مع قرب السباق الدرامي المعتاد في
شهر رمضان؛ انطلقت دعوات تطالب قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي بدعوة
الفنانين إلى التبرع لمصر، بدلا من قصر ذلك على الطبقات الكادحة.
وانتقد نشطاء وسياسيون، كبار الفنانين والمطربين، لعدم تبرعهم لاقتصاد
مصر المتهاوي، أسوة بما قدمه الفنانون للمجهود الحربي إثر نكسة 1967 وحتى نصر تشرين الأول/أكتوبر 1973.
وفي منتصف عام 2014؛ نفى الممثل عادل إمام تبرعه بـ52.5 مليون جنيه لمصر، واصفا ذلك بـ"الشائعة السخيفة". وفي 25 شباط/فبراير 2016؛ أعلن الشاعر أيمن بهجت قمر، مؤلف أغنية "بشرة خير" أنه لن يتبرع لمبادرة "صبّح على مصر" التي أطلقها السيسي.
ملايين الفنانين
واستفزت الأرقام المعلنة عن أجور الفنانين ملايين المصريين الذين يقبع 27 بالمئة منهم تحت خط الفقر.
وخلال الموسم الرمضاني الحالي؛ تقاضى الفنان عادل إمام 45 مليون جنيه عن مسلسل "عدلي علام"، كما نال أحمد السقا 40 مليون جنيه عن مسلسل "الحصان الأسود"، وحصل كريم عبدالعزيز على 38 مليون جنيه عن مسلسل "الزئبق"، وحصدت اللبنانية هيفاء وهبي مليوني دولار عن مسلسل "الحرباية"، وقبض محمد فؤاد 30 مليون جنيه عن مسلسل "الضاهر"، فيما وصل أجر غادة عبدالرازق 30 مليون جنيه عن مسلسل "أرض جو".
"اطلب من دول"
وعبر صفحته في موقع "فيسبوك" أطلق أستاذ الهندسة بجامعة قناة السويس، خالد رفعت، دعوة حملت عنوان "اطلب من دول (هؤلاء) يا ريس"، منتقدا تجاهل السيسي للفنانين الذين يحصدون الملايين، في حين يصر على حصار الطبقات الفقيرة بدعواته للتقشف تارة، وللتبرع تارة أخرى.
وقال رفعت، أحد أبرز مؤيدي قائد الانقلاب، إن "السيسي اقترح أن يتبرع كل موظف بجنيه، وطلب من أفقر فئات المجتمع الكادحة أن تقلل أكلها لرغيف يوميا، ولم يطالب الفئات التي تكسب ملايين في أيام معدودة بأي مشاركة".
من يدفع الفاتورة؟
وانتقدت المحامية والناشطة الحقوقية، نيفين ملك، التباين في تعامل النظام إزاء طبقات وفئات المصريين، مؤكدة أن "سياسات التقشف وفاتورة إملاءات صندوق النقد الدولي؛ يدفعها
الفقراء فقط، والذين يمثلون الأغلبية الساحقة من المصريين".
وقالت ملك لـ"عربي21" إن "من المنطقي أن يطلب السيسي التبرع ممن يحصل على الملايين، لا ممن يحصل على الملاليم، ولكن المنطق غائب، والمسؤولية هي المصلحة، وحسابات السلطة الضيقة، ودوائر التحالفات"، في إشارة إلى أن مصلحة السيسي مع الفنانين الذين يساندونه في جولاته الخارجية.
وبينت أنه "خلال العقود الماضية؛ تم تجريف مصر من قواها الناعمة، وتقلص دور الإبداع والفن الحقيقي الهادف والرائد في المنطقة، ولذلك خلت الساحة من الفنان المناضل صاحب القيم، إلا ما ندر".
وأشارت ملك إلى غياب "قيم التكاتف والإبداع وغيرها من القيم الجامعة"، مضيفة: "أصبح المجتمع يعاني من الطبقية الظالمة، واختل ميزان العدالة لصالح الأقلية التي تملك كل شيء، بينما الأغلبية الساحقة لا تملك شيئا".
نقيب الممثلين
واتصلت "عربي21" بنقيب الممثلين أشرف زكي، الذي أكد بدوره على دور الفنانين المصريين في خدمة بلادهم، إلا أنه رفض التعليق على دعوات مطالبة الفنانين بالتبرع لمصر أسوة بما يطلب من الفقراء، ممتنعا عن ذكر أسماء الفنانين الذين تبرعوا لصندوق "تحيا مصر" أو غيرها من مبادرات السيسي.
أشهر من تبرعوا
ولفت نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أن الفنانة ليلى مراد وزوجها أنور وجدي؛ كانا من أوائل من تبرعوا لمصر، حيث قدموا مئتي جنيه للجيش المصري أثناء حرب فلسطين عام 1948، كما تبرعت مراد بألف جنيه عام 1953 وقدمتها لمكتب الرئيس محمد نجيب.
وأشاروا إلى أن المطربة الراحلة أم كلثوم تبرعت بمجوهراتها، وبدخل حفلاتها الغنائية الداخلية والخارجية كاملة لصالح الجيش، إثر نكسة 1967، منوهين بمشاركة الفنانين فريد شوقي وتحية كاريوكا وسامية جمال ولبلبة في "أسبوع التسليح" لجمع التبرعات للجيش، والذي أقيم عام 1955 بعد قرار الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كسر احتكار السلاح والتحول إلى المعسكر الشرقي لتسليح الجيش.