ما أن ينبلج الصباح على مدينة الرمادي، مركز محافظة
الأنبار، معلنا بداية يوم جديد، حتى تستعد أم سليمان لتهيئ نفسها للخروج والبحث عن
الحطب في البساتين القريبة، لتستخدمه فيما بعد بطهي الطعام وتحضير الخبز لعائلتها.
لا تمتلك أم سليمان سوى هذه الطريقة البدائية للحصول على الدفء، بعد أن اختفت أصوات الباعة الجوالين المنادين "
غاز.. غاز، وشحت هذا المادة من معظم محطات التوزيع وارتفاع أسعارها، بسبب الأزمة الأمنية التي تشهدها المحافظة منذ أشهر.
تقول أم سيلمان لـ"عربي 21": "بعد أن شح الغاز السائل في الرمادي ومن جميع المدن الأخرى، فوجئنا بارتفاع أسعار الأسطوانات، حيث وصل سعر الأسطوانة الواحدة بين 80 ألفا و50 ألف دينار عراقي، ووصل السعر في بعض المناطق إلى 100 ألف دينار عراقي، ويصعب علينا وعلى بقية العائلات شرائها ما دفعني إلى جمع الحطب وتحويله إلى
فحم لطهي الطعام عوضا عن الغاز".
وتضيف: "أستيقظ من ساعات الصباح الباكر، وأحمل بيدي فأسا لتقطيع الحطب من البساتين القريبة، وهذا يسبب لي إرهاقا جسديا يضاف إلى همومي اليومية. ولا أعرف ماذا أقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل، في بلد الغاز والنفط والفسفور والزئبق نطهو طعاما على الحطب".
وهذه أيضا حال أم فؤاد التي تتبع نفس الطريقة في طهي الطعام، لأنها لا تجد بديلا عن الغاز السائل سوى هذه الطريقة البدائية المضرة بالصحة والبيئة، تقول: "اضطررت بسبب نفاذ الغاز من بيتي للاستعانة بالفحم لإعداد وجبات الطعام التي نتناولها في أغلب الأحيان باردة بدون تسخين"، معربة عن تخوفها من استمرار أزمة شح الغاز لأشهر إضافية.
ويعزو أصحاب بعض معامل إنتاج الغاز في مركز الرمادي أسباب شح الغاز إلى عدم إمداد وزارة النفط
العراقية أغلب معامل محافظة الأنبار بالغاز السائل منذ عدة شهور، متذرعة بالعمليات العسكرية التي تشهدها المحافظة.
من جانبه، يقول أبو غازي، وهو من سكان حي البكر المدمر، إنه بالرغم من وقوفه في طوابير طويلة ولعدة أيام للحصول على أسطوانة غاز واحدة، إلا أنه لم يتمكن من ذلك بسبب انعدام وجود الغاز في المدينة.
وبيّن أبو غازي أن أسطوانة الغاز صارت نادرة وقفزت أسعارها إلى الضعف في السوق السوداء، مشيرا إلى أنه لا يقوى على شرائها، ما دفعه إلى الاتكال على أدوات الطهي البدائية القديمة، مثل جمع الحطب وتحويله في ما بعد إلى فحم، الأمر كذلك ما زال سيد الموقف أيام الشدائد وفترات الحرمان رغم مساوئه.
وكانت وزارة النفط العراقية قد أعلنت في وقت سابق عن توقف مصفى بيجي في محافظة صلاح الدين عن العمل بسبب العمليات الأمنية الجارية، والتي كان لها تأثير سلبي على عدم توفير المشتقات النفطية للمحافظات الغربية.
يشار إلى أن محافظة الأنبار تعاني من أزمة خانقة في توفر أغلب المشتقات النفطية الأساسية، فبالإضافة إلى شح الغاز هناك أزمة
الوقود، حيث تعد هذه الأزمة الأصعب على المحافظة منذ سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على 80 في المئة منها، وسيطرته أيضا على أهم الحقول والمصافي النفطية في شمال العراق.