كان من المفترض أن يسلم
مصباح أبو صبيح نفسه للاحتلال صباح الأحد؛ لتنفيذ حكم صادر بحقه بالحبس لمدة أربعة أشهر، إلا أنه فضّل أن ينفذ عملية ضد جنود الاختلال، أطلق خلالها النار على عدد من
الإسرائيليين، فقتل اثنين منهم، وأصاب ستة آخرين.
ووصف الخبير العسكري
الفلسطيني، اللواء واصف عريقات، العملية بأنها "نوعية ومزلزلة"، مؤكدا أنها تدل على "فشل أمني واستخباري بامتياز أصاب إسرائيل، في الوقت الذي شهدت فيه مدينة القدس استنفارا وانتشار أمنيا وعسكريا واستخباريا واسعا لقوات
الاحتلال، إلى جانب التشديد على حركة الفلسطينيين".
العقل الفلسطيني يفكر
وقال عريقات لـ"
عربي21" إن "كل الإجراءات الأمنية الإسرائيلية مجتمعة؛ تعني أنه لا يمكن لإسرائيل بكافة أجهزتها المختلفة أن تمنع تنفيذ عملية من هذا النوع"، معتبرا أن الإجراءات والانتهاكات الإسرائيلية اليومية "هي أكبر محفز لتنفيذ هذه العلميات".
وأضاف أن "إسرائيل" بكل ما لديها من تقدم عسكري وأمني وتكنولوجي "لا يمكن لها أن تقرأ ما يدور في العقل الفلسطيني، وبماذا يفكر ويخطط"، لافتا إلى أنه "ما دام هناك احتلال يستنبط وسائل عذاب وعقاب للشعب الفلسطيني، فهناك فلسطيني يستنبط كل وسائل الدفاع عن نفسه وشعبه؛ مهما بلغت التضحيات".
وأشار إلى أن "كل فلسطيني معرّض للإهانة من قبل الإسرائيليين؛ هو نفسه قادر على اتخاذ القرار للدفاع عن نفسه، والتصدي للاحتلال"، وقال إن "العمليات الفردية هي من أصعب العمليات على أجهزة الاستخبارات أيا كانت قدراتها؛ سواء من ناحية صعوبة كشفها قبل وقوعها، أم عند تنفيذها".
وشدد عريقات على أن "على إسرائيل أن تدرك أن الجرائم التي ترتكبها بحق الفلسطينيين لن تدوم، وأن عليها أن تقر بالحقوق الفلسطينية، وتدرك جيدا أنه لا أمن ولا استقرار في المنطقة إلا بزوال الاحتلال".
اقرأ أيضا: مصرع مستوطنين اثنين وإصابة ستة في عملية القدس
دلالات متعددة
من جانبه؛ قال الخبير في الشأن الاسرائيلي، عدنان أبو عامر، إن "عملية أبو صبيح لها دلالات متعددة على صعيد المكان والزمان وأسلوب التنفيذ"، مشيرا إلى أنها "نفذت في الذكرى السنوية الأولى لاندلاع انتفاضة القدس (الانتفاضة الثالثة)، التي بدأت عامها الأول بعملية في القدس، وها هي تفتتح عامها الثاني بعملية نوعية في قلب المدينة المقدسة".
وبيّن أن "دلالة الزمان تتمثل في وقوعها بعد أسابيع من الهدوء الذي أصاب الانتفاضة، ما دفع الاحتلال للزعم بأنه تمكن من كبح جماحها وردعها ووقفها"، مضيفا أن "دلالة الأسلوب تتمثل في استخدام سلاح رشاش من نوع (إم-16)، وهذا هو الاستخدام الأول لهذا السلاح في انتفاضة القدس".
وأضاف أبو عامر لـ"
عربي21" أن "كل هذه الدلالات تعطينا تقديرا بأننا أمام مرحلة جديدة للانتفاضة؛ قد تتسبب في حدوث ردات فعل إسرائيلية داخلية، وإعلان ضمني عن فشل كل الإجراءات الإسرائيلية لمنع استمرار هذه الانتفاضة".
واعتبر أنه "من الملفت أن منفذ العملية كان قد كتب على حسابه في فيسبوك قبل ساعات من الهجوم؛ ما يؤكد أنه يحن للمسجد الأقصى، ويريد أن يضحي بدمه من أجل حمايته والدفاع عنه"، وهو ما يشي بنيته تنفيذ عمل ما، في ظل متابعة ومراقبة إسرائيلية لكل ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتابع: "كل ما تمتلكه إسرائيل من إمكانات متنوعة ومتقدمة؛ لا يمكّنها من الدخول للعقل الجمعي الفلسطيني، أو الوعي الشخصي لكل شاب، ما يؤكد فشلها في التعرف على كلمة السر الخاصة به، ويجعلها في حالة إرباك وفشل حقيقي، وعدم قدرة على الإحاطة بكل ما لدى الفلسطينيين من أفكار ومخططات تجاه الاحتلال وجنوده".
وقال أبو عامر إن "كافة التقنيات والتكنولوجيا الإسرائيلية المتقدمة، والتعاون مع إدارة موقع فيسبوك، والرقابة الأمنية المحكمة؛ كلها لم تستطع أن تلاحق الفلسطينيين؛ ليتمكن هذا الشاب المطلوب للقوات الإسرائيلية من أن ينجو بنفسه، وينفذ عمليته في القدس؛ على مقربة من مواقع عسكرية وسياسية إسرائيلية حساسة".
اقرأ أيضا: هل أصبحت إسرائيل "حارسة البوابة" لموقع فيسبوك؟