بعد يومين من
الانتخابات الرئاسية التي أجراها النظام السوري في المناطق التي يسيطر عليها في
سورية؛ تتبدى علامات القلق على وجوه أولئك الذين قاطعوا التصويت ومن خلت أصابعهم من
الحبر الفوسفوري الذي يشهد على أنهم أدوا دورهم في "انتصار" بشار الأسد.
وكانت اللجنة التي شكلها النظام السوري للانتخابات قد أعلنت ان الأسد قد فاز بنحو 88.7 في المئة من الأصوات، لكن عمليات حسابية أشارت إلى الخطأ الذي وقع فيه النظام السوري في هذه النسبة، لأن الأسد بموجب الأرقام المعلنة للمصوتين يفترض أنه حصل على 92 في المئة، وهو ما اعتبر مدخلا للتشكيك في صحة الأرقام التي أعلنها النظام، بما في ذلك نسبة المشاركين في التصويت التي قال نظام الأسد إنها بلغت 73 في المئة.
وفي محاولة للتحريض على الذين امتنعوا عن المشاركة في هذه الانتخابات، وقال مذيع في برنامج إذاعي محلي الخميس: "دعونا نرى من منا لم يغمس إصبعه في الحبر" في مزحة تلعب على وتر الخوف من أن أولئك الذين لم يشاركوا في الانتخابات قد يواجهون عواقب وخيمة.
وفي يوم الاقتراع حاول البعض العثور على بديل للحبر المستخدم في مراكز الاقتراع. وتساءل شاب لم يرد المشاركة في التصويت لكنه يخشى الاعتقال لمقاطعته الانتخابات قائلا: "هل يمكننا استخدام حبر عادي من متجر للأدوات الكتابية؟".
وأضاف لوكالة رويترز: "هل يمكن أن يوقفوني عند نقاط التفتيش ويطلبون أوراق خدمتي بالجيش" مشيرا إلى خدمته العسكرية الالزامية والتي تأجلت لعدم اجتيازه العام النهائي في دراسته الجامعية.
وقال مواطن دمشقي آخر يعمل في ناد صحي انه لزم منزله مع زوجته لمدة 48 ساعة خشية معاقبته على عدم التصويت. وأضاف: "لا أعرف إذا كان لا بد من الذهاب إلى العمل في وقت لاحق اليوم. ماذا لو كانوا جميعا قد شاركوا في الانتخابات وغمسوا أصابعهم في الحبر وسألوني لماذا لم أفعل مثلهم؟".
وتابع أنه عندما اتصل به أفراد من أسرته وأصدقاء له يوم الانتخابات لسؤاله عما إذا كان قد أدلى بصوته كذب عليهم وقال إنه شارك بالفعل.
وقال: "لا أريد أي صداع وخاصة في الهاتف. من يعرفون مدى معارضتي للأسد يعرفون أنني لم أشارك في التصويت وأولئك الذين لا يعرفون يمكنهم الاحتفاظ بأوهامهم".
وأضاف: "أنا لا أستطيع أن أفعل أي شيء لمسلحي المعارضة لأني أعيش هنا وكل شيء يخضع لسيطرة محكمة وأنا أخشى على أسرتي. لذا فإن عدم ذهابي إلى مركز الاقتراع يوم الانتخابات هو أقل ما يمكن أن أفعله".
وبينما أشاد حلفاء الأسد مثل إيران وروسيا وحزب الله اللبناني بالانتخابات، قال الاتحاد الأوروبي إن الانتخابات غير مشروعة، فيما وصفها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بأنها "صفر كبير للغاية".
وقال ياسين أقطاي رئيس لجنة الشؤون الخارجية في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا إن الانتخابات في سورية ومصر "مسرحية كاملة". وكان قائد الجيش السابق في مصر عبد الفتاح السيسي قد حصل على 96.9 في المئة من الأصوات في إقبال على التصويت كان أقل من المتوقع.
وأضاف أقطاي "في سورية كانت هناك انتخابات دون صناديق اقتراع لا يمكن لأحد أن يرى أين وضعوا صناديق الاقتراع. في مصر كانت انتخابات بدون ناخبين".
ويعتقد أن كثيرا من الأغلبية السنية الذين شاركوا في التصويت للأسد إما لأنهم سئموا الصراع وإما لخوفهم من العقاب إذا لم يشاركوا في التصويت.
وتقول سيدة لها أبناء في سن التجنيد: "نحن نعيش هنا وعلينا المشاركة في هذه المسرحية... إذا كان التصويت يعني بقاءنا بعيدا عن دائرة الاشتباه ولا أحد يضايقنا ولا أحد يضايق أبنائي فالأمر يستحق. فضلا عن ذلك فإن صوتي لن يصنع فارقا على أي حال لأنه سيفوز بغض النظر عن أي شيء".
وأضافت وهي ترفع إصبع السبابة وقد غمست طرفه في الحبر الفوسفوري: "أشعر أنني فعلت الصواب لوجود هذا الحبر".
على أن الاهتمام بمشهد
الأصابع المصبوغة بالحبر ليس العلامة الفارقة الوحيدة في الانتخابات السورية، بل كان لافتا أن مراكز اقتراع في سورية وضعت صناديق من الدبابيس لكي يتمكن الراغبون من التصويت بالدم للأسد من ثقب أصابعهم.
كما برزت مشاهد من قبيل تصويت أشخاص غير سوريين من مؤيدي الأسد في الأسد في الانتخابات، فيما لم يتورع عديدون عنالكشف عن تصويتهم مرات عدة دون أي قيود. بل إن مراسلا أجنبيا لإحدى الوكالات في بيروت كتب على تويتر أنه ليس هناك أي تدقيق في الهويات في السفارة السورية، قائلا إنه كان بإمكانه التصويت لو أراد.
وفي سابقة غير معهودة بالانتخابات التي وصفها رئيس الوزراء النظام السوري بأنها "نموذج يحتذى" في الديمقراطية، قام كثيرون باستخدام صور هويات أشخاص آخرين على الواتساب للتصويت نيابة عنهم.
ولكي يكتمل المشهد، أبرزت لقطات بثت بالخطأ على التلفزيون السوري الرسمي قيام المراسلة بتلقين نسوة في طرطوس ماذا عليهن أن يقلن، دون أن تعلم المراسلة أنها على الهواء مباشرة.