تقارير

نموذجان في الأدب الفلسطيني رسخا الهوية الوطنية

كاتبان فلسطينيان جسدا هويتهما الوطنية إبداعيا شعريا ونقديا
كاتبان فلسطينيان جسدا هويتهما الوطنية إبداعيا شعريا ونقديا
يعتبر الأدب بكافة فنونه، الشعر والمسرح والقصة والرواية وكذلك النقد الأدبي، بحد ذاته أحد أركان الهوية الوطنية الفلسطينية التي تجسدت عبر تاريخ فلسطين الطويل، وفي هذا السياق نستحضر سيرتين لنموذجين فلسطينيين في الشعر والنقد الأدبي، هما الشاعر الراحل يوسف الخطيب والناقد الراحل حسام الخطيب.
  
يوسف الخطيب

وُلد الشاعر الفلسطيني يوسف الخطيب في مدينة دورا قضاء محافظة الخليل عام 1931. تلقى تعليمه الابتدائي في مدارسها، ثم انتقل ليكمل دراسته الثانوية في مدينة الخليل. عمل بعدها لفترة قصيرة في إحدى الصحف المحلية في الأردن قبل أن يتوجه إلى دمشق سنة 1951 حيث التحق بكلية الحقوق بالجامعة السورية وتخرج منها سنة 1955 بإجازة في الحقوق، ودبلوم اختصاص في الحقوق العامة. وأثناء دراسته الجامعية انتسب يوسف الخطيب إلى حزب البعث العربي الاشتراكي. في سنة 1955 قام طلبة الجامعة السورية بإصدار أول ديوان من شعره بعنوان العيون الظماء للنور، وهو عنوان القصيدة التي فاز بها بالجائزة الأولى في مسابقة مجلة الآداب والتي نظمت على مستوى الوطن العربي آنذاك. 


                                                  يوسف الخطيب

عمل في الإذاعة الأردنية حتى عام 1957، حيث غادر الأردن عقب أزمة حكومة سليمان النابلسي والتحق بالعمل في الإذاعة السورية. وفي هذه الفترة أصدر ديوانه الثاني بعنوان عائدون عام 1959. إثر ملاحقة البعثيين إبان الوحدة السورية المصرية، لجأ إلى بيروت، ومنها إلى هولندا حيث عمل في القسم العربي في إذاعة هولندا العالمية. لكنه عاد إلى العراق إثر ثورة 8 شباط ومنها إلى سوريا حيث استقر فيها بشكل نهائي. 

بعد فترة وجيزة من عودته أصدر ديوانه الثالث بعنوان واحدة الجحيم عام 1964، وفي عام 1965 تولى منصب المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون. لكنه تخلى عن الوظيفة الحكومية نهائياً عام 1966، ليؤسس دار فلسطين للثقافة والإعلام والفنون والتي أصدر عنها عدداً من المطبوعات، أهمها إصداره للمذكرة الفلسطينية بين عامي 1967- 1976. 

وفي نفس العام الذي ترك فيه الخطيب العمل الحكومي، شارك في أعمال الهيئة التأسيسية (لاتحاد الكتاب العرب) في سوريا، وأسهم في وضع نظامه الأساسي، والداخلي. وفي عام 1968 اختير بإجماع القوى والفعاليات الوطنية الفلسطينية في ذلك الحين، عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني (عن المستقلين)، وقد ظل محتفظا بموقعه هذا حتى وفاته. كما أنه شارك في المؤتمر العام التأسيسي (لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين المنعقد في بيروت) وتم انتخابه لنيابة الأمانة العامة للاتحاد.

في عام 1988 نشر يوسف الخطيب ديوانين اثنين، أحدهما بعنوان بالشام أهلي والهوى بغداد والآخر بعنوان رأيت الله في غزة، وهما آخر ما صدر للشاعر من دواوين مكتوبة. تجدر الإشارة هنا إلى أن الشاعر أصدر سنة 1983 أول ديوان سمعي في الوطن العربي على أربعة أشرطة كاسيت تحت عنوان مجنون فلسطين. توفي في دمشق عام 2011 وأقيم له عزاء في دار السعادة بدمشق أيام 17- 19 / 2011. 

