قضايا وآراء

المصالحة الفلسطينية وموسم قطف الزيتون

1300x600
تم استئناف المباراة بين كبار اللاعبين في الساحة السياسية الفلسطينية، لكن خارج المعلب المعتاد عليه (استاد القاهرة) الذي أعلن عن غضبه، رغم أن لأحد الفريقين تحفظات (قد السما) على أصحاب "استاد إسطنبول".

المصالحة الفلسطينية مصطلح اعتاده الفلسطينيون منذ أكثر من عقد من الزمن، وكأنهم يشاهدون "الكابتن ماجد" يجري في الملعب لسنوات طويلة دون أن "يفش غل" المشاهدين بـ"goal"، لكنه نجح في إبقاء المشاهد في حالة انتظار النهاية، لعل وعسى.

فمنذ بدء الانقسام ونحن نسمع عن جولات مكوكية لذبحه، فشرّق المتخاصمون وغربوا، وتعانقوا وتبسموا بعضهم في وجوه بعض، وربما من شاهد مشاهد المصالحة أواخر عام 2017 ظن أن الأمور ستصبح "زي اللوز" فالمعنويات عالية وتقدح قدحا، لكنهم في الحقيقة كانوا يعودون بخفي حنين، وتعود ريمة لعادتها القديمة.

ولو سألنا أي مواطن فلسطيني عن قناعته بجدوى ما يحدث، ستختلف إجاباتهم، وفي أحسن حالات التفاؤل سيقول: "الله يوفئ تنسفئ"، على رأي إخوتنا اللبنانيين.

قبل الحكم على النتائج هل ستكون؟ وهل سيتم تنفيذها؟ يجب البحث عن دوافع الطرفين لهذه الجولات، هل عن قناعة ذاتية، أم رد فعل على التطبيع العربي الصهيوني؟ أم لا تعدو كونها مسايرة وفق "طاوع المجنون لباب الدار"؟

أظنُ، وإن بعض الظن سمٌ قاتلٌ، أن هذه الجولة "زيها زي غيرها"، رغم ما يحاول البعض تغليفها بغلاف الجدية، مستدلا على ذلك بأن العواصف حول عنق القضية ستقتلها.

ولو أردنا تفنيد موقف الطرفين من المصالحة، سنجد أن كليهما عليه لوم، فحماس التي ترغب بالخروج من عنق الزجاجة بدت أكثر صدقا منذ بدء جولات المصالحة، فرغبتها واضحة في إعادة توحيد الوطن وفق برامج يتم التوافق عليها وقدمت تنازلات كبيرة، أما دوافع السلطة للمصالحة فلم تكن واضحة وكانت أقرب للمناورة، ويمكن القول بأن هناك دوافع لعباس لها تتمثل في: 

1- إدراك عباس أن مشروعه فقد دسمه ويحاول التعلق بقشة، ووجد ضالته في المصالحة.

2- البحث عن الدعم القطري والتركي السياسي والمالي، في ظل توقف بعض الدول العربية عن الدعم المالي للسلطة.

3- تجديد عباس لشرعيته الناقصة، ليسمع من جديد "السيد الرئيس" من مخالفيه.

4- إحراج حماس بحجة أن هذه المرحلة تتطلب دعم الشرعية الفلسطينية.

5- محاولة إجهاض تقدم نفوذ دحلان المتزايد.

شخصيا، لا أرى في هذه الجولة إلا نشاطا سياسيا سينتهي بانتهاء موجة التطبيع، ولا أخفيكم سرا بأني لست متفائلا، وربما يعذرني كثيرون، فأنا أتمنى المصالحة لكني لا أتوقعها، خاصة أن نقاط البحث كما هي منذ الانقسام، وأنه لم يحدث تغير في المزاج الدولي لصالح القضية الفلسطينية. وثالثة الأثافي، أن دولا عربية كثيرة تجتهد وتجاهد لتعطيل قطار المصالحة مرة بالجزرة وتارة بالعصا.

قد يقول قائل: وما علاقة المصالحة بالزيتون؟

أخبركم بأن العارفين بالسياسة والزراعة يعرفون أن محصول الزيتون يكون في موسم معين في العام، يبدأ من أول فصل الخريف، ولمدة بسيطة، وهكذا المصالحة، لها موسم واحد، والفارق أن الزيتون نعصره ونأكله، أما المصالحة فـ"ياما سمعنا جعجعة وما شفنا طحين".