يشير تواصل
العمليات ضد جنود الاحتلال
الإسرائيلي في
الضفة الغربية المحتلة، لا سيما مع دخول عناصر الأمن
الفلسطيني على خط العمليات، إلى فشل الجهود الأمنية التي تبذلها السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" في وقف أو إجهاض الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، بحسب محللين أمنيين وسياسيين.
وتمكن الضابط في جهاز الشرطة الفلسطيني، محمد عبد الخالق تركمان (25 عاما)، وهو من جنين بالضفة، من إصابة ثلاثة جنود إسرائيليين بعد أن فتح النار من سلاحه الرشاش عليهم أمس الاثنين، بالقرب من مستوطنة "بيت إيل"، قبل أن يُقتل على يد قوات الاحتلال.
وسبقت عملية تركمان بيوم فقط؛ عملية دهس نفذها خالد أحمد عليان إخليل (23 عاما) من بلدة "بيت أمر" بالخليل، حيث أصيب ثلاثة ضباط من جيش الاحتلال شمالي مدينة الخليل المحتلة، ليُقتل هو الآخر.
وباركت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، على لسان الناطق باسمها حازم قاسم، هذه العملية التي وصفتها بـ"البطولية"، وقالت إنها "حلقة في سلسلة من العمليات الفدائية المستمرة التي ينفذها الشباب الرافض للاحتلال"، وفق تقديره.
واعتبر قاسم، في حديث لـ"
عربي21" أن "هذه العمليات أظهرت فشل الاحتلال في محاولته إيقاف الانتفاضة"، ورأى أن العملية الأخيرة "تثبت أن سعي السلطة لإجهاض الانتفاضة عبر الاعتقال والتنسيق الأمني؛ لم يفلح".
تغول الاحتلال
من جانبه، أكد الخبير الأمني إبراهيم حبيب؛ أن هناك "الكثير من أبناء الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة؛ ممن لديهم حس وطني، لا يقبلون حالة الذل التي تمارسها السلطة الفلسطينية تجاه الاحتلال الإسرائيلي وما يرتكبه من جرائم بحق الشعب الفلسطيني"، كما قال.
وأضاف حبيب لـ"
عربي21": "يشاهد رجل الأمن حالة الإذلال التي يتعرض لها المواطن الفلسطيني على يد جنود الاحتلال، في الوقت الذي يفرض عليه الواجب أن يحمي أبناء شعبه من تنكيل وتغول قوات الاحتلال عليهم ليل نهار، وهو ما يدفع بعضهم لاتخاذ قرار بتنفيذ عملية فدائية ردعا للاحتلال وحفاظا على كرامته وكرامة أبناء شعبه".
وحول الدلالة الأمنية والعسكرية لتلك العملية، أوضح حبيب أن العملية "تدق ناقوس الخطر لدى قادة الأجهزة الأمنية وقيادة السلطة التي تسعى لتحويل أبناء الأجهزة الأمنية إلى أفراد يسمعون ويطيعون، دون أن يكون لكرامتهم وآرائهم أي اعتبار"، مذكّرا بما حدث مع المقدم أسامة منصور، مسؤول العلاقات العامة في جهاز "الارتباط العسكري"، الذي رفض مشاركة رئيس السلطة محمود عباس في جنازة شمعون بيريز؛ لتتم محاكمته ويحال للتقاعد.
وتوقع حبيب أن تشرع الأجهزة الأمنية بـ"حملة استخبارتية داخلية لتحديد ومعرفة الأفراد ذوي التوجهات الوطنية"، ورأى أن ما حدث "مؤشر على انهيار منظومة الفلسطيني الجديد؛ الذي حاول كيث دايتون أن يبنيها على مدى أكثر من ثماني سنوات".
"صفعة أمنية"
وتولى الجنرال الأمريكي دايتون مهمة التنسيق الأمني بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية عام 2005، وتركزت مهمته المعلنة، خاصة بعد فوز حركة حماس في انتخابات 2006، على تدريب القوات الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة، على السيطرة وبسط الأمن في مناطق السلطة الفلسطينية.
من جانبه، رأى المحلل السياسي حمزة أبوشنب، أن العملية مثلت "صفعة أمنية للاحتلال؛ لأن منفذها يقع خارج الشرائح الخاضعة للمراقبة الأمنية"، مؤكدا أن "جمع الكل الفلسطيني ووحدته يمر عبر خيار مقاومة الاحتلال بالسلاح أولا، إضافة لمواجهته بكافة الطرق والأدوات".
وقال لـ"
عربي21"، إن عملية إطلاق النار الأخيرة "ستزيد من قلق أجهزة العدو الأمنية والعسكرية المتعددة، وذلك لاتساع وتنوع شريحة المشاركين في أعمال الانتفاضة"، مرجحا أن تساهم العملية في "تشجيع المزيد من رجال الأجهزة الأمنية الفلسطينية على تنفيذ عمليات نوعية تستهدف عناصر الاحتلال".
ولفت أبوشنب إلى أن الرسالة السياسية التي تحملها العملية، هي"رفض مسار التسوية الذي يؤمن به الرئيس عباس"، مؤكدا وجود "بعض المعتقلين لدى السلطة من أفراد الأجهزة الأمنية؛ ممن ساعدوا أو شاركوا في التخطيط لتنفيذ عمليات ضد جنود الاحتلال"، وفق قوله.
وكان مدير جهاز المخابرات الفلسطيني بالضفة، ماجد فرج، قد كشف في وقت سابق؛ أن جهازه تمكن من إحباط 200 عملية كان ينوي تنفيذها فلسطينيون ضد أهداف إسرائيلية.
يذكر أن عملية الاثنين هي الثانية التي ينفذها أحد أفراد الأجهزة الأمنية، حيث نجح الرقيب الأول أمجد جاسر سكري (34 عاما) من سكان نابلس، في نهاية كانون الثاني/ يناير 2016، من إصابة ثلاثة جنود إسرائيليين بعد أن فتح النار عليهم عند حاجز إسرائيلي شمال رام الله، قبل أن يقتله جنود الاحتلال.