هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عقب
الإعلان الإسرائيلي عن الخلاف بين أقطاب المؤسستين العسكرية والأمنية بشأن الموقف من
الاتفاق النووي مع إيران، أصدر وزير الحرب بيني غانتس إعلانًا غير معتاد حول المواقف
المختلفة بشأن النهج الذي يجب على إسرائيل أن تصوغه قبل المفاوضات حول اتفاق النووي،
كاشفا النقاب عن أن دولة الاحتلال، بمختلف أقطابها وأجهزتها، ستستمر في إجراء النقاش المفتوح
والعميق في "الغرف المغلقة فقط، لأن أي طريق أخرى للنقاش سيضر بأمن الدولة".
يوسي
يهوشع المراسل العسكري بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، كشف أن "تصريح غانتس
غير الاعتيادي جاء بعد يوم من إعلان استئناف المحادثات قبيل العودة إلى اتفاق النووي
بين إيران والقوى العظمى، حيث يعتقد كبار مسؤولي الاستخبارات العسكرية أنه من الأفضل
دعم صفقة سيئة حتى تتمكن من توفير الوقت، وإعداد خيارات هجوم موثوقة لإيران بدلاً من
عدم إرساء اتفاق على الإطلاق، حتى إن غانتس نفسه يدرك أن هذا هو الخيار الأقل سوءًا بالنسبة لإسرائيل، إلا أن جهاز الموساد رفض هذا الموقف، باعتباره الاتفاق مع إيران
خيارا سيئاً".
ونقل
في تقرير ترجمته "عربي21" عن "أوساط الموساد قولها إن تسريب موقف الاستخبارات
العسكرية هدفه التأثير على وزير الخارجية يائير لابيد الذي سيتولى رئاسة الحكومة في
الساعات القادمة، بحيث يصبح داعما لإنجاز اتفاق القوى العظمى مع إيران، لكن الموساد
ومعه الجيش، يعتبران أن الاتفاق سيمنح إسرائيل فقط عامين ونصف من الهدوء المؤقت مع
إيران التي ستواصل، بعد رفع العقوبات، دعم المنظمات المسلحة، متهما "أمان"
بأن موقفه الداعم للاتفاق سيكسب تكتيكياً، لكنه سيخسر استراتيجياً على المدى البعيد".
الجنرال
غيورا آيلاند الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي أكد أن "فرص التوصل إلى اتفاق
نووي بين إيران والقوى العظمى ليست كبيرة، وما زال المفتاح بيد الولايات المتحدة، وفي
هذه الحالة سيتعين على بايدن الاستماع لما تقوله السعودية وإسرائيل له، في حين أن المؤسسة
العسكرية الإسرائيلية مهتمة بمثل هذا الاتفاق، فيما يتعرض الإيرانيون لضغوط كبيرة، ما سيجعلهم أكثر استعدادا ومرونة للعودة إلى محادثات النووي، ولكن ليس من الواضح أن
الولايات المتحدة ستوافق على العودة إلى ما وافقت عليه طواعية قبل ستة أشهر".
وأضاف
في حوار مع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ترجمته "عربي21" أن
"المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية ربما تعتبر، رغم بعض الخلافات، أن الاتفاق
خيار مفضل، وتفضل إجراء تحسينات عليه، لأنه سيمنح إسرائيل ما لا يقل عن عامين ونصف
العام قبل أن تتمكن إيران من اتخاذ المزيد من الخطوات نحو حيازة الأسلحة النووية، وهذا
وقت كافٍ لإسرائيل لإعداد إجابات دفاعية وهجومية، لكن الثمن الإيراني المطلوب للعودة إلى الاتفاق هو الحصول على مليارات عديدة، مع التخوف من أن يذهب جزء كبير منها لاستئناف النشاط
المعادي ضد إسرائيل في كثير من المجالات".
وهذه ليست
المرة الأولى التي تبدي فيها دولة الاحتلال خلافات داخلية حول الموقف من اتفاق النووي
مع إيران، أو تفضيل الخيار العسكري لمهاجمتها، فقد سبق أن اختلف المستويان السياسي
والعسكري، واختلفت الحكومة والمعارضة، لكنها من المرات القليلة التي يعلن فيها عن خلاف
بين أقطاب الجنرالات أنفسهم حول هذه القضية وبصورة علنية، ما يحمل دلالات مهمة، بينها
أن قناعة إسرائيلية تتعزز بشأن قرب إنجاز الاتفاق النووي، وثانيها محاولة استدراج رئيس
الحكومة القادم لابيد لواحد منها.
في الوقت
ذاته، ربما تبقى الخلافات قائمة بين قيادة جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية كالموساد وأمان
حول هذه القضية، وفي هذه الحالة لا يتم استبعاد الأبعاد الشخصية، لأن قائده أفيف كوخافي
ربما يود اختتام مسيرته العسكرية في كانون الثاني/ يناير المقبل بتنفيذ عملية عسكرية
كبيرة ضد إيران، رغم علمه بأنها لن تكون نزهة مسلية، بل قد تتكبد دولة الاحتلال بسببها
خسائر كبيرة، كما أن خروج خلافات الجنرالات إلى العلن يكشف عن ضعف شخصية المستوى السياسي
أمامهم، وغياب قدرته على ضبط النقاشات في الداخل، والداخل فقط.