اعترف قيادي بارز بالحركة المدنية الديمقراطية في مصر بأن
أحزاب وشخصيات الحركة فشلت تماما في ملء الفراغ السياسي والانتخابي الذي خلّفته
جماعة الإخوان المسلمين، والتي تم إقصاؤها بالكلية من المشهد السياسي.
وقال القيادي البارز، الذي رفض الإفصاح عن هويته، في
تصريحات خاصة لـ"عربي21": "علينا أن نعترف أن إمكانيات الحركة المدنية محدودة ومتواضعة كثيرا، وتأثيرها
ضعيف في الشارع، حيث لا يوجد لديها ظهير شعبي بالمعنى المعروف، رغم أن لها كوادر
وأعضاء بأحزابها، لكنها لا تملك القدرة الكبيرة على التأثير أو إحداث التغيير أو
حتى المساهمة الفاعلة في هذا التغيير المأمول".
وأضاف القيادي، الذي يترأس أحد أحزاب الحركة المدنية: "كل
ما تستطيع الحركة فعله يأتي في إطار حدود إمكانيتها وقدراتها المتواضعة، خاصة في
ضوء التضييق الكبير عليها – وعلى الجميع - في ظل الأوضاع الراهنة"، لافتا إلى
أنهم لم ينجحوا في استغلال الغياب الكامل لجماعة الإخوان وحلفائها عن المشهد، حيث لم يصبح
لهم ظهير شعبي أو مشروع واضح للمستقبل، رغم أنه مضى على تأسيس الحركة نحو
عامين ونصف.
"الظهير الشعبي"
وتابع المصدر: "بكل أمانة وإنصاف لم تنجح الحركة في
ذلك، لأنه لا أحد يمكن أن يكون له نفس الظهير الشعبي الذي كانت تتمتع به جماعة الإخوان،
حتى لا نضحك على أنفسنا، لأن الإخوان لها نظام مختلف تماما عن نظام الأحزاب المدنية؛
فالإخوان لديهم تنظيم منذ نحو قرن كامل، ولديهم أذرع اقتصادية وخيرية وإعلامية،
ويمتلكون كوادر شعبية وخبرات انتخابية في مختلف المحافظات، بينما أغلب أعضاء الحركة
المدنية من اليسار والناصريين الذين لا يتمتعون بشعبية حقيقية لدى عموم
المصريين".
وأشار إلى أنه "لا يوجد وجه من أوجه المقارنة بين
تيار الإسلام السياسي وبين الأحزاب اليسارية والقومية، خاصة أن الدين – سواء كان
الإسلامي أو المسيحي- له مكانة خاصة وكبيرة لدى عموم الشعب المصري، بل إن الدين له
تأثير ملموس على كافة أوجه حياتنا كمصريين، وذلك بغض النظر عن القمع والإقصاء الذي
تمارسه السلطة الحاكمة، وبالتالي فليست ممارسات السلطة
الحاكمة وحدها هي التي ساهمت في منع الحركة المدنية من الوصول للشارع والتواصل مع
الجماهير، وحالت دون ملئها للفراغ الذي تركته الإخوان".
اقرأ أيضا: حزب يساري مصري يعلن مقاطعة انتخابات "الشيوخ"
وأكد القيادي البارز بالحركة المدنية أن "السلطة القائمة
لديها حساسية مفرطة تجاه الجميع، والقمع والتضييق والحصار السياسي والمجتمعي لا
علاقة له بجماعة الإخوان فقط؛ فعدد كبير من المحبوسين ينتمون للقوى المدنية التي
يمكننا القول إنها كانت هي الحاكمة شكلا في أعقاب ثورة 30 حزيران/ يونيو".
وأردف: "تلك الحساسية الموجودة لدى النظام تتزايد
تجاه أي شخص يمكن أن يسبب لها إزعاجا أو قلقا ما، مع الإقرار بأن الإخوان ينالهم
النصيب الأكبر، لأن السلطة لا تريد أي إزعاج أو مناكفات بأي صورة من الصور؛ فهي
ترى أنها تفعل الصواب وتمتلك الحقيقة المطلقة، وبالتالي فلا ينبغي لأي أحد أن يتحدث
في أي شيء، ولا فرق بالنسبة لها سواء كنت مسيحيا أو ليبراليا أو إخوانيا أو حتى (جنا أزرق)؛ فالكل أمام السلطة سواء في ممارساتها، وبالتالي فالأمر لم يعد قاصرا على
الحركة المدنية أو غيرها، بل طال الجميع".
