عزيزي مؤيد الشرعية، هل عبارة ( جهادنا أقوى بالرصاص ) ستدغدغ مشاعرك و تجعلك تتهافت على المكتوب؟
ولكن تأكد إن كان هذا العنوان يدغدغ مشاعرك فهو يستثير مشاعر السيسي و يلهبها أيضا أكثر منك آلاف المرات، لدرجة أن أحد الخبراء العسكريين قال لي حرفيا ( لو الإخوان عايزين يشيلوا سلاح من بكره السيسي يجيبهولهم )، لقد باع بشار السلاح الذي ثمنه ألف دولار إلى الثوار بمائة دولار فقط بل ووضع السلاح أمام بيوتهم بعد أن ملأ السجون بشيوخ السلمية، وفتح السجون للشيوخ المتشددين حتى ينتشروا في الأرض و يأججوا المشاعر ويدفعهم للحرب، كما حاول السيسي تقليده بقتل شيخ التسامح والعقل والوسطية عصام دربالة.
وأنا هنا لست بصدد مناقشتك لا دينيا و لا لوجيستيا و لا أي شيء غير نقاش أخلاقي، (ولا أخفي على أحد أنني لم أر في حياتي الدكتور محمد بديع، ولم أهاتفه، ولكن هذا الرجل ترك مقولة كالذهب سيذكرها التاريخ والإخوان بعد سقوط الانقلاب كما يتذكر الآن ما قاله حسن البنا وسيد قطب).
وبالعودة لنقاشنا الأخلاقي حول السلمية والسلاح، هل يجوز لأحد وهو جالس في الاستديوهات أن يدعوك لحمل السلاح؟ وإن كان يحق له أن يدعوك من خلال لقاءات أو مقالات أو غيرها لحمل السلاح، فلماذا لم يحمل هو السلاح وهو موجود بمصر قبل أن يغادرها؟
ولماذا لا يعود إلى
مصر ليكون هو أول حامل للسلاح و في أول صف ؟ و لا ينسى و هو عائد إلى مصر تدبير الملايين من الدولارات طبعا التي سيوفرها ليشتري أسلحة لأن الأهم من البداية هو الاستمرار، لقد كنت في رابعة و النهضة و كنت في مسيرات أكتوبر إلى خروجي من مصر؛ لذا لا أرى غضاضة من المظاهرات السلمية التي كنت أشارك فيها إلى تاريخ 15 نوفمبر 2013 و بعد أن خرجت من مصر وزادت وتيرة القتل في المظاهرات السلمية من قبل السيسي فتراجعت نغمتي في دعوة الناس إلى النزول، و أصبحت لهجتي فقط لتحية و تشجيع من ينزل، فلا يجوز لي أن أكون آمن شخصيا و أدعو الناس إلى النزول، لذا هاجمت جدا دعوة دكتور جمال عبد الستار في 25 يناير 2015 حينما قال ( انزلوا 25 يناير إما العيش أحرار أو الموت شهداء ) لقد رأيت في تلك المقولة تحميل للناس أكثر مما يحتملونه، وحزنت جدا و لازلت أقول إن الحراك رغم ضعفه و عدم قدرته على إسقاط السيسي، و لكنه ناجح إلى جعل نظام السيسي غير مستقر اقتصاديا و لا أمنيا.
وبالعودة إلى دعوات العنف و السلمية، إن الثورات المسلحة رأيناها جميعا على مر التاريخ الحديث ، فكم أوقعت في سوريا وكم أوقعت في اليمن و كم أوقعت في ليبيا، أما هؤلاء الذين يدعون للحرب والعنف فأقول لهم إن كل أزمة تقع في حياة الإنسان عليه أن يحسب كيفية إنهاء الأزمة و لكن بأقل الخسائر و قد يجعل الأزمة مستمرة في حياته لأنه لا يستطيع تحمل تكاليف الأزمة لذا بالقياس وجب على السياسي و هو في طريقه للبحث عن حل الأزمات أن يحسب الخسائر , و بحساب الثورات والمكسب و الخسارة فإن ثورتنا إلى الأن بعد 3000 شهيد و 45 ألف معتقل لم تصل إلى 1% مما وصل لهم السوريون، حيث تجاوز القتلى في سوريا 300 ألف شهيد و 4 مليون لاجئ سوري و هذه أعداد في بلد عدد سكانه يمثل 25% من سكان مصر، فما بالك في بلد كمصر عدد سكانها 95 مليون يعيشون على 6% من مساحة مصر.
عزيزي الباحث عن دور، لقد تخطت الثورة المصرية حاجز الزمن في أن تصبح ثورة مسلحة، وأصبحت السلمية الخيار الوحيد تكتيكيا واستراتيجيا، أما السلمية المبدعة فهي المطلوب و الدفاع الشرعي عن النفس الذي كفله القانون هو واجب وحق لكل مواطن، صدقونا لا يوجد أسهل من دغدغة مشاعر الناس واختيار مصطلحات وجمل تريحهم، و لكن ما أصعب أن تقول الحقيقة في وقت الاستقطاب.