هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع تصاعد التوتر الأمني والعسكري الإسرائيلي بالجبهة الشمالية مع لبنان، حذرت أوساط عسكرية من نشوب مواجهة قتالية وشيكة بسبب الخلاف بينهما حول حقول الغاز في البحر المتوسط، والنزاع الناشب حول ترسيم الحدود البحرية، وسط إطلاق تهديدات متبادلة بين الجانبين في الآونة الأخيرة.
تأتي هذه المخاوف الإسرائيلية مع مرور الذكرى السنوية السادسة عشرة لاندلاع الحرب الإسرائيلية اللبنانية الثانية في مثل هذه الأيام من عام 2006، حين تم اختطاف جنديين إسرائيليين، واستمرت الحرب 34 يوما، سقط فيها 165 جنديا ومستوطنا إسرائيليا، وما زالت ذكراها تشكل حالة من "كي الوعي" للإسرائيليين.
الجنرال آيال بن رؤوفين نائب قائد المنطقة الشمالية السابق علّق على الحملة العسكرية المستقبلية، بقوله إن "الجيش يجب أن يكون مستعدًا لشن هجوم شامل في الجو والبحر، مع التركيز على العمليات البرية، خاصة مع هذه الذكرى السنوية للحرب، التي أنهيتها بإحساس سيء شديد للغاية من قبل القيادة العسكرية والسياسية، وهناك شعور مخيف في أوساط الإسرائيليين بأن أي حرب قادمة قد تندلع، وبأسرع وقت ممكن، ولكن دون توفر حالة من الجاهزية لدى جيش الاحتلال".
وأضاف في حوار نشرته صحيفة معاريف، ترجمته "عربي21" أن "مرور هذه الذكرى السنوية للحرب الثانية تتزامن مع ما تعيشه الأصعدة العسكرية والسياسية اليوم في دولة الاحتلال، لقد ظننا حينها أنه من الممكن كسب الحرب بالنار فقط، دون مناورة، ودون استخدام كل القوة، ولذلك استمرت أكثر من شهر، واليوم يتوجه عدد من الجنرالات إلى رئيس الأركان للسماع منه كيف يرى الحرب القادمة مع لبنان، ومعرفة كيفية عمل القيادة الشمالية، لكن الأهم أن الجيش يجب أن يكون مستعدًا لحملة سريعة للغاية".
تتزايد التقديرات العسكرية الإسرائيلية أنه في حالة شن هجوم ضد حزب الله، فإنه سيشمل البنية التحتية للدولة اللبنانية بشكل عام، رغم وجود فروقات جوهرية بين حزب الله في عام 2006 وعام 2022، من حيث تنامي قدراته النارية، وقد أخذت تتنامى، وباتت أعلى بكثير وأكثر دقة.
في الوقت ذاته، تؤكد المحافل الاستراتيجية الإسرائيلية أن مرور كل هذه الأعوام على تلك الحرب الصعبة والقاسية، يشير إلى أن الاحتلال خاض تلك الحرب وفق قواعد حزب الله، وانزلق في معركة، كان للحزب تفوق نسبي فيها؛ ولم يكن بمقدور الجيش أن يحقق النصر منذ البداية، والنتيجة أن الحرب باتت تشكل "فيتنام إسرائيل"، التي حاولت إخضاع تنظيم عصابات بواسطة القصف المدفعي والجوي، دون مناورات مكثفة، واستخدمت قواتها بصورة تدريجية متدحرجة، بينما انكسرت الرغبة الشعبية في ظلّ عدد القتلى والمصابين.
الخلاصة الإسرائيلية أن الأنباء "السيئة" في نظر الإسرائيليين من هذه الحرب في ذكراها السادسة عشرة مفادها "أننا فشلنا"، لأن الحرب انتهت دون نصر، ودون أن يتمكنوا حتى من مجرد الادعاء به، مما تسبب بتدهور الردع الإسرائيلي، وطرح علامات سؤال حول وجود دولة الاحتلال ذاتها، ودورها في خارطة الشرق الأوسط الجديدة.
بل إن ما صدر من تصريحات عسكرية وسياسية إسرائيلية في ذكرى الحرب يوضح أن الاحتلال يقف بعد هذه الأعوام الطويلة من الحرب، عاجزا حائرا مرتبكا يخشى الحرب الثالثة، بسبب ما يمكن أن يتكبده من خسائر إذا أراد تصفية حساباته مع حزب الله، لأنه لن يكون دون حرب برية، والحرب البرية مكلفة، ومكلفة جداً!