه بالقول: "لا يصح إلا الصحيح"، لافتا إلى أنه على مصر نفسها اتخاذ ما يلزمها من خطوات.
"ضعف وتخبط"
السياسي والبرلماني السابق، طلعت خليل، شارك الوزير علام الرأي، وأعرب عن أسفه الشديد من أن "كل هذه التحركات العربية والدولية توضح مدى ضعف مصر وتخبطها في إدارة الملف".
وقال في حديثه لـ"عربي21"؛ إن "الدول العربية تتحرك باستحياء بطلب من مصر لحفظ ماء الوجه"، مؤكدا أن أيّا منها لا تملك "أوراق ضغط على إثيوبيا"، ومشددا على أنه "لا خروج من هذه الأزمة إلا بتوجيه ضربة عسكرية لإثيوبيا".
اقرأ أيضا: اجتماع بالدوحة لوزراء الخارجية العرب حول سد النهضة
"ضغوط أمريكية"
وفي رؤيته قال الخبير في الشؤون الأفريقية، الدكتور مصطفى الجمال؛ إن "هناك تكتلا شديدا حول المباحثات التي تجري الآن على أكثر من جبهة، وصعب على المحلل أن يتوقع ما قد يحدث، ولكني أتوقع أن الكل يتسارع لأجل إيقاف خطوة تعتبرها جهات إقليمية ودولية أنها حماقة مصرية".
وجزم في حديثه لـ"عربي21"، بأن "من يتحكم في الموقف من الأساس هو تخاذل الموقف السوداني، البلد المعرض للتفكك لو دخل في أي مغامرة، ولن يتحمل تبعات ضربة عسكرية مصرية منفردة؛ لأن إثيوبيا لن تقدر أن ترد على مصر، وسترد على السودان".
ويعتقد مدير مركز البحوث العربية والأفريقية، أن "أهم الأشياء في المباحثات الحالية هي محاولة إغراء إثيوبيا بالمال لتعطيل الملء، حتى يكون رمزيا في الفترة القادمة".
وحول ظهور دور سعودي وآخر قطري لحل الأزمة في إطار التنافس بين الرياض والدوحة، يرى الجمال أن "الأدوار هذه تتم بضغوط أمريكية لتضييع الوقت على مصر، وليصبح ملء السد الثاني أمرا واقعا، وأن مصر في ظل العلاقة الحميمة مع السعودية والإمارات والآن قطر، يهمها إرضاؤهم وألا تأخذ مواقف تحرجهم أمام أمريكا".
"النظام في أزمة"
رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري الدكتور عمرو عادل، أكد أن "بروز الدور السعودي بعد يوم من لقاء السيسي وابن سلمان، وبعد الدور القطري المحتمل في الأزمة، وقبيل اجتماع وزراء الخارجية العرب في الدوحة، وما يثار حول تنافسهما بهذا الملف، هي تحركات غير مفهومة".
وفي حديثه لـ"عربي21"، قال؛ إنه "غير واضح للمراقبين من يريد فعل ماذا في الملف الشائك؟"، لافتا إلى أن "هناك أشياء غريبة في التعاملات الدبلوماسية لمصر في موضوع سد النهضة، وأسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات ومعلومات غير المعلنة لأن المعلن مربك ولا يشير لشيء محدد".
ويعتقد عادل، أن "ما يراه من كل هذا الحراك مع ارتفاع الأصوات داخل مصر قليل حول هذا الملف، وتسريب بعض الوثائق؛ أن النظام في أزمة كبيرة جدا، وربما يحاول حتى تغيير كل تحالفاته التي اشتغل عليها منذ العام 2013، للخروج من هذه الأزمة بأي شكل".
السفير المصري السابق محمد مرسي، أشار إلى أن زيارة الوزير السعودي أحمد قطان لإثيوبيا بعد أيام من اتصالات قطرية مماثلة بالمسؤولين الإثيوبيين، متسائلا عن صلة زيارة قطان لأديس أبابا ولقاء شرم الشيخ بين السيسي وابن سلمان، وكذلك الاجتماع الوزاري العربي بالدوحة.
مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية خالد عكاشة، رأى أن لقاء الجمعة المفاجئ؛ بين السيسي وابن سلمان، بعث برسالة طمأنينة واجبة للرأي العام المصري والعربي، مشيرا إلى أن لقاء قطان وآبي أحمد يأتي قبل يومين من لقاء الوزراء العرب، بالدوحة، متمنيا إصدار موقف عربي موحد حول أزمة السد الإثيوبي.
في ذكرى وفاته الثانية.. ما مصير ملف وفاة مرسي؟
هل تنتهي أزمة سد النهضة بعد فشل إثيوبيا بإتمام الملء الثاني؟
الصكوك السيادية.. تثير مخاوف على قناة السويس والسد العالي