نشرت صحيفة "دير شتاندارد" النمساوية تقريرا، تحدثت فيه عن تداعيات التفجير الأخير الذي استهدف الكنيسة البطرسية في
مصر، والذي أودى بحياة 24 قبطيا مصريا.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن هذا الهجوم يعد الأعنف منذ هجمات كنيسة الإسكندرية التي وقعت سنة 2011، مع ارتفاع عدد الهجمات التي تستهدف الكنائس المسيحية منذ سنة 2013، ما جعل ثقة أقباط مصر في الحكومة تتراجع بشكل كبير، حيث إنهم فقدوا الإحساس بالأمن، وأصبحوا يشككون في اهتمام الدولة بسلامتهم، ويتهمونها باعتبارهم أقلية لا قيمة لها في المجتمع المصري.
وتجدر الإشارة إلى أن تدخل الكنيسة القبطية في السياسة المصرية، من خلال مساندتها المطلقة للرئيس السابق حسني مبارك وحكومة عبد الفتاح
السيسي الحالية، أثار جدلا كبيرا داخل مصر وخارجها.
وأشارت الصحيفة إلى ردود الفعل تجاه الهجوم الذي استهدف الكنيسة البطرسية، التي تقع بجوار الكنيسة الكاتدرائية الكبرى في القاهرة. فقد عبر عدد من المنظمات الإسلامية عن تضامنها مع أقباط مصر، وأعلنت الحكومة الحداد لمدة ثلاثة أيام.
وأكدت الصحيفة أن
الأقباط المصريين عاشوا منذ هجمات الإسكندرية سنوات مريرة مليئة بالخوف من الإخوان المسلمين، خاصة بعد الهجمات العنيفة التي تعرض لها الأقباط بعد سقوط الرئيس المصري محمد مرسي، التي جاءت رد فعل على الحملة العنيفة التي قام بها الجيش المصري ضد أنصار مرسي بتاريخ 14 آب/ أغسطس 2013، حيث تم إحراق كنيسة كرداسة في اليوم ذاته، وعلى إثرها، أعرب الأقباط عن أملهم في العيش بحرية كمواطنين مصريين.
وبينت الصحيفة أن منظمة "هيومن رايتس ووتش" أدانت بشدة الهجمات التي تعرضت لها الكنائس المسيحية منذ سنة 2013، والتي بلغت قرابة 40 اعتداء، مشيرة إلى الحادثة التي تعرضت لها امرأة تبلغ من العمر 70 سنة، والتي تم جرها عارية من طرف مجموعة من الأشخاص في أواخر شهر أيار/ مايو الماضي، في قرية بجنوب محافظة منيا؛ لأن ابنها المسيحي كان على علاقة بامرأة مسلمة.
وأفادت الصحيفة بأن الانتقادات الموجهة للحكومة المصرية ازدادت بشكل ملحوظ، رغم تعتيم الإعلام المصري الموالي للنظام على هذه الانتقادات، حيث طالب الأقباط باستقالة الحكومة، كما أن عددا من المتظاهرين نادوا في الشوارع المصرية بسقوط النظام بعد التفجير الأخير.
وأكدت الصحيفة أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، باعتبارها الممثلة الوحيدة للأقباط، تعدّ من أشد الموالين للنظام، سواء في عهد مبارك أو في عهد السيسي، حيث قام ممثلو الكنائس بتنظيم مسيرات في نيويورك مساندة للسيسي بعد الخطاب الذي ألقاه خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر 2016. في حين طالب عشرات الأقباط المسيحيين الكنيسة القبطية بالابتعاد عن المشهد السياسي المصري.
وأكدت الصحيفة أن الأقباط لا يشعرون بالأمان، ويعتبرون أنفسهم أقلية لا قيمة لها، على الرغم من أن الدستور المصري الجديد نص على منح المسيحيين الحق في بناء الكنائس، متعهدا بحمايتها. وقد قبلت الكنائس القبطية والكاثوليكية والإنجيلية بالقانون على مضض، لكنها اعتبرته خطوة جيدة لصالحها.
وفي الختام، بينت الصحيفة أن الاشتباكات الأخيرة التي وقعت بين الأقباط والمسلمين في مصر ساهمت في مزيد من توتر الأوضاع، حيث تم في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر إضرام النار في عدد من المنازل المسيحية بالنغاميش في صعيد مصر.