واستبعد تماما أن تمتلك الحركة المدنية إمكانيات تؤهلها للفوز
بثلث مقاعد البرلمان حال إجراء الانتخابات التشريعية بنزاهة وشفافية بعيدا عن
تدخلات النظام وأجهزته الأمنية. وقال: "لا أعتقد ذلك على الإطلاق، لأن
الحركة المدنية لا يمكنها الحصول على 20% من مقاعد البرلمان في الأجواء الطبيعية،
فلو كنّا بصدد برلمان به 500 مقعد - على سبيل المثال- فأقصى ما يمكن لها الفوز به
هو 50 مقعدا على الأكثر، وذلك إذا ما كانت الظروف الانتخابية مناسبة ومواتية
ومقبولة، وكانت هناك ضمانات وفرص متساوية، بل إن الحركة لو وصلت لهذا الرقم ستصبح
الحركة (بطلا سياسيا)".
"التنسيق مع الإخوان"
وحول إشكالية
الخلاف والرفض الدائم من قبل الحركة لفكرة التنسيق أو التعاون مع جماعة الإخوان
والإسلاميين بشكل عام، قال: "هذا أمر صعب جدا في الوقت الراهن، فالجميع يرى
المناخ والجو العام، خاصة أن اليسار والناصريين عموما، وحتى الليبراليين، ليست لديهم القدرة أو الرغبة أو الجرأة الآن كي
يتواصلوا مع الإخوان أو يتعاونوا معها بأي صورة، لأنه تم تصنيف الجماعة بأنها إرهابية،
ومحظور عليهم أي عمل سياسي، وبالتالي فكيف يمكن أن يكون هناك أي تحالف معهم من
الأساس".
واستطرد قائلا: "لا أعتقد أن شيئا كهذا قد يحدث على
الأقل خلال الفترة المقبلة، إلى أن تصبح الأجواء مهيئة وتكون هناك فرصة لإقرار قانون
العدالة الانتقالية والمصالحة الشاملة، إلا أن هذا الأمر حاليا سابق لأوانه، ولا
يوجد له أي أفق، ومن الصعب حدوثه ولن يتقبله أحد في الوقت الراهن".
اقرأ أيضا: ممدوح حمزة يكشف ملابسات تدشين "الحركة المدنية الديمقراطية"
يُذكر أن معظم بيانات الحركة المدنية في "المناسبات
الهامة" عادة ما تهاجم جماعة الإخوان، وتتهمها بالسعي إلى "هدم الدولة،
وتأسيس لدولة استبدادية رجعية"، وفق قولها، وتجدد تأكيدها برفضها ومقاطعتها،
والفصل الكامل بين الحركة والجماعة.
وبحسب
بيانها التأسيسي، أشارت الحركة إلى أنها "مفتوحة أمام كل المصريات والمصريين
بلا استثناء، إلا من تلوثت يدُه بدم أو فساد، ورموز أنظمة الاستبداد السياسي
والاستبداد الديني"، وهو الأمر الذي عبّر عنه لاحقا بعض مؤسسي الحركة من
بينهم المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي بالقول إن الحركة لن تضم ما وصفها بالقوى
المضادة للثورة، "وهم كل من ساهم في حكم مبارك وجماعة الإخوان، فهؤلاء ليسوا
شركاء لنا في هذه الجبهة ولا مدعوين للمشاركة فيها"، بحسب قوله.
وفي 14 كانون الأول/ ديسمبر 2017، أعلنت 8 أحزاب سياسية
و150 شخصية عامة في مصر تأسيس "الحركة المدنية الديمقراطية"؛ لمواجهة ما
سموه "تدهورا شديدا في الأوضاع بالبلاد، مع غياب شبه تام للعدالة
الاجتماعية"، داعين الشعب المصري إلى العمل معهم من أجل الخروج مما وصفوه
بـ"النفق الكارثي المظلم" الذي تسببت فيه سياسات وممارسات النظام.
وضمت وثيقة إعلان مبادئ الحركة 11 هدفا ومطلبا، كضرورة
لـ"فتح مجال العمل العام، وخلق حراك سياسي، ومواجهة تدهور اقتصادي وسياسي
وأمني في البلاد".
وكان الأكاديمي والمهندس الاستشاري، ممدوح حمزة، قد هاجم الحركة
المدنية في أعقاب تأسيسها، قائلا – في تصريحات خاصة لـ"عربي21"- إن
"معظم مَن تمت السيطرة الأمنية عليهم انضموا للحركة"، ملمحا إلى حدوث ما
وصفه بـ "السطو الأمني" على جهودهم التي كانوا يبذلونها لتشكيل معارضة حقيقية لصالح
الحركة المدنية.
وأكد
حمزة أنه "لن يكون لأي حركة معارضة يتم الإعلان عنها تأثير قوي وفعال في ظل
الظروف العصيبة التي تمر بها الدولة المصرية، لأنه ببساطة سرعان ما يتم اغتيال
المعارضين معنويا وسياسيا، فضلا عن احتمالية الوصول لدرجة الاغتيال الجسدي لو أراد
النظام".
حزب يساري مصري يعلن مقاطعة انتخابات "الشيوخ"
إخوان مصر: أيادينا ممدودة للجميع.. ولا اعتراف بالانقلاب
"إخوان مصر": مرسي سيبقى درة في جبين ثورة يناير