يلقي
يوم العمال، الذي يصادف الأول من شهر أيار/ مايو كل عام، الضوء على معاناة العمال
المصريين، وافتقارهم إلى أبسط حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، بالتزامن مع سلسلة
إجراءات اقتصادية قاسية بدعوى الإصلاح الاقتصادي، وعرض برامج حماية هشة ومؤقتة،
ومحاولة تهميش العمل النقابي المستقل. بحسب مراقبين.
ووافق
البرلمان المصري على قانون "المنظمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم
النقابي"، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، وسط اعتراض
النقابات المستقلة التي
اتهمت الحكومة بالعمل على تقييدها، ومحاولة احتواء الحركة العمالية داخل
اتحاد عمال مصر (الرسمي)؛ بهدف إحكام السيطرة عليها؛ لتجنب أي احتجاجات محتملة في
لحظة اقتصادية حرجة يتم فيها إنهاء منظومة الدعم.
وحظرت
حكومة
السيسي التعامل مع النقابات المستقلة في 2015، واعتبارها عناصر
"إثارية"، كما حظرت وزارة الداخلية في 2016 التعامل مع النقابات المستقلة
بكافة مسمياتها، ورفض اعتماد أختامها لاعتماد المهن ببطاقة الرقم القومي.
العمال دون حماية
واتهم رئيس
النقابة العامة للضرائب العقارية، طارق كعيب، الحكومة المصرية بتضييق الخناق على
عمال مصر، قائلا:" إذا كان موظف الدولة (القطاع العام) يسحق، فما بالك
بالعمال الذين لا تحميهم قوانين أو نقابات أو هيئات مستقلة"، محذرا من
أن "العامل أحد أطراف الإنتاج الثلاثة، العامل ورأس المال والآلات، مهدد
بالضياع".
وأضاف
لـ"
عربي21": "في يوم العمال، لا أعتقد بوجود أي إنجازات حققتها
الحكومة، فكل ما هنالك هو توفيق أوضاع النقابات وفق قانون النقابات الجديد، وأرى
أن هناك انحيازا واضحا للنقابات الحكومية بتوفيق أوضاعهم بأوراق مزورة، في حين يتم
استبعاد أوراق أعضاء النقابات المستقلة السليمة من أجل القضاء على الحركة العمالية
المستقلة في مصر".
وفي
ظل الإجراءات الاقتصادية القاسية المستمرة منذ عدة سنوات، أكد كعيب أن "ما
يحدث ليس إصلاحات إنما انتقامات، فأوضاع الطبقة العاملة في ظل إجراءات الحكومة
زادت سوءا. وبالنظر لقانون الخدمة المدنية، فقد جمدت رواتب الموظفين منذ 3 سنوات، في
ظل ارتفاع أسعار رهيب، انخفضت معه القوة الشرائية بنحو النصف"، متهما الحكومة
"بعدم توفير الحماية اللازمة للعمال، وأن ما تروج له برامج لم يغير من أوضاع
العمال، وكلها إجراءات شكلية"؟
القضاء
على حقوق العمال
نائب
رئيس نقابة القصر العيني الفرنساوي، عامر رشاد، أكد بدوره أن الحكومة لم توفر
للعمال ما يحمي حقوقهم، أو يوفر لهم الحد الأدنى من المعيشة الكريمة،
قائلا: "بالعكس، تم التنكيل بكل حقوقهم، وساهمت الإجراءات الاقتصادية،
التي غابت عنها العدالة الاجتماعية، في مضاعفة معاناتهم، وجاءت على حساب قوت يومه وعمله".
مضيفا
لـ"
عربي21" أن "العامل محروم من المعاش والتأمين الصحي والاجتماعي،
في المقابل زادت رواتب الوزراء والنواب أضعافا مضاعفة"، لافتا إلى أن
"كل ما تعلنه الدولة من إجراءات، مثل شهادة "أمان" للتأمين على
العمال، أو معاش "تكافل و"كرامة"، جميعها مسميات، ومجرد مسكنات
وقتية".
وكشف
أن "الدولة تحارب التنظيمات النقابية المستقلة من خلال أذرعها في مديريات
القوى العاملة، بالإيعاز لهم بعرقلة قبول أوراقنا لتوفيق أوضاعنا بناء على القانون
الجديد، رغم اعتراضنا عليه، في رسالة واضحة مفادها أن ليس أمامك خيار سوى الانضمام
للاتحاد العام للنقابات الحكومية لقبول أوراقكم"، محذرا من أنه "في عدم وجود
تنظيم نقابي حقيقي، ستظل أوضاع العمال في مصر في خطر وشقاء".
واتهم
رشاد الحكومة "بالسعي لتعزيز وضع الاتحاد الحكومي للنقابات؛ لأنه موال لها،
وهش، وليس لديه أي أهداف"، مشيرا إلى أن "المسألة ليست محاربة الدولة، إنما حماية حقوق العمال، وعرض مطالبهم بشفافية، وإلقاء الضوء على السلبيات، ومشاكل
العمال، ووضعها على طاولة المفاوضات أمامها".
نسف
قانون العمل
بدوره، قال الناشط العمالي، سيد حماد، لـ"
عربي21": "في عام 1976 صدر قانون
العمل الذي ينظم الحياة النقابية للعمال، ويجعلهم ينتخبون نقابة تمثلهم وتطالب
بحقوقهم، إلا أن العمال تحت نظام السيسي ُشرِدوا، وزادت البطالة، وأغلقت المصانع،
وتم الالتفاف على قانون العمل وتعديله في 2016؛ حتى يهيمن على النقابات
العمالية".
مشيرا
إلى أنه النظام "قام بحبس القيادات العمالية، كما حدث مع عمال الترسانة
البحرية (تابعة لوزارة الدفاع) في أيار/ مايو 2016، الذين تم حبسهم بتهمة التجمهر
والتحريض على الإضراب".
وأضاف:
"اليوم يكرم السيسي عددا من العمال ممن كانوا ينفقون على الدعاية الانتخابية
له، وترك العمال للجوع والمعاناة بعد الإجراءات الاقتصادية الأخيرة، ورفع الدعم، وتعويم الجنيه، متجاهلا الضرر الذي لحق بالعمال وأسرهم جراء هذه الإجراءات التقشفية، في مقابل زيادة مرتبات فئات أخرى".