ما زالت ردود الفعل الغاضبة متواصلة في
مصر، بسبب اللقاء الذي جمع نائب رئيس الجمهورية السابق بعد الانقلاب محمد
البرادعي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق
إيهود باراك، خلال حضورهما منتدى ريتشموند بالولايات المتحدة في 25 آذار/ مارس الماضي.
وتسببت الصور التي نشرت للقاء وأظهرت العلاقة الوثيقة بين البرادعي وباراك، في تعرض البرادعي لهجوم شديد، وانتقادات عنيفة من مؤيديه ومعارضيه على حد سواء.
وينظر كثير من العرب والمصريين إلى باراك باعتباره أحد أبرز مجرمي الحرب الصهاينة، والمسؤول عن عديد من المجازر بحق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية.
"لا فرق بينه وبين السيسي"
وقال رئيس حركة "مصريين ضد الصهيونية"، محمد عصمت سيف الدولة، إن "البرادعي أثبت بلقائه إيهود باراك أنه لا فرق بينه وبين السيسي، ونظام كامب ديفيد، وكل المطبّعين المصريين والعرب مع العدو الصهيوني".
وأضاف سيف الدولة عبر حسابه في موقع "فيسوك"، إن "أمثال هؤلاء لا يحق لهم أن يطرحوا أنفسهم كأنصار للثورة المصرية، أو بدلاء ديمقراطيين للنظام الحاكم المستبد"، وقال: "جميعهم مطبعون، سواء البرادعي الذي أعلن بنفسه عن اجتماعه بباراك، أم السيسي الذي أخفى لقاءه السري مع نتنياهو العام الماضي وفضحته الصحف الإسرائيلية".
وقال الصحفي محمد مصطفى موسى: "مفيش فرق بين تبرير جلوس البرادعي مع باراك، وبين فتوى ياسر برهامي بترك الرجل زوجته تغتصب ليحفظ نفسه.. كلها دياثة".
وقال الناشط وائل خليل: "البرادعاوية بتوع دي سياسة دولية وانتو مش فاهمين حاجة؛ ظهروا ولا لسه؟".
البرادعي يبرر
وفي محاولة لتبرير موقفه؛ أصدر البرادعي بيانا وضح فيه أن اللقاء كان "محاولة لشرح القضية الفلسطينية والقضايا العربية أمام الرأي العالمي كله، وبخاصة الرأي العام الأمريكي المنحاز لإسرائيل".
وأضاف عبر صفحته في "فيسبوك" أنه "يجب أن تكون لدينا الشجاعة لنكون حاضرين عندما تُبحث قضايانا بدلا من إخفاء رؤوسنا فى الرمال، ولا نخاف من مواجهة الأصدقاء والأعداء"، مؤكدا أن "استقطاب المتعاطفين من الإسرائيليين مع القضية الفلسطينية؛ أمر ضروري، ومشابه لما قام به مانديلا في جنوب أفريقيا بضم المتعاطفين معه من البيض؛ ليستطيع التخلص من نظام الفصل العنصري".
واستغرب البرادعي "موجة الهجوم عليه من الصحافة المصرية، التي احتفت بتصريحات السيسي حول السلام الدافئ مع إسرائيل"، متابعا بأنه "للمفارقة أيضا؛ فقد احتفى الجمهور العربي سابقا بتصريحات أردوغان في منتدى دافوس عام 2009، رغم أنه كان مع الرئيس الإسرائيلي الأسبق شيمون بيريز على نفس المنصة".
"لا يرى إسرائيل عدوا"
وتعليقا على لقاء البرادعي وباراك؛ قال أستاذ العلوم السياسية عبدالخبير عطية، إن البرادعي رجل سياسي يحب "الشو الإعلامي" ويسعى وراءه باستمرار، مؤكدا أنه "أضاع الكثير من شعبيته في مصر؛ بسبب تصرفاته التي لا تتفق مع طبيعة المجتمع المصري، كما أنه خسر سياسيا بعدما كان يبدو بمظهر الزعيم الليبرالي الحكيم المنقذ للمصريين في بدايات ثورة كانون الثاني/ يناير 2011".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "البرادعي ينتهج الفكر الليبرالي، ولا يرى في إسرائيل عدوا له، ولديه كثير من الأصدقاء الاسرائيليين واليهود، من بينهم السفاح باراك الذي ارتكب مذابح كثيرة ضد الفلسطينيين، لكن هذا الفكر لا يقبله أي مصري وطني، ولا يوافق على ظهور البرادعي بكل هذه الحميمية مع باراك".
وأكد أن "شعبية البرادعي متدنية منذ فترة طويلة، لكن صوره الأخيرة مع باراك ستؤثر بشدة على أنصاره، وخاصة الشباب، وتجعلهم يبتعدون عنه أكثر وأكثر، كما أنها ستجعل أي شخص ما زال يحبه ويحترمه يراجع نفسه من جديد".
قضى على شعبيته
من جانبه؛ قال الباحث السياسي جمال مرعي إن "البرادعي ظهر مع إيهود باراك وكأنه صديق حميم، ونسي طبيعة وأيدلوجية المواطن المصري العاطفية، وكرهه لإسرائيل، ولم يفكر ولو لثانية واحدة في التاريخ الأسود للشخص الذي يظهر بجانبه، وهل يحظى باحترام المصريين والعرب أم لا".
وأضاف لـ"
عربي21" أن ظهور البرادعي مع باراك سيقضي بالقطع على القليل المتبقى من شعبيته، مشيرا إلى أن الرجل خسر أنصار مبارك في بداية الثورة، ثم خسر الإسلاميين لاحقا، وأخيرا خسر أنصار السيسي بسبب حملة التشويه الكبيرة التي يتعرض لها منذ أن استقال من منصب نائب رئيس الجمهورية، وغادر مصر عقب مذبحة فض اعتصام رابعة في آب/ أغسطس 2013.