بالرغم من الاعتقاد السائد بين
الفلسطينيين بأن الإدارات الأمريكية المتوالية لم تتخل عن سياساتها الداعمة لإسرائيل على حساب الفلسطينيين، إلا أن معلقين حذروا من تداعيات تنفيذ الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد
ترامب؛ تعهده بنقل سفارة بلاده إلى مدينة
القدس المحتلة.
وأشارت نتائج فرز الأصوات شبه النهائية في انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2016، إلى فوز ترامب على المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.
طرفا الصراع
وأكد المحلل السياسي الفلسطيني عبد الستار قاسم، أن سياسة الرئيس الجديد تجاه القضية الفلسطينية ستكون "سلبية؛ لأن ترامب، كما كلينتون، لم يجعلا من القضية الفلسطينية موضوعا انتخابيا، في الوقت الذي جعلا فيه من
إسرائيل موضوعا انتخابيا".
وأوضح لـ"
عربي21" أن "رؤية ترامب تشير إلى عدم تدخل إدارته في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأنه يجب حل المشاكل فيما بينهما بواسطة المفاوضات الثنائية المباشرة واعتراف الفلسطينيين بيهودية دولة الاحتلال"، مضيفا: "ترامب لن يضغط على أي طرف وسيترك الأمور بين طرفي الصراع، بمعنى ترك الفلسطينيين لمواجهة الجبروت العسكري الإسرائيلي وحدهم"، وفق قوله.
ونوه قاسم إلى أن السلطة الفلسطينية التي "كانت تأمل أن تمارس الإدارة الأمريكية السابقة الضغط بعض الشيء على إسرائيل. هذا البعض اختفى ولن يكون له وجود".
من جانبه، أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، مخيمر أبو سعدة، أنه على "مدار السبعين عاما الماضية، تعاملنا كفلسطينيين مع إدارات أمريكية مختلفة، جمهورية وديمقراطية، ولم نشاهد سوى التسابق نحو دعم إسرائيل".
وسيط نزيه
وأكد لـ"
عربي21" أن "كل رئيس أمريكي جديد يأتي للبيت الأبيض يكون أكثر تأييدا للاحتلال الإسرائيلي، وبارك أوباما مثال على ذلك"، لافتا إلى صفقة الدعم الأمريكي لـ"إسرائيل" التي بلغت قيمتها 38 مليار دولار، خلال السنوات العشر القادمة.
وأضاف أبو سعدة: "نتيجة للسياسة الأمريكية المتحيزة لإسرائيل، فقدت أمريكا مصداقيتها أمام الشعب الفلسطيني كوسيط نزيه في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي"، محذرا من أن تنفيذ ترامب لتعهده بنقل سفارة بلادة إلى القدس "سيؤجج مشاعر المسلمين في العالم، وسيؤدي إلى المزيد من عدم الاستقرار والعنف في المنطقة"، وفق تقديره.
وتوقع أبو سعدة أن الإدارة الأمريكية القادمة برئاسة ترامب "ستكون مهتمة أكثر بمشاكلها الداخلية، ومواجهة السياسات الروسية والصينية على مستوى العالم"، منوها إلى أن "القناعة الأمريكية المتراكمة منذ الرئيس الأسبق بيل كلينتون، تشير إلى عدم إمكانية حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي التاريخي".
وقال: "لا أعتقد أن الإدارة الأمريكية القادمة سوف تستثمر كثيرا في محاولة إنهاء الصراع أو إعادة إحياء المفاوضات من جديد"، علما بأن المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي متوقفة منذ سنوات.
نقل السفارة
وأعلن ترامب خلال لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في 25 أيلول/ سبتمبر الماضي، نيته نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة، حال فوزه بالرئاسة.
وحذر رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، الشيخ عكرمة صبري، من خطورة تنفيذ المرشح الجمهوري "المدعو" دونالد ترامب لتعهده بنقل السفارة.
وأكد في تصريح لـ"
عربي21"، أن تعهد ترامب خلال حملته الانتخابية، بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة حال فوزه بالرئاسة، "يتعارض مع قرارات الأمم المتحدة والقرارات الدولية التي تعتبر أن مدينة القدس هي مدينة محتلة، كما لا يحق للاحتلال أن يفعل ذلك".
وأضاف صبري: "إن نقل السفارة هو اعتراف أمريكي بأن مدينة القدس هي مدينة إسرائيلية وليست محتلة"، معتبرا أن "نقل السفارة يعني أن أمريكا برئاسة المدعو ترامب حسمت موضوع مدينة القدس لصالح إسرائيل، وعليه فهي لن تخضع لمفاوضات الحل النهائي (حال انطلاقها) التي ترعاها أمريكا بين الفلسطينيين والإسرائيليين"، كما قال.
وأشار صبري إلى أن "الحرب الأمريكية على الفلسطينيين لم تتوقف؛ لأن الموقف الأمريكي المعادي للفلسطينيين معلن من خلال مجلس الأمن، حينما تستخدم أمريكا حق النقض الفيتو ضد القرارات التي تصب في صالح فلسطين والفلسطينيين".
ونوه رئيس الهيئة الإسلامية العليا إلى أن "الموقف الأمريكي كان ولا زال ضد العرب والمسلمين بشكل عام"، مشيرا إلى أن "الخلافات العربية والإسلامية هي التي تجعل الحكام يخضعون لأوامر أمريكا؛ وهذا أمر مؤلم ومؤسف"، وفق تعبيره.
من جانبها، علقت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"؛ على نتائج الانتخابات الأمريكية بالقول: "ما زالت معاناة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة مستمرة بسبب سياسة الانحياز من الإدارات الأمريكية المتعاقبة لمصلحة الاحتلال الصهيوني".
وأضافت الحركة في بيان وصلت "
عربي21" نسخة منه: "إننا ندعو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ إلى إعادة تقييم هذه السياسة والعمل على إنصاف الشعب الفلسطيني".