يربط محللون أردنيون بين مشروع القانون
الإسرائيلي الذي يحظر رفع الأذان في مساجد
القدس، وبين قرار منظمة اليونسكو في 18 تشرين الأول/ أكتوبر؛ الذي أكد على عدم وجود ارتباط ديني لليهود بالمسجد الأقصى وحائط البراق، باعتبار هذه المواقع "تراثا إسلاميا" خالصا.
وينص مشروع القانون الإسرائيلي المعروض على الكنيست بعد إقراره من الحكومة؛ على حظر رفع الأذان عبر مكبرات صوت المساجد في القدس وفلسطين 1948، ويعاقب على مخالفة الحظر بفرض غرامة مالية.
وفي هذا السياق، قال الباحث الأردني في الشؤون الاستراتيجية، عامر السبايلة، إن مشروع القانون الإسرائيلي يشكل "تصعيدا إسرائيلا بعد قرار اليونسكو، بهدف إلغاء الهوية الدينية الإسلامية في القدس".
وأضاف لـ"
عربي21": "التصعيد الإسرائيلي في القدس مرتبط ببرنامج يتفق مع رؤية الإدارة الأمريكية المستقبلية بعد فوز (دونالد) ترامب، وهو برنامج يقوم على أساس أن إسرائيل هي التي تملك وجهة النظر في النهاية بالمنطقة، ولا يستطيع أحد.. أو يملك أي أوراق لمنازعتها، ما قد يجلب تصعيدا سياسيا إسرائيليا ضد
الاردن".
وبحسب السبايلة، فإن "إسرائيل"، من خلال مشروع حظر الأذان، ترسل رسائل بأن هنالك توافقا من القوتين العظميين في العالم (روسيا وأمريكا) في موضوع يهودية القدس، خصوصا بعد أن استهل رئيس الوزراء الروسي، ديمتري ميدفيديف، زيارته لإسرائيل في بداية تشرين الثاني/ نوفمبر بجولة عند حائط البراق عند منتصف الليل.
"الأذان من أسطح المنازل"
وأكد مدير شؤون الأقصى في وزارة الأوقاف الأردنية، عبد الله العبادي، رفضه لمشروع الاحتلال بحظر الأذان في القدس؛ التي تخضع المقدسات فيها للوصاية الأردنية حسب اتفاقية وادي عربة.
وقال العبادي لـ"
عربي21": "هذا القرار لا يمكن تطبيقه ولا ننصاع له؛ لأنه لا يجوز للسلطة القائمة بالاحتلال تغيير الوضع التاريخي الدائم للقدس، وهذا مخالف لاتفاقية السلام مع الأردن، ومخالف للقوانين والشرائع الدولية، كون الأذان شعيرة من شعائر الإسلام، ونحن لن نتوقف عن هذا، وإذا أوقفونا بقوة السلاح - لا قدر الله - سيقوم كل أطفال وأبناء وبنات ورجال ونساء القدس مع الأوقاف الإسلامية برفع الأذان من على أسطح المنازل".
وتنص معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، الموقعة في وادي عربة عام 1994، في المادة التاسعة؛ على "حق الأردن في الوصاية على القدس، وأن يمنح كل طرف للطرف الآخر حرية الوصول للأماكن ذات الأهمية الدينية والتاريخية بما يتماشى مع إعلان واشنطن، على أن تحترم إسرائيل الدور الحالي الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس، وعند انعقاد مفاوضات الوضع النهائي ستعطي إسرائيل أولوية كبرى للدور الأردني التاريخي في هذه الأماكن".
أوراق الأردن للضغط على "إسرائيل"
ولا يرى السبايلة أن هناك الكثير من الأوراق التي تمكن الأردن من الضغط على "إسرائيل" لوقف مشروع حظر الأذان، وقال: "أرسل نتنياهو رسالة سياسية عند استقباله الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا في القدس في تشرين الثاني/ نوفمبر، قال فيها: لم يعد السلام مع
الفلسطينيين شرطا للسلام مع العرب، بل صار السلام مع العرب سبيلا للسلام مع الفلسطينيين".
ويوضح السبايلة أن موضوع السلام أصبح ينظر له من منظار "تسوية إقليمية؛ أهم من الملف الفلسطيني، أو من الدول التي وقعت معاهدة سلام مع إسرائيل وتخجل من هذه العلاقة، كالأردن ومصر".
أما بخصوص اتفاقية الغاز، وإمكانية استخدامها كورقة ضغط أردنية على "إسرائيل"، يقول السبايلة إن "الأردن موقع الاتفاقية مع شركة أمريكية، وستترتب عليها عقوبات جزائية في حال مخالفتها لبنود الاتفاقية" الملزمة.
مبادرة لجمع التبرعات لمساجد القدس
شعبيا، قامت شخصيات أردنية، إعلامية وسياسية، بإطلاق مبادرة لجمع التبرعات للمساجد التي تتعرض للغرامة بسبب رفعها للأذان داخل فلسطين المحتلة. وتبنى المبادرة الصحفي الأردني عمر كلاب؛ الذي أكد لـ"
عربي21" أن اللجنة مكونة من شخصيات حزبية وسياسية ستشكل قريبا لغاية استلام التبرعات، وستشرف هذه اللجنة على المبادرة التي تهدف إلى دعم صمود أهل القدس".
وتعود الأصول التاريخية لسيادة الأردن على المقدسات في القدس لعام 1924، عندما بويع الشريف حسين مطلق الثورة العربية الكبرى وصيا على القدس، مرورا بسيادة الأردن على القدس الشرقية بين عامي 1948 و1967. وحتى بعد فك الارتباط مع الضفة الغربية عام 1988، فإن الأردن لم يتخل عن السيادة على المقدسات.