ومن دواوينه: العيون الظماء للنور ـ طباعة مجموعة من طلاب الجامعة السورية عام 1955. عائدون ـ عن دار الآداب اللبنانية 1959. واحة الجحيم ـ عن دار الطليعة اللبنانية عام 1964. مجنون فلسطين: ديوان سمعي ـ عن دار فلسطين 1983. رأيت الله في غزة ـ عن دار فلسطين بدمشق عام 1988. بالشام أهلي والهوى بغداد ـ عن دار فلسطين بدمشق عام 1988. كما صدر للشاعر الراحل عام 1968 عن دار فلسطين مؤلفاً بعنوان ديوان الوطن المحتل يضم مجموعة من قصائد ودواوين شعراء فلسطين المحتلة عام 1948، أمثال محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد، إضافة إلى دراسة بقلم الشاعر عن الحركة الشعرية في فلسطين المحتلة. 

وصدرت للشاعر مجموعة قصصية وحيدة بعنوان عناصر هدامة عام 1964 عن المكتبة العصرية بلبنان، إضافة إلى سيناريو أدبي بعنوان مذبحة كفر قاسم، وقد حرص الخطيب على ترجمة هذا السيناريو إلى كل من الإنكليزية، الفرنسية، والألمانية.وتعتبرالمذكرة الفلسطينية برز إصدارات دار فلسطين، وأكثرها تأثيراً ورسوخاً في الذاكرة. حيث قام الخطيب بتسجيل يوميات القضية الفلسطينية فيها بالاستناد إلى عدد من المراجع الهامة في هذه القضية، وقد دأب على إصدارها لمدة تسع سنوات (من 1967- 1976) بخمس لغات عالمية، هي العربية، الإنكليزية، الفرنسية، الإسبانية، والألمانية.

حسام الخطيب 

ولد الناقد الفلسطيني حسام الخطيب عام 1932 في مدينة طبريا، بفلسطين، يعد واحدا من أبرز النقاد وأكثرهم تأثيرا في مجالات الأدب المقارن، النقد الأدبي، الأدب العربي الحديث، الترجمة، الثقافة وقضاياها، اللغة العربية، مع اهتمام خاص بالأدب العربي الفلسطيني والقضية الفلسطينية.حصل على دبلوم صحافة عام 1950 ثم حاز شهادة جامعية في اللغة العربية وآدابها، من جامعة دمشق عام 1954، ودبلوم الاختصاص في التربية من جامعة دمشق عام 1955، وشهادة جامعية في اللغة الإنجليزية وآدابها، من جامعة دمشق عام 1959، ودكتوراه في الآداب من جامعة كامبريدج عام 1969. من أشهر كتبه: ملامح في الأدب والثقافة الصادر عام 1977، نزار قبانى أمير الحرية وفارس العشق، في التجربة الثورية الفلسطينية عام 1972، أبحاث نقدية مقارنة عام 1972، الرواية السورية في مرحلة النهوض عام 1975، محاضرات في تطور الأدب الأوروبي ونشأة مذاهبه واتجاهاته النقدية عام 1975، ملامح في الأدب والثقافة واللغة عام 1977، القصة في سوريا عام 1982، الثقافة والتربية في خط المواجهة عام 1983، الأدب المقارن عام 1982، روايات تحت المجهر عام 1983.


                                                       حسام الخطيب

وحاز على جائزة الملك فيصل العالمية في مجال الأدب العربي عام 2002، وشهادات تقدير متفرقة من مؤسسات عربية أكاديمية وثقافية، ووسام النهضة الأردني من عمان عام 1976 .وتوفي الناقد الادبي حسام الخطيب في منتصف شهر تشرين الثاني 2022 في دمشق عن عمر ناهز 90 عاماً . وقد ترك كل من الراحلين الشاعر يوسف الخطيب والنقاد حسام الخطيب إرثاً أدبياً فلسطينياً وازناً، ليضاف إلى منتوجات  الهوية الوطنية الفلسطينية العصية عن الطمس والتغييب. 

*كاتب فلسطيني مقيم في هولندا

التